ف.بوليسي: السعودية تشن هجوما على عضوات الكونغرس المسلمات

الأربعاء 12 ديسمبر 2018 09:12 ص

منذ انتخابات التجديد النصفي، استهدفت وسائل الإعلام الأمريكية المحافظة "إلهان عمر"، وهي عضوة ديمقراطية صومالية أمريكية ومسلمة متدينة ترتدي الحجاب.

وردًا على جهود الديمقراطيين الرامية إلى رفع الحظر على الحجاب في قاعة مجلس النواب لاستيعاب "إلهان عمر"، قال القس المحافظ "إي دبليو جاكسون" في برنامج إذاعي إن المسلمين يحولون الكونغرس إلى "جمهورية إسلامية".

والحزب الديمقراطي لديه العديد من النجوم السياسيين ذوي الخلفيات العربية أو الإسلامية، وقد أصبحوا جميعاً هدفاً لنظريات المؤامرة من هذا القبيل.

لكن الأمر لا يقتصر على المحافظين الأمريكيين الذين انغمسوا في هذه الحرب الثقافية، فقد كانت الهجمات المنظمة قادمة من الخارج خاصة من السعودية والإمارات.

لقد أدت انتخابات التجديد النصفي إلى تضخيم شكوك وسائل إعلام الشرق الأوسط حول النشاط السياسي الإسلامي في الولايات المتحدة.

واتهم أكاديميون ومنافذ إعلامية ومعلقون مقربون من حكومات الخليج مرارا "إلهان عمر" و"رشيدة طليب" (عضوة كونغرس مسلمة منتخبة حديثاً)، و"عبدالسيد" (الذي أجرى محاولة فاشلة ليصبح حاكمًا لميتشيغان) بكونهم أعضاء سريين بجماعة "الإخوان المسلمون" التي تعاديها حكومتا السعودية والإمارات.

ويوم الأحد، نشرت قناة "العربية" المملوكة لسعوديين موضوعا يتحدث عن "إلهان" و"رشيدة" بأنهما كانا جزءًا من تحالف بين الحزب الديمقراطي والجماعات الإسلامية للسيطرة على الكونغرس.

 واتهم المقال الاثنتين بأنهما "ضد ترامب وفريقه السياسي وخياراته، خاصة سياسته الخارجية بدءا من العقوبات المفروضة على إيران وعزل الإخوان المسلمون وكل حركات الإسلام السياسي".

وفي مثال آخر، تحدث برنامج حواري بمحطة MBC المملوكة للسعودية، عن عضوات الكونغرس المسلمات، وتداعيات هيمنة الديمقراطيين على مجلس النواب.

وناقش المذيع المصري البارز "عمرو أديب" المسألة مع أستاذ العلوم السياسية المصري "معتز عبدالفتاح" الذي قال إن انتصار الديمقراطيين سيقوض نجاح "ترامب" في محاربة الإسلاميين.

 وتصاعدت الهجمات في كل مكان بالخليج العربي وأصبح الاتجاه نفسه هو موضوع النقاش، سواء على الإنترنت أو على التليفزيون.

ومن حين لآخر، شن المسؤولون في تلك الحكومات هذه الهجمات في قلق واضح من انهيار جهود الضغط والعلاقات العامة باهظة التكاليف التي تبذلها بلدانهم.

وبعد ساعات فقط من فوز "إلهان" بالانتخابات، على سبيل المثال، اتهمها موظف في السفارة السعودية في الولايات المتحدة باتباع أيديولوجية "الإخوان المسلمون"، التي قال إنها تغلغلت في الحزب الديمقراطي.

وقال المستشار الثقافي في البعثة الثقافية السعودية إلى الولايات المتحدة التي تعد جزءًا من السفارة، والكاتب بـ"العربية" "فيصل الشمري" على "تويتر": "ستكون معادية للخليج ومؤيدة للإسلام السياسي الممثل في جماعة الإخوان المسلمون في الشرق الأوسط".

ولاحظ "عبدالسيد"، وهو أمريكي ولد لمهاجرين مصريين، الهجمات من المنطقة خلال حملته الانتخابية.

وضخمت وسائل الإعلام في الشرق الأوسط اتهامات مرشح جمهوري "باتريك كولبيك"، بأن "عبدالسيد" كان على صلة بـ"الإخوان المسلمون".

وذكرت صحيفة "اليوم السابع" المصرية أن "عبدالسيد" خسر الانتخابات على الأرجح لصلته بمنظمة أمة الإسلام "الراديكالية"، وعلاقته بالناشطة الإسلامية الأمريكية "ليندا صرصور" "المعروفة بآرائها الراديكالية".

ويقول "عبدالسيد" إن النخب السياسية في أماكن مثل مصر والسعودية والإمارات شعرت بالتهديد من جانب السياسيين الأمريكيين الذين هم مسلمون أيضًا.

كما أن صعود السياسيين من أمثال "عبدالسيد" و"إلهان" و"رشيدة" يقوض أيضا الحجة الأساسية التي قدمها الديكتاتوريون في الشرق الأوسط: إن شعبهم ليس مستعدا للديمقراطية.

وقال: "هذا يدمر الحجة من قبل السيسي أو بن سلمان"، مشيرا إلى الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" وولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان".

وتهكم بالقول: "من السخرية أنه لا توجد طريقة أتطلع بها لأن أكون في القيادة في مصر، مكان آبائي".

كذلك يخشى حلفاء أمريكا في المنطقة من أن القادة العرب الجدد في الحزب الديمقراطي سيدعون إلى التغيير السياسي في بلدانهم.

وبعد أن أنفقت ملايين الدولارات على حملات العلاقات العامة في العواصم الغربية، تشعر دول الخليج العربي بالتهديد من جانب أي صناع سياسات لهم اهتمام مستقل بالمنطقة ومعرفتها.

ونشر أحد المعلقين المعروف بترديد ما تقوله الحكومة، الإشاعة القائلة بأن "إلهان عمر" هي من أصل "يمني حوثي" وذلك بهدف تقويض هجماتها على الحرب التي قادتها السعودية ضد اليمن.

وكان الهجوم الأكثر شيوعًا على الإنترنت من قبل الكتلة بقيادة السعودية على الديمقراطيين المسلمين الأمريكيين هو تصنيفهم كأعضاء في جماعة "الإخوان المسلمون"، أو بشكل عام كإخوانجية، وهو مصطلح شامل للمتطرفين.

بدأت هذه الهجمات قبل انتخابات هذا العام بزمن طويل.

في عام 2014 ، أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن قائمة الإرهاب التي شملت مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) لصلاته المزعومة مع "الإخوان المسلمون".

وبدأت الهجمات التي تحاول ربط "إلهان" و"رشيدة" بـ"الإخوان المسلمون" بعد أن رحب مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية علنا ​​بانتخابهم بالكونغرس.

وانتقدت "نجاة السعيد" وهي أكاديمية إماراتية وسائل الإعلام العربية للاحتفال بانتصارات المسلمتين في الانتخابات النصفية، وأشارت إلى أن دعم مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية دليل على علاقتهن بـ"الإخوان المسلمون".

وشابت الهجمات على "إلهان" و"رشيدة" العنصرية، وكان من السهل على العرب الخليجيين توجيه الإهانات لـ"إلهان" بسبب تراثها الأفريقي، حيث تنتشر الصور النمطية السلبية عن الأفارقة الذين يعاملون بشكل سيئ كعمال مهاجرين في دول الخليج النفطية.

كان هذا واضحا في حملة وسائل الإعلام الاجتماعية التي أطلقها الشهر الماضي ضد "إلهان" من قبل "أحمد الفراج"، وهو كاتب وباحث سعودي يعمل مع شركة الاستشارات والأبحاث التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، وهي شركة أسسها مسؤول ومستشار سابق في شرطة دبي.

فقد هاجم الباحث "إلهان" لانتقادها رد "ترامب" الخافت على تقييم وكالة المخابرات المركزية بأن ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" من المحتمل أن يكون أمر بقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية في إسطنبول.

وقال "الفراج" الذي يحظى حسابه بأكثر من 600 ألف متابع: "هذه الكائنات البائسة التي تأتي من العوالم المتخلفة هي أكثر كرهاً لعرقها من أي عدو".

وانهالت الهجمات العنصرية ردا على ذلك، حيث غرد أحدهم بنشر صور "إلهان" مرفقة بالتعليق "عندما تشتري عبدا، تشتري عصا مع العبد. العبد قذارة بائسة".

وخلافا لموجة التعليقات العنصرية، فقد وجه لـ"إلهان" اتهامين زائفين وهما؛ أنها عضو في جماعة "الإخوان المسلمون"، وأنها تزوجت من شقيقها.

وتزايدت الهاشتاغات التي بها العشرات من الحسابات المجهولة بنفس اللغة مع اختلافات طفيفة، وهي نموذج للجيوش الإلكترونية التي يستخدمها "بن سلمان" لإسكات منتقدي المملكة.

وليس من المستغرب كثيرا حالة الخوف والذعر التي انتابت الحلفاء المتسلطون للولايات المتحدة من أصوات مثل "رشيدة" و"إلهان".

هذه الأنظمة استفادت دائما من الخيار الخاطئ الذي يقدمونه لصانعي السياسة في الغرب بالبلدان الإسلامية، كما يقولون، وهو أن المتطرفين هم البديل الوحيد للديكتاتوريين.

يتم تقويض هذه الحجة بشكل بالغ من قبل السياسيين الأمريكيين الذين يشاركون في أنظمة الحكم.

  كلمات مفتاحية

أمريكا مسلمين كونغرس