في ذكرى تأسيسها الـ69.. أونروا صامدة رغم الأزمة

السبت 8 ديسمبر 2018 02:12 ص

الذكرى الـ69 لتأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، تأتي هذا العام مثقلة بأزمة مالية خانقة تشهدها الوكالة، جراء وقف التمويل الأمريكي لأنشطتها.

والسبت، تحتفل الوكالة الأممية بذكرى تأسيسها في سياق مختلف، مشحون بصعوبات مالية قد تضعف أنشطتها، غير أنها لن تفلح في وقف أنشطتها، وفق مراقبين.

وتقدم الوكالة خدماتها المعيشية الأساسية لنحو 5.9 ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين بقوائمها في مناطق عملياتها الخمس بالشرق الأوسط، أي سوريا، ولبنان، والأردن، وقطاع غزة، والضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية).

ويتخوف لاجئون فلسطينيون من تقليص خدمات "أونروا" العام المقبل أو تقويض عملها، جراء التحديات الكبيرة التي تواجهها عقب وقف واشنطن لمساهمتها المالية للوكالة.

وتعاني الوكالة أكبر أزمة مالية في تاريخها بعد قرار أمريكا، قبل أشهر، وقف كامل مساهمتها السنوية للوكالة البالغة 365 مليون دولار.

قرار شكل "ضغطا كبيرا" بالنسبة إلى الوكالة، وفق مصادر، ما يجعل من 2019 عاما حاسما ومهما للغاية.

صامدة رغم الأزمة

استبعد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني "وديع أبو نصار"، نجاح الإدارة الأمريكية الحالية بتقويض عمل وكالة "أونروا" في مناطق عملياتها الخمس.

لكنه رجح أن تشهد خدمات "أونروا" في عامها الجديد المزيد من التقليص.

وقال "أبو نصار": "من الممكن أن تؤثر السياسة الأمريكية بحق أونروا في ضرب خدماتها وإضعافها، لكنها لن تنجح في تقويضها أو وقفها".

وأكد استمرار الإجماع الدولي على "أهمية الدور الذي تقوم به أونروا في إغاثة وحماية اللاجئين الفلسطينيين".

كما اعتبر أن "انسحاب أونروا من إحدى مناطق عملياتها الخمس أمر مستبعد، لكن تقليص الخدمات أمر وارد جدا"، موضحا أن "الوكالة تعمل في مناطق ملتهبة، تزداد فيها احتياجات اللاجئ الفلسطيني".

وعن محاولة واشنطن إعادة تعريف اللاجئ، قال "أبو نصار"، إن "الولايات المتحدة حرة في كيفية تعريف اللاجئ، لكن اللاجئ أيضا يحق له تعريف نفسه".

وأعرب "أبو نصار" عن استغرابه لـ "تصرف واشنطن الذي لا يدل على فهم ولا إقرار بالواقع، في وقت يوجد فيه ملايين اللاجئين الفلسطينيين".

كما رأى في إعادة تعريف مصطلح اللاجئ أمرا يتنافى مع "الحقائق، ويضر بمصداقية واشنطن أكثر من ضرره على الفلسطينيين".

وفي 4 أغسطس/آب 2018، كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن الإدارة الأمريكية بدعم من مستشار الرئيس الأمريكي "غاريد كوشنر"، وأعضاء في الكونغرس، يعملون على إنهاء وضعية "لاجئ" لملايين الفلسطينيين من أجل وقف عمل "أونروا".

ونقلت المجلة أن هناك مشروعي قانون على الأقل يتم طرحهما في الكونغرس حاليا من أجل دفع هذه المسألة.

وقالت المجلة إنها حصلت على رسائل بريد إلكتروني تداولها "كوشنر" مع مسؤولين بالإدارة الأمريكية، دعا فيها صراحة إلى "ضرورة وقف عمل أونروا".

وسبق أن نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" في يوليو/تموز 2018، عن عضو في الكونغرس الأمريكي قوله، إنه يسعى إلى سن قانون جديد يعتبر عدد اللاجئين الفلسطينيين 40 ألفا فقط من أصل 5.9 ملايين لاجئ.

ويهدف العضو الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي "داغ لمبورن"، إلى تخفيض الدعم الأمريكي لـ"أونروا" عن طريق حصر تعريف اللاجئ الفلسطيني بمن تشردوا خلال النكبة فقط، واستثناء نسلهم من الأجيال اللاحقة.

ويقول "لمبورن" إن خلفية القانون الجديد مرتبطة بالاختلاف في تعريف الأمم المتحدة بين اللاجئ الفلسطيني، وبين باقي اللاجئين بالعالم ممن تتولى رعايتهم منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة غير "أونروا".

ويكمن الفرق بحسب "لمبورن"، في أن تعريف اللاجئ من غير الفلسطينيين ينحصر فقط في الجيل الأول، فيما تتوارث أجيال الفلسطينيين صفة اللجوء.

وتنسب الصحيفة إلى مصادر في الكونغرس، أن العدد سينحصر فقط في 40 ألف لاجئ منذ حرب 1948، وهو رقم ضئيل مقارنة بمعطيات "أونروا".

النشأة

تأسست "أونروا"، في 8 ديسمبر/كانون الأول 1949، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302.

ومنذ نشأتها، اعتُبرت "أونروا" وكالة مؤقتة تقدم المساعدات للفلسطينيين الذين هاجروا من أراضيهم عقب تأسيس دولة (إسرائيل).

وتتجدد ولاية الوكالة الأممية كل ثلاث سنوات، حتى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

وفي الأول من مايو/أيار عام 1950، بدأت العمليات الميدانية لوكالة "أونروا".

وتقدم "أونروا" التي بدأت عملياتها الميدانية عام 1950، مساعداتها للفلسطينيين عبر مقرين رئيسين، الأول بالعاصمة النمساوية فيينا، والثاني بالعاصمة الأردنية عمان، مع وجود مقرات أخرى (فرعية) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي كل من سوريا ولبنان.

ووفق بيانات الوكالة، تلتزم منذ عام 1950 "أونروا" بتقديم تلك الخدمات في أوقات الهدوء النسبي أو أوقات النزاعات.

كما تساهم في توفير حياة طويلة وصحية للاجئين الفلسطينيين، إلى جانب تحقيق مستويات معيشية تصفها بـ "اللائقة"، ومساعدة هؤلاء اللاجئين على التمتع بـ"حقوق الإنسان بأقصى درجة".

اللاجئون الفلسطينيون في أرقام

تشير سجلات "أونروا" إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها عام 2017، بلغ نحو 5.9 ملايين لاجئ، والرقم يمثل الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي).

وفي تقرير أصدره جهاز الإحصاء الفلسطيني في يونيو/حزيران 2018، شكل اللاجئون الفلسطينيون المقيمون بالضفة الغربية 17% من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الوكالة، مقابل 24.4% في غزة.

أما عربيا، فقد بلغت نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الوكالة بالأردن 39% من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين، في حين بلغت النسبة في لبنان 9.1%، وفي سوريا 10.5%.

وتشير الإحصاءات إلى أن 43% من مجمل السكان في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) لاجئون.

ففي الضفة ـ بما فيها القدس الشرقية ـ يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين 26.6 من إجمالي السكان، فيما وصلت النسبة في غزة إلى 66.2%.

ووفق البيانات نفسها، فإن 39% من اللاجئين الفلسطينيين تم تصنيفهم ضمن معدلات الفقر خلال عام 2017.

خدمات "أونروا"

تقدم "أونروا" خدمات متعددة للاجئين المسجلين لديها، تشمل مجالات التعليم والصحة، والإغاثة، والخدمات الاجتماعية.

ويعيش نحو ثلث إجمالي اللاجئين المسجلين في 58 مخيما، تشرف عليها الوكالة.

وتتوزع مخيمات اللاجئين بواقع 12 مخيما في لبنان، و10 في الأردن، و9 في سوريا، و27 مخيما في أراضي السلطة الفلسطينية، موزعة بدورها بواقع 19 مخيما في الضفة، و8 في غزة.

وبخصوص المنشآت التابعة لها بالدول التي استقبلت اللاجئين الفلسطينيين، أسست "أونروا" نحو 900 منشأة، مثل المدارس والعيادات الصحية ومراكز التدريب المهني، يعمل فيها نحو 30 ألف موظف في مناطق عملياتها الخمس (الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وغزة).

أما البرنامج التعليمي الذي تقدمه "أونروا" فيعتبر من أكبر البرامج التابعة للوكالة، إذ يستحوذ على أكثر من نصف ميزانيتها العادية (البالغة تقريبا 1.2 مليار دولار سنويا)، وفق مسؤولين أمميين.

وبحسب "أونروا"، فإنها تدير أكبر نظام مدرسي في الشرق الأوسط، وذلك بوجود أكثر من 703 مدارس.

وإلى جانب التعليم، أسست "أونروا" مراكز تدريب مهني في عدة مجالات متنوعة.

ومن خلال برنامج الصحة، تهدف الوكالة إلى تمكين اللاجئين من العيش حياة طويلة وصحية، وتوفير بيئة معيشية صحية، كما تقول.

فيما يهدف برنامج الإغاثة والخدمة الاجتماعية إلى تزويد اللاجئين الذين يعانون الفقر، بمساعدة شبكة الأمان الاجتماعي بشكل دوري، وتعزيز التنمية والاعتماد على الذات.

  كلمات مفتاحية

أونروا أمريكا غزة فلسطين لاجئين مساعدات