هيرست يحذر: مخطط سعودي إماراتي لتدبير انقلاب في تونس

الخميس 13 ديسمبر 2018 10:12 ص

حذر الكاتب البريطاني الشهير "ديفيد هيرست" من مخطط سعودي إماراتي للانقلاب على التجربة الديمقراطية في تونس، لافتا إلى أن الرئيس "الباجي قايد السبسي" نأى بنفسه عن مقاومة تدخلات هاتين الدولتين بفعل الإغراءات المالية التي تقدم له.

وفي مقال نشره موقع "ميدل إيست آي"، تحدث "هيرست" عن العلاقة التي تأسست لمدة 4 سنوات بين زعيم حركة "النهضة"، "راشد الغنوشي" والرئيس التونسي "الباجي قايد السبسي"، رغم الخلافات الأيدولوجية بين الرجلين؛ فالأول يؤمن بالإسلام والديمقراطية والثورة، والثاني هو المحلل للنظام القديم (نظام زين العابدين بن علي).

ولفت "هيرست" -في هذا الصدد- إلى أن "نداء تونس"، حزب "السبسي"، عبارة عن ائتلاف من الرأسماليين والقوميين والعلمانيين، الذين توحدوا لهدف واحد هو رغبتهم في إبعاد حركة "النهضة" الإسلامية عن الخريطة السياسية للبلاد.

وأشار إلى الظروف إلى تأسست فيها العلاقة بين "السبسي" و"النهضة" في عام 2013، إثر لقاءات سرية جرت في باريس عقب أزمة اغتيال المعارضين السياسيين "شكري بلعيد" و"محمد البراهمي".

ونتج عن تلك اللقاءات صيغة للحكم؛ حيث حصل الإسلاميون على دستورهم، وحصل "السبسي" على السلطة.

وفي تلك الفترة، تجنب "السبسي" والرجال المقربون منه تلقي مبالغ كبيرة من المال السعودي والإماراتي لصالح اتفاق حقق بعض الاستقرار السياسي في تونس.

الذئب القديم لم يختف

ورغم إعلان النهضة، لاحقا، التخلي عن الإسلام السياسي، عبر الانفصال بين المسجد والحزب، ومحاولة خلق توافق في الآراء مع "نداء تونس" يشمل الحفاظ على نهج مؤمن في مكافحة الإرهاب والتعاون مع صندوق النقد الدولي، لكن "الذئب القديم في شخص السبسي عندما كان ضمن نظام الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة لم يختف بتاتا".

وقال في هذا الصدد: "عندما استبد القلق بالسبسي، كما يحصل مع جميع الرؤساء الذين يبلغون من العمر 92 عاما، بشأن خلافته، راح يدفع بابنه، القاصر سياسيا، حافظ قايد السبسي، إلى المقدمة ليكون خليفته من بعده. فما كان من تلك الرغبة في إيجاد سلالة حاكمة إلا أن فجرت شقاقا بعد الآخر داخل حزبه، وكان أول المغادرين محسن مرزوق الأمين العام لحزب النداء، الذي شكل حزبا خاصا به أطلق عليه اسم (مشروع تونس)".

وأدت تلك الانشقاقات إلى فقدان "نداء تونس" الأغلبية في البرلمان لصالح حركة "النهضة" التي جاءت في المرتبة الثانية في انتخابات 2014؛ إثر فوزها بـ69 مقعدا من أصل 217 مقعدا.

وحتى الآن، انشق ما يقرب من نصف "نداء تونس" الذي فاز بـ86 مقعدا في تلك الانتخابات.

وجلب تعيين "نداء تونس" لتكنوقراطي عديم الخبرة، "يوسف الشاهد"، رئيسا للوزراء المزيد من التوتر السياسي في تونس.

فقد كان "السبسي" يريد "الشاهد" كعامل قهوة له، لكن الأخير لم يكن كذلك فحدثت خلافات، وعندما أراد "السبسي" الإطاحة بـ"الشاهد" نجح الأخير في الحصول على دعم عدد كاف من النواب في البرلمان -43 حتى الآن- لمغادرة حزب "نداء تونس" معه. 

ومؤخرا، أعلن "السبسي" موت التحالف مع "النهضة" إثر ما اعتبره دعمها للانشقاقات التي حدثت في "النهضة".

وبعد أيام من تعليق عضوية "الشاهد" في "نداء تونس"، مؤخرا، تم إطلاق سلسلة من الدعاوى القضائية، وشمل ذلك، إدعاء محامي "بلعيد" و"براهمي" وجود "غرفة سوداء" تديرها "النهضة" لتدمير الأدلة على تورطهم المزعوم في قتل المعارضين اليساريين الاثنين، وهو ادعاء نفته "النهضة" بشكل قاطع.

كما أن اجتماع مجلس الأمن القومي، الذي انعقد لبحث هذا الملف المزعوم، أطاح بتلك الاتهامات.

وبشكل منفصل، أقام الأمين العام لـ"نداء تونس"، "سليم رياحي"، قضية أمام المحكمة العسكرية في تونس تزعم أن "الشاهد" خطط لانقلاب ضد الرئيس، لكن المحكمة رفضت ذلك الاتهام، الخميس.

تحذير لـ"النهضة"

وحذر "هيرست" من خسارة حركة "التهضة" المعركة السياسية الحالية، قائلا إن مصيرها سيكون "الحظر" كمصير جماعة "الإخوان المسلمون" في مصر والسعودية والإمارات.

ولفت إلى أن "وجود حركة إسلامية سلمية ذات مهارات سياسية قوية في تونس يمثل شوكة في حلق الديكتاتوريات في الخليج ومصر، وهي التي لم تدخر وسعا في محاولة إنهاء تجربة تونس الديمقراطية الغضة". 

وقال إن الإمارات والسعودية على وجه الخصوص "مصممتان على معاقبة التونسيين على خطيئة الديمقراطية".

وأضاف "هيرست": "لقد قاوم السبسي إغراءات تلك الأنظمة قبل 4 أعوام، لكنه لم يعد يقاومها الآن، فقد زار الملياردير المصري نجيب ساويرس السبسي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني في قصر قرطاج بهدف تطوير شراكات مع عدد من المؤسسات التونسية، وفجرت الزيارة غضب الناشطين الذين أطلقوا عليه لقب (عراب الانقلاب المصري)".

وتابع: "ثم وصل ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، ورغم الاحتجاجات التي انطلقت في طول البلاد وعرضها، ووصف وسائل الإعلام التونسية الزيارة بأنها إهانة لديمقراطية تونس بعد جريمة قتل جمال خاشقجي، لكن السبسي وصف بن سلمان بأنه ابنه، وكال المديح للعائلة الملكية في السعودية وأعاد التأكيد على العلاقة الخاصة بين البلدين".

ولفت "هيرست" إلى أن الزيارة أثارت حفيظة اليساريين العلمانيين والإسلاميين المحافظين على حد سواء.

واتهم الرئيس التونسي السابق "منصف المرزوقي" الرئيس "السبسي" بأنه يلهث وراء مال الفساد السياسي لدى المعسكر الإماراتي والسعودي.

وقال إن الرئيس يرتكب أخطاءً جسيمة من خلال توجيه اتهامات سخيفة لحركة "النهضة"، وذلك على الرغم من أن "المرزوقي" كان قد شعر بمرارة الخذلان عندما تخلت عنه "النهضة" لصالح "السبسي".

مدافع ثقيلة للانقلاب

وبعد أن غادر "بن سلمان" تونس، تخلف من ورائه 3 من مستشاريه الخاصين؛ حيث يتم في هذه الأثناء جلب مدافع ثقيلة أخرى إلى الساحة.

وأحد هذه المدافع يأتي على شكل السفير الإماراتي الجديد في تونس، "راشد محمد المنصوري".

كان "المنصوري" لعب دورا أساسيا في إقناع زعيم الكرد العراقيين "مسعود بارزاني" أنه لو توجه نحو الاستفتاء على الاستقلال فإن كردستان ستحظى بالدعم المالي من الخليج.

وبالفعل، قام "منصور" نجل "بارزاني"، والذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي، بزيارة سرية إلى أبوظبي قبل شهر واحد فقط من الاستفتاء الذي أجري في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول 2017.

وحذر "هيرست" من أن هذا لا يحمل أي أخبار سارة، "ونعلم ما الذي ينبغي أن نتوقعه. قد يحدث المزيد من الفوضى وقد يقع المزيد من الاغتيالات السياسية والتي لا يعلم أحد يقيناً منشأها، وإن كانت ستتهم بها حركة النهضة. وقد يثبت أن تجربة تونس الغضة مع الديمقراطية قصيرة العمر".

وأشار إلى أنه "من المفروض أن تُجرى في العام القادم انتخابات برلمانية ورئاسية، وما من شك في أن صعود أسهم النهضة ورئيس الوزراء يوسف الشاهد في استطلاعات الرأي سيحفز السبسي وحلفاءه الجدد في  السعودية والإمارات على بذل ما في وسعهم لتغيير النتيجة".

واختتم متسائلا: "هل سيجلس عالم أوروبا الذي تهيمن عليه البرلمانات على الهامش متفرجا عليهم وهم يخربون البرلمان في تونس؟ هل سيقف العالم مرة أخرى صامتا ويسمح لطغاة الخليج بتنفيذ انقلاب آخر، والقيام بتدخل آخر؟".

ويأتي هذا المقال التحذيري في وقت يبدأ فيه رئيس الحكومة التونسية، الخميس، زيارة إلى السعودية، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين.

وقال بيان لرئاسة الحكومة، إن الزيارة التي تستمر 3 أيام، تأتي تلبية لدعوة تلقاها "الشاهد"، من ولي العهد السعودي.

وأدى ولي العهد السعودي زيارة إلى تونس، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأثارت جدلا في أوساط الناشطين المدنيين والأحزاب السياسية ونظمت ضدها احتجاجات كبيرة.

المصدر | ميدل إيست آي

  كلمات مفتاحية

تونس انقلاب هيرست السعودية الإمارات