الفصل العنصري.. بديل حكومة ميانمار لمخيمات نازحي الروهينغا

الخميس 6 ديسمبر 2018 06:12 ص

لا يزال المئات من المسلمين يحاولون الفرار من ميانمار عبر ركوب زوارق تجاه بنغلاديش، في الوقت الذي تركزت فيه أنظار العالم على فشل جهود إعادة مئات الآلاف ممن سبق لهم اللجوء إلى هناك، الشهر الماضي.  

وتقول حكومة ميانمار، التي تتعرض لضغوط دولية لتسوية محنة الروهينغا، إنها تعمل الآن على إغلاق المخيمات باعتبار أن ذلك سيسهم في تحقيق التنمية والاستفادة من تشغيل سكان المخيمات، لكن 128 ألفا من النازحين المسلمين ما زالوا يعيشون في مخيمات مزدحمة بولاية راكان الغربية بعد 6 سنوات من إحراق جماعات من البوذيين لأغلب بيوتهم.

ونقلت رويترز عن عشرة من سكان خمسة مخيمات أن خطوة حكومة ميانمار يجب أن تقوم على بناء المزيد من البيوت الدائمة في مناطق مجاورة للمخيمات لا السماح للاجئين بالعودة للمناطق التي فروا منها دون تغيير يذكر في وضعهم.

وأوضح السكان أن من انتقلوا إلى أماكن الإقامة الجديدة ما زالوا يخضعون للقيود المشددة على تحركاتهم مثلما كان الحال في السابق.

وأضافوا أن قيودا مشددة لاتزال مفروضة على من يقبلون بطاقة الهوية، التي يرفضها أغلب الروهينغا أصلا "لأنها تعني معاملتهم معاملة الأجانب الذين يتعين عليهم إثبات جنسيتهم" حسب قولهم.

فصل عنصري

ومن جانبه، حذر كبير مسؤولي الأمم المتحدة "نوت أوستبي" في مذكرة خاصة بتاريخ 24 سبتمبر/أيلول الماضي من أن خطة حكومة ميانمار لإغلاق المخيمات "تجازف بتكريس الفصل من جديد في الوقت الذي تحرم فيه النازحين داخل البلاد من كثير من حقوقهم الإنسانية الأساسية".

وتقول قيادات الروهينغا إن تحسين الظروف لمن لا يزالون في راكان من العوامل الأساسية في إقناع مئات الآلاف في مخيمات اللاجئين في بنغلاديش بالعودة.

وتحول شبكة من نقاط التفتيش الحكومية وتهديدات من السكان البوذيين دون انتقال المسلمين بحرية في ولاية راكان.

وتقول المصادر إن المسلمين أصبحوا بذلك معزولين عن مصادر الرزق وأغلب الخدمات معتمدين على الهبات الإنسانية.

وقال "كياو آي" (أحد القيادات في مخيم نيدين بوسط الولاية): "نعم انتقلنا إلى بيوت جديدة.. لكننا لن نتمكن قط من الوقوف على أقدامنا لأننا لا نستطيع الذهاب إلى أي مكان".

وحاورت رويترز المسلمين النازحين في راكان هاتفيا؛ لأن الصحفيين ممنوعون من الوصول إلى المخيمات دون مرافقة السلطات.

وقال "خين موانج" ناشط من شباب الروهينغا في بنغلاديش: "إذا كانوا (اللاجئين) قد اختاروا الذهاب بحرا فهذا دليل واضح على الأوضاع في مخيمات النازحين في الداخل".

وأكد أنه على اتصال بمسلمين يعيشون مثل السجناء في المخيمات بوسط راكان، قائلا: "إذا كانت تلك هي أوضاعهم المعيشية فكيف يمكن لنا أن نوافق على العودة؟".

وفي المقابل، قال وزير الرعاية الاجتماعية والإغاثة وإعادة التوطين في ميانمار "وين ميات آي" إن بلاده تعمل على تحسين معيشة النازحين في الداخل ومن يحتمل عودتهم من الخارج.

وأضاف: "أفترض أن النازحين يرحلون في زوارق لأنهم لا يدركون تمام الإدراك ما نرتبه لهم من وسائل الإقامة والرزق والتنمية الاجتماعية الاقتصادية".

مأساة راكان

ويقع أحد المخيمات الثمانية عشر الباقية في راكان خارج بلدة ميبون بوسط الولاية والتي شهدت أعمال عنف طائفية في 2012.

وتعرضت الطائفة المسلمة، التي يبلغ قوامها 3000 شخصا، للطرد وتم حصرها في مخيم يعرف باسم توانجباو في شريط ضيق بين المدينة التي لا يعيش فيها الآن سوى البوذيين وبين خليج البنغال فيما كان يفترض أن يكون ترتيبا مؤقتا.

وبنت سلطات ميانمار هذا العام 200 بيتا جديدا في حقول للأرز بجوار المخيم رغم مخاوف من تعرض المنطقة للسيول، لتغرقها المياه بالفعل في أوائل يونيو/حزيران الماضي.

وفي سبتمبر/ أيلول بنت الحكومة مبنيين جديدين من المقرر أن يصبحا مدرستين "للمسلمين فقط".

عدوانية طائفية

ويحمل بعض المسلمين في ميبون جنسية ميانمار بينما قبل آخرون البطاقات الوطنية، ويقولون إنهم لا يستطيعون زيارة المدينة حيث التوتر الطائفي شديد منذ أعمال العنف التي وقعت في 2012.

وفي بعض الأحيان منع البوذيون في راكان وصول المساعدات الإنسانية للمخيم.

وقال "أونج تار كياو" (أحد قيادات الطائفة البوذية في ميبون) إن "الطائفتين مختلفتان بشدة لدرجة يستحيل معها العيش معا"، واصفا المسلمين بأنهم "عدوانيون جدا".

وأضاف: "الحكومة بنت لهم بالفعل بيوتا جديدة لذا فلا حاجة بهم لدخول البلدة".

وعن ذلك، تحدثت مذكرة داخلية أعدتها وكالة الأمم المتحدة للاجئين في أواخر سبتمبر/ أيلول، عن "سيناريو لتنفيذ سياسة للفصل العنصري تقوم على الفصل الدائم لجميع المسلمين وأغلبهم من الروهينغا بلا جنسية في وسط راكان".

وأكد سكان سابقون في نيدين على مسافة نحو 100 كيلومتر شمالي توانجباو إن وضعهم لم يطرأ عليه تحسن منذ أعلنت وسائل الإعلام الرسمية عن إغلاق المخيم في أغسطس/ آب.

وأضافوا أنهم عجزوا عن العودة إلى مدينة كياوكتاو التي كان كثيرون منهم يعيشون ويعملون فيها قبل أحداث العنف في 2012.

ورغم أن نائب رئيس مركز الشرطة في المدينة "سوي لوين" صرح أن المسلمين "لا يمكنهم دخول البلدة"، إلا أنه نفى أنهم سيقابلون بالعنف.

استنكار بنغالي

وإزاء تصريح مشابه، قال مسؤولون بارزون من وزارة الخارجية في بنغلاديش إنها استدعت سفير ميانمار، الأربعاء، للتنديد بمقطع فيديو ظهر فيه وزير الشؤون الدينية في ميانمار يقول: "الذين يعيشون كلاجئين في بنغلادش بعد أن هربوا من ميانمار "غُسلت أدمغتهم" كي يخرجوا في مسيرة إلى ميانمار التي يغلب البوذيون على سكانها".

وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية البنغالية: "نحتج بشدة على تصريحات وزيرهم الاستفزازية. إنها مؤذية أيضا لمشاعر المسلمين".

المصدر | الخليج الجديد - وكالات

  كلمات مفتاحية

ميانمار الروهينغا بنغلاديش راكان ميبون