إسرائيل والسعودية: بناء علاقات فوق رمال متحركة

الثلاثاء 15 يوليو 2014 07:07 ص

جيمس دورسي، هوفنغتن بوست، 13/07/2014 - ترجمة: الخليج الجديد

انتهت منذ فترة طويلة الأيام التي كانت فيها السعودية هي الدولة العربية الوحيدة التي صممت قواعد إصدار تأشيرة الدخول لمنع اليهود من دخول المملكة، وأهدى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إلى وزير الخارجية الأمريكي الزائر هنري كيسنجر كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون". لا تزال السعودية ترفض إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل طالما أنها ترفض الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967. لكن التصورات حول التهديدات المشتركة وسعت نطاق علاقات غير رسمية منذ فترة طويلة لدرجة أن المملكة وإسرائيل لا تشعران باضطرارهما إلى الاعتراف علنا باتصالاتهما والإشارة إلى خفض الجدران التي تفرقهما.

السعودية وإسرائيل تشتركان كدولتين في قليل من القيم، رغم بعض القيم الثقافية المشتركة بين الوهابية، صورة متقشفة من الإسلام اعتمدتها المملكة، واليهود الأرثوذكس المتزمتين. لكن لديهما مصالح مشتركة بشكل متزايد. فهما يعتبران إيران، لا سيما إيران ذات القوة النووية، تهديدا وجوديا ويتشاركان تصميما على هزيمة الإخوان المسلمين والمجموعات التي تستلهم نهج تنظيم القاعدة ويدافعان بأقصى قدر ممكن عن الاوضاع السياسية القائمة بالمنطقة ضد التغيير الذي يهدد بإحلال أنظمة يسيطر عليها إسلاميون متشددون محل الأنظمة الاستبدادية الأوتوقراطية.

أشارت سلسلة من الأحداث الأخيرة إلى أن تلك المصالح المشتركة جعلت السعودية، والتي تقدم نفسها - بناء على ثروتها النفطية وعضلاتها المالية ورعايتها للحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة - كزعيمة العالم العربي أقل ميلا إلى الإعلان عن علاقاتها بإسرائيل في غياب تسوية للقضية الفلسطينية. نتيجة لذلك، فإن إسرائيل، التي استوعبت طويلا حاجة السعودية لسرية العلاقات، أصبحت أيضا أكثر صراحة حول التعاون بين الدولتين.

"كل شيء تحت الأرض، ليس هناك شيء علني. لكن تعاوننا الأمني ​​مع مصر ودول الخليج فريد من نوعه. هذه أفضل فترة علاقات أمنية ودبلوماسية مع العرب. العلاقات مع مصر تحسنت بشكل كبير" منذ الانقلاب العسكري في العام الماضي ضد أول وآخر رئيس لمصر منتخب ديمقراطيا، ​الإخواني ​محمد مرسي، بحسب الجنرال عاموس جلعاد، مدير إدارة السياسات بوزارة الدفاع الإسرائيلية والعلاقات السياسية والعسكرية.

واصفا الحدود الأمنية لإسرائيل مع الأردن، الدولة العربية الوحيدة التي وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل بجانب مصر، كالحدود بين الأردن والعراق، يمضي جلعاد قائلا: "إن الخليج والأردن سعداء بأننا ننتمي إلى تحالف غير رسمي. والعرب لن تقبل أبدا هذا علنا لكنها ذكية بما يكفي لتعزيز أرضية مشتركة".

رغم نفي السعودية المتكرر لأي صلة بإسرائيل والتزامها الرسمي بالمقاطعة العربية لكل شيء إسرائيلي، أبدت المملكة علاقة مع إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، عبر لقاء في بروكسل جمع بين رؤساء الاستخبارات السابقين في إسرائيل والسعودية، وعبر أول مرة يصدر فيها ناشر سعودي ترجمة عربية لكتاب من تأليف أكاديمي إسرائيلي.

الحوار الذي جرى في أواخر مايو/أيار الماضي بين الأمير تركي بن فيصل آل سعود، شقيق وزير الخارجية الأمير سعود، الذي ترأس المخابرات السعودية 24 عاما، والجنرال عاموس يادلين، قائد استخبارات الجيش الإسرائيلي السابق الذي ادعت عليه مؤخرا محكمة تركية لتورطه في الاقتحام الإسرائيلي للسفينة التركية مافي مرمرة في 2010 التي سعت لكسر الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة، يمثل أعلى إقرار سعودي بالعلاقات بين البلدين. التقى السعوديون والإسرائيليون من قبل في العلن، ومضى الأمير تركي هذه المرة بعيدا لترويج خطة سلام 2002 برعاية سعودية والتي تعرض الاعتراف العربي بإسرائيل مقابل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة وحل قضية فلسطين كعملية سلام خطوة بخطوة بدلا من أن تكون: خذها كاملة أو اتركها.

جاء لقاء رؤساء الاستخبارات عقب النشر المثير للجدل لترجمة كتاب "السعودية والمشهد الاستراتيجي الجديد" من تأليف جوشوا تيتلبوم، الأستاذ بمركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان. بينما واصلت الصحف السعودية نشر أعمدة الكتاب الإسرائيليين اليساريين الحمائم المعارضين لسياسة حكومتهم، كان نشر ترجمة كتاب تيتلبوم أول إصدار سعودي لمؤلف إسرائيلي من التيار (الصهيوني) السائد.

رغم هذه الانفتاحات، يبدو أن الإسرائيليين والسعوديين يختلفون في توقعاتهم حول المدى الذي يمكن أن يذهب إليه توثيق العلاقات بينهم. أشار الأمير تركي في بروكسل أنه يرى آفاق التعاون بين الدولتين بشأن قضايا محددة كخطوة أولى نحو إيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي. كان ذلك بعيدا كل البعد عن لهجة جلعاد الذين شبه علاقات إسرائيل المحسنة بالدول العربية المحافظة بـ"الطقس الصحو" وحذر من أنه لا ينبغي لأحد أن ينسى أن "سحبا سوف تأتي" في المنطقة، حيث تنهار دول وتهيمن قبائل، ويبقى التفوق العسكري الإسرائيلي هو الضمان الوحيد لها.

 

جيمس دورسي باحث أول بكلية الدراسات الدولية، جامعة نانيانغ التكنولوجية، سنغافورة. 

 

  كلمات مفتاحية

مركز أبحاث يديره مسؤول إسرائيلي يحرض على السعودية