بروكينغز: العقوبات الأمريكية على السعودية ليست كافية لردع سلوكها العدواني

الجمعة 7 ديسمبر 2018 06:12 ص

قد لا نعرف كل شيء عما حدث لـ "جمال خاشقجي" في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول، لكن ما نعرفه يقينا هو أنه قُتل على يد سعوديين، كانوا يتصرفون بناء على أوامر من رؤسائهم، في منشأة دبلوماسية سعودية.

ومثل التدخل في اليمن، ومثل اعتقال الناشطات والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومثل اختطاف رئيس الوزراء اللبناني "سعد الحريري" وإجباره على الاستقالة، كان قتل "جمال خاشقجي" عملا حكوميا سعوديا بامتياز.

ويتمتع الأمير "محمد بن سلمان"، بالسلطة المطلقة بدلا من أبيه الملك "سلمان"، بحكم الأمر الواقع، في هذه الحكومة. وهذه النقطة هي ما يجب علينا الاستناد إليها.

فلا مفر إذن من مسؤولية الحكومة السعودية عن هذا العمل المروع.

وبذلك تكون العقوبات ضد الأفراد الجناة، بموجب قانون "غلوبال ماغنيتسكي"، رغم أهميتها، غير كافية للتصدي لهذه الحقيقة، أو لمعالجة الأزمة في العلاقات الأمريكية السعودية التي نشأت عن تلك الجريمة.

ويتضح عمق هذه الأزمة في موقف الأغلبية من الحزبين في الكونغرس التي لا ترغب الآن في السماح لإدارة "ترامب" بالاستمرار في "العمل كالمعتاد" مع المملكة.

وقد يتفق بعض المسؤولين الأمريكيين مع السيناتور "ليندسي غراهام" على أن "بن سلمان" "مجنون، وخطير"، أو أنه "يدمر العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية". ولكن في الواقع، لا تملك واشنطن سوى قدرة محدودة على التأثير في خط الخلافة السعودي. ولحل هذه الأزمة الثنائية، يجب على الحكومة السعودية، متمثلة في شخص "بن سلمان" أو أي شخص آخر، تحمل المسؤولية، ودفع ثمن هذه الإجراءات، والتوجه نحو مسارٍ جديد.

 

 

 

 

ويعني تحمل المسؤولية أن على الحكومة السعودية أن تكف عن محاولة إلقاء اللوم في مقتل "خاشقجي" على فاعلين مارقين خرجوا على أوامر قادتهم، وتقبل أن المسؤولية عن تصرفات ضباطها تقع على عاتقها.

وكما اعتذر الرئيس "بوش" عن الانتهاكات في سجن "أبو غريب"، يجب على القيادة السعودية أن تعتذر لأسرة "خاشقجي"، وللحكومة التركية عن إساءة استغلال امتيازاتها الدبلوماسية، وإلى الولايات المتحدة عن استهداف مقيمها الدائم. (قد يؤدي ذلك إلى تقليص الحكومة التركية لحملتها المستمرة لإحراج المملكة بتسريب الأدلة التي تم جمعها حول عملية القتل).

وفي قتل "خاشقجي"، انتهكت الحكومة السعودية قاعدة دبلوماسية قائمة منذ أمد بعيد، وهي عدم قيام الحكومات بملاحقة منتقديها أو معارضيها على أرض أجنبية.

وعندما سمم الروس ضابطا عسكريا سابقا في المملكة المتحدة، طردت إدارة "ترامب" 60 دبلوماسيا، وانضمت لها عواصم أوروبية. ونظرا لإساءة استخدام المنشآت الدبلوماسية، سيكون من المناسب للولايات المتحدة والجهات الأخرى تخفيض أعداد وامتيازات الدبلوماسيين السعوديين في الولايات المتحدة. وإذا فشلت واشنطن في تطبيق هذه القاعدة، يمكننا توقع تصاعد تلك المخالفات، وربما نرى تركيا بعد ذلك ترسل عملاءها إلى بنسلفانيا وراء رجل الدين التركي "فتح الله غولن".

وأخيرا، هناك حقيقة أن مقتل "خاشقجي" كان جزءا من نمط السلوك السعودي العدواني غير المسؤول، الذي كان واضحا منذ أن بدأ "بن سلمان" في ترسيخ سلطته في يونيو/حزيران 2017. ولاستعادة علاقة العمل مع واشنطن، يجب على المملكة و"بن سلمان" إثبات أنهم ملتزمون بتغيير المسار.

وتعتبر التحركات الأخيرة لتسهيل محادثات اليمن خطوة أولى جيدة، لكنها غير كافية. كما يجب على السعودية أن تضع حدا لحملة الحصار ضد شريكتها في مجلس التعاون الخليجي، قطر، وأن تنشئ بدلا من ذلك جبهة موحدة في الخليج العربي ضد إيران وتنظيم الدولة وأن تعمل على إحلال السلام الإسرائيلي الفلسطيني.

وبشكل حاسم، يجب على حكام المملكة أن يدركوا أنه لا يمكن إقامة نظام حكم مستقر في مجتمع الشباب النشط والديناميكي بالاعتماد على الإكراه. ويجب الإفراج عن الناشطات اللواتي اعتقلن في مايو/أيار ويونيو/حزيران، إلى جانب المعتقلين الآخرين الذين طالبوا حكومتهم بسلام بتلبية احتياجات وطموحات شعبها.

لقد نشأت الأزمة الخطيرة التي تعاني منها الآن العلاقات الأمريكية السعودية في الرياض، من خلال الخيارات المتهورة للحكومة السعودية. ويمكن حل هذه الأزمة من قبل الحكومة السعودية أيضا، عبر تحمل المسؤولية عن أخطائها، وإظهار التزامها برسم مسار جديد.

 

 

المصدر | تمارا كوفمان ويتس - بروكينغز

  كلمات مفتاحية

جمال خاشقجي العلاقات الأمريكية السعودية العقوبات على السعودية محمد بن سلمان