كارين عطية: أوجه شبه عديدة بين مأساة خاشقجي وإريك غارنر

الأربعاء 12 ديسمبر 2018 04:12 ص

"لا أستطيع التنفس".. 3 كلمات هي آخر ما نطق به الكاتب الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" قبل اغتياله داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وعبرت عن قوته ومأساته في الوقت ذاته، بحسب عنوان المقال الأخير لصديقته، محررة صفحة الآراء الدولية في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية "كارين عطية".

وذكرت الكاتبة في مقالها أن آخر مقال رأي نشره "خاشقجي" في "واشنطن بوست" بعد وفاته، كان دعوة لتتنفس الشعوب العربية حرية الصحافة، مشيرا إلى آمال أبنائها في الربيع العربي، وتوقعاتهم بعالم منير وحر، إلا أن هذه التوقعات سرعان ما تحطمت.

وإذا كان آخر مقال لـ"خاشقجي" دعوة إلى مساحة تنفس لإخوانه العرب، فإن آخر كلماته اليائسة قبل مقتله تمثل "القسوة المدمرة التي تم فيها خنق الحياة والأحلام من خلال الاضطهاد والعنف اللذين أشرفت عليهما الدولة ودون خوف من العقاب"، وفق تعبير المقال.

وتضيف كارين: "قبل 4 أعوام كانت كلمات (لا أستطيع التنفس) هي الكلمات ذاتها التي نطق بها (إريك غارنر) عندما خنق في مركز بوليس في نيويورك، وأصبح (هاشتاغ لا أستطيع التنفس) جزءا من صرخة التعبئة لحركة (هاشتاغ حياة السود مهمة أيضا) ضد العنصرية الأمريكية ووحشية الشرطة".

وأشارت الكاتبة الأمركيية إلى أن الوسم ذاته تضمن مشاركات عربية واسعة، الشهر الماضي، بعد مقتل "خاشقجي"، أغلبها عن عن الحياة تحت ثقل الديكتاتورية في الشرق الأوسط.

لم يكن "غارنر" مختلفا عن "خاشقجي"، بحسب المقال، فقد كان عمره 43 عاما، وهو الأسود الذي عمل في دائرة المتنزهات والترفيه التابعة لمجلس مدينة نيويورك، تماما كما كان "خاشقجي" موظفا داخل المؤسسة السعودية الحاكمة، وظل يتنقل في منفاه بين النخبة والأكاديميين من الجامعات الراقية ومراكز البحث ومع الشخصيات الإعلامية.

 كان "غارنر" ضحية قوة مفرطة مارستها عليه الشرطة، تماما كما كان "خاشقجي" ضحية مؤامرة اغتيال دولية أمر بها ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، كما تؤكد "كارين".

وجه شبه آخر بين الضحيتين، فالرعب في قصة كل منهما هو كيف واجه الاثنان نهايتهما وفي قلب المصير تفاهة الجرم الذي قتلا من أجله، فقد كان "غارنر" يبيع السجائر في زاوية ما، أما "خاشقجي" فقد ذهب إلى القنصية بناء على موعد كان يفترض أنه سيحصل فيه على أوراق تتعلق بزواجه المرتقب.

وتبين الكاتبة أنه في كلتا الحالتين فإن اليأس هو الذي ساد الرأي العام بعد إفلات القتلة من العقاب، فرغم وجود شريط فيديو يؤكد حالة "غارنر"، وتقييم لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يؤكد مسؤولية "بن سلمان" عن اغتيال "خاشقجي"، إلا أنه تم لوم الرجلين أحيانا على وفاتهما، بأسئلة من قبيل: "لماذا قاوم غارنر الشرطة ولم يستسلم؟ ولماذا ذهب خاشقجي إلى قنصلية بلد يعرف أنها تريد إسكاته؟".

وتنوه الكاتبة إلى أن مجلة (تايم) كرمت "خاشقجي" باعتباره شخصية عام 2018، كونه واحدا من حراس الحقيقة، وكان هذا اعترافا بعمل ومهمة الكاتب الصحفي السعودي، "لكن هناك المئات من أمثال جمال خاشقجي في العالم العربي ممن تدمرت حياتهم، ولن نعرف عن أسمائهم وحياتهم شيئا".

وتساءلت "كارين": "هل سنواصل القبول بالقتل والتعذيب والتغييب القسري للناس الأبرياء ثمنا لمواصلة الصفقات مع حكومات مثل السعودية والإمارات؟ وهل سنتسامح مع قادتنا وهم يساعدون الأنظمة القمعية والفاسدة للتستر على مقتل الصحافيين وسجن الناشطات؟ وهل يجب وزن الحياة الإنسانية بثمن السلاح وبراميل النفط؟ وهل سيواصل صناع السياسة والمؤسسات والإعلام تجاهل الأصوات والآراء القادمة من الشعوب العربية عند صياغة المواقف والسياسات المتعلقة بالمنطقة؟ أم إننا سنقوم برفعهم ووضعهم في مركز القصص والتقارير؟".

واختتمت محررة الآراء الدولية بصحيفة "واشنطن بوست" مقالها بالتأكيد على أن "جمال خاشقجي واجه نهايته القاسية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، لكن مهمته لكسر قيد الاضطهاد على المجتمعات العربية ستعيش بعده؛ لأن حياة الناس السود والبنيين والعرب مهمة".

  كلمات مفتاحية

كارين عطية جمال خاشقجي محمد بن سلمان إريك غارنر إسطنبول