استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

دعوة لتطوير النظام الاقتصادي الكويتي

الخميس 23 أبريل 2015 05:04 ص

منذ انطلاق عصر النفط في منطقة الخليج، جرى الاعتماد على الدولة وآليات إنفاقها لتنشيط الأعمال في كل القطاعات الاقتصادية. كذلك، تم توظيف آليات الإنفاق العام للارتقاء بمستوى الخدمات والمرافق على أنواعها، والبنية التحتية وغيرها من متطلبات أساسية للحياة العصرية. وبعدما كان نشاط التجار وأصحاب الأعمال هو المحرك للعمل الاقتصادي، أصبح مهمشاً بعد تدفق النفط وتصديره وجني إيرادات سيادية مهمة منه. وهكذا، أصبح القطاع الخاص يلعب دوراً ثانوياً، وينشط في قطاعات تعتمد على النشاط الذي تضطلع به الدولة، وفي قطاعات محدّدة مثل العقار والصناعات التحويلية غير النفطية أو الخدمات الشخصية أو المصارف. واتسع في السنوات الأخيرة ليشمل خدمات التعليم والرعاية الصحية.

في السنوات الأخيرة، ارتفعت المطالبات بتثمير إمكانات القطاع الخاص ليؤدي دوراً أساسياً في العمل الاقتصادي، ولتحويل نشاطات عدة تقوم بملكيتها وإدارتها الدولة إلى القطاع الخاص. وتمكّنت بلدان خليجية مثل الأمارات وعُمان والبحرين والسعودية، من تطويع أنظمتها لاستيعاب هذه المطالبات، وتمت عمليات تحوّل اقتصادي هيكلي مهمة، شملت نشاطات حيوية مثل الاتصالات الهاتفية وإنتاج الكهرباء، وخدمات أخرى تتّصل بالبنية التحتية مثل المطارات والموانئ، وبعض نشاطات المصبّ النفطية. وتحاول الكويت إنجاز مثل هذه التحولات الهيكلية، لكنها تواجه عقبات سياسية مناهضة لكل إصلاح اقتصادي بنيوي.

بدأت الكويت، بعد ظهور عصر النفط، اتباع سياسات اقتصادية رشيدة ومناسبة، منها تشجيع القطاع الخاص على أخذ زمام المبادرة، وإنشاء مؤسسات اقتصادية أساسية مثل البنوك وشركات الطيران وناقلات النفط. وعندما شعرت الحكومة في أواخر خمسينات القرن العشرين وأوائل ستيناته، بأهمية توفير التمويل لأعمال القطاع الخاص ودعم مؤسساته الجديدة، دخلت في شراكات مع القطاع الخاص في كيانات أساسية، مثل «البترول الوطنية» التي اضطلعت بأعمال تكرير النفط وتوزيع منتجاته داخل البلاد أو تصدير جزء منه. كما شاركت الحكومة في ملكية شركة البتروكيماويات وناقلات النفط، إضافة إلى شركات أخرى خارج القطاع النفطي، مثل «الخطوط الجوية الكويتية» وشركة النقل العام أو مطاحن الدقيق والصناعات الوطنية. وقد تمتعت تلك الشركات، قبل استملاكها بالكامل من الدولة بعد الصدمة النفطية الأولى في أواسط سبعينات القرن الماضي، بإمكانات إدارية جيدة وفّرتها مجالس تمثّل فيها القطاع الخاص بجدارة. تلك التجربة أطلق عليها «تجربة القطاع المشترك»، وكانت أساسية ومكّنت من تطوير مؤسسات اقتصادية رئيسية في البلاد.

اليوم، وبعد تراجع أداء الكثير من هذه المؤسسات التي جرى استملاكها من الدولة، وطغت عليها الاعتبارات السياسية، وأصبحت خاضعة للمطالبات الشعبوية، أصبح من المهم تمكين القطاع الخاص من إعادة تملّك حصص من حقوق المساهمين فيها، وتنشيطه ليلعب دوراً حيوياً للارتقاء بأدائها وتعزيز الكفاءة في أعمالها. يفترض أن يتم تخصيص تلك الشركات والمؤسسات في شكل تام، ولكن إذا كانت هناك مخاوف من عدم قدرة القطاع الخاص على توفير الأموال اللازمة لشراء تلك الشركات أو الأموال الضرورية لتوسيع أعمالها أو تحديث أصولها، فإن صيغة الشراكة قد تكون خياراً ملائماً.

بطبيعة الحال، هناك الكثير من النشاطات التي تتطلب دوراً فاعلاً من القطاع الخاص، إذ يجب توظيف آليات اقتصادية تعزز القدرة على تحقيق الإيرادات المناسبة، والسيطرة على التكاليف، وإدارة الأموال على أسس مهنية بعيدة من أساليب البيروقراطيات الحكومية. وربما يمكن أن تستدرج شركات عالمية الى الشراكة مع القطاع الخاص والحكومة في أعمال تتطلّب التوظيف الأمثل للتقنيات الحديثة، مثل إنتاج الكهرباء أو تكرير المياه أو الطيران أو الخدمات اللوجستية والبنية التحتية.

وما لا شك فيه، أن هذه المتغيرات الهيكلية في نظام الملكية والاعتماد المتزايد على دور القطاع الخاص، تستلزم القيام بتعديلات على التشريعات والأنظمة الحاكمة للعمل الاقتصادي، ومن ذلك تمكين الشركات الأجنبية من التملّك في مؤسسات تعمل في قطاعات حيوية مثل المرافق والخدمات الرئيسية، وربما بعض النشاطات ذات الصلة بالنفط، مثل نشاطات المصب كالتكرير والنقل، وغير ذلك من صناعات ذات اعتماد على النفط كدخل أساسي في عملية الإنتاج.

قطعت الكويت شوطاً مهماً منذ مطلع القرن، في إصدار القوانين المناسبة مثل قانون التخصيص والاستثمار الأجنبي المباشر. ولكن يتطلب الأمر مراجعات لمعرفة مدى ملاءمتها لخلق بيئة أعمال جذابة. كما جرى تعديل قانون الضريبة على الشركات الأجنبية، والذي صدر عام 1955، حيث خفّضت من 55 في المئة على الأرباح الصافية إلى 15. وأنشئت هيئة مختصّة للاستثمار الأجنبي من أجل التعامل مع المستثمرين الأجانب، وترويج المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية في البلاد، وتسهيل الإجراءات اللازمة لإنشاء المشاريع أو تطوير الشراكات مع رجال الأعمال المحليين.

وعلى رغم ذلك، هناك شكاوى مستمرة من مجتمع الأعمال في الكويت من عقم تعامل الإدارة الحكومية مع القطاع الخاص، وكيف أن البيروقراطية جعلت من بيئة الأعمال بيئة طاردة. ويدلّ عدد من المراقبين على ذلك بحجم الأموال المصدرة إلى الخارج، وتزايد التوظيفات الاستثمارية الكويتية في بلدان الخليج وعدد من البلدان الأجنبية. كذلك يؤكدون أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الكويت لا تزال متواضعة خلال السنوات الأخيرة، ولا يمكن مقارنتها بالأموال المتدفقة على بلدان خليجية أخرى مثل السعودية والإمارات وقطر.

ويوضح رجال أعمال أن القطاع المصرفي الذي يملك أموالاً مهمة من ودائع القطاع الخاص والأفراد، لا يجد فرص تمويل كافية لتوظيفها. ولا شك في أن هذه الملاحظات إضافة الى دور الدولة المهيمن، يجب أن تشجّع المسؤولين على القيام بعمليات إصلاح للقوانين والأنظمة للارتقاء بدور القطاع الخاص، بما يؤكد وعي الإدارة السياسية بأن الدراسات والتقارير التي قدمت لها على مدار السنوات الثلاثين الماضية، يجب الاستفادة منها وتقويمها على ضوء التطورات المعاصرة.

 

  كلمات مفتاحية

الكويت القطاع الخاص مجتمع الأعمال البيروقراطية قانون التخصيص والاستثمار