ترامب قد يتخلى عن بن سلمان قبل حملته للفترة الثانية

الخميس 20 ديسمبر 2018 02:12 ص

لا يتقبل ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان"، ولا وزير خارجيته "عادل الجبير"، الانتقادات من أي نوع، لذا لم يكن مفاجئا إصدار وزارة "الجبير"، في 16 ديسمبر/كانون الأول الحالي، بيانا مطولا هاجمت فيه مجلس الشيوخ الأمريكي لتصويته بأغلبية مرتين ضد ولي العهد والمملكة العربية السعودية.

وفي التصويت الأول، دعا المجلس إلى إنهاء المشاركة الأمريكية في حرب اليمن، والثاني، صوت بالإجماع على أن "محمد بن سلمان" مسؤول عن مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول.

ورفضت السعودية تصويت مجلس الشيوخ، قائلاً إنه يستند إلى "مزاعم وادعاءات غير مؤكدة، واحتوى على تدخلات صارخة في شؤون المملكة الداخلية".

"لتمت إدانته في 30 دقيقة"

وردا على مزاعم السعودية حول الادعاءات غير المؤكدة، فإن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والسلطات التركية، وكل شخص متصل أو غير متصل بـ "بن سلمان"، يؤكدون تورطه.

أو كما قال "بوب كوركر"، الرئيس الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: "إذا ذهب ولي العهد أمام هيئة محلفين، لتمت إدانته في غضون 30 دقيقة".

وهذا لأن "كوركر"، ومجموعة مختارة من أعضاء مجلس الشيوخ، استمعوا إلى الأدلة التي قدمتها رئيسة وكالة الاستخبارات المركزية "جينا هاسبيل"، والتي بينت أن "محمد بن سلمان" مذنب دون شك في مقتل "خاشقجي".

أما عن التهمة السعودية للمجلس بالتدخل الصارخ في شؤون المملكة، فهو اتهام شاذ في ضوء هجوم الرياض على دولة قطر، العضو في مجلس التعاون الخليجي، والتي خضعت لأكثر من عام من الحصار البري والجوي والبحري الذي تقوده السعودية.

وعندما بدأ الحصار صيف عام 2017، تم تزويد القطريين بقائمة تضم 13 طلبا من السعودية والبحرين والإمارات ومصر، بما في ذلك إغلاق شبكة "الجزيرة" الفضائية.

وقد طلب السعوديون من القطريين تطويع سياساتهم الخارجية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية بما يتماشى مع سياسات الدول الخليجية والعربية الأخرى، كما طُلب منهم أن "ينهوا فورا الوجود العسكري التركي في قطر، مع إنهاء أي تعاون عسكري مشترك مع تركيا"، تم منحهم 10 أيام لقبول الطلبات.

وقد أوضحت قطر أن قبول القائمة يعد تنازلا عن سيادتها.

وقال القطريون إنهم يقبلون الحوار مع دول الحصار، إلا أنهم لن يفعلوا ذلك وهناك مسدس موجه إلى رؤوسهم.

الفظائع في اليمن

لكن توجيه المسدسات صوب رؤوس الناس هو طريقة العمل الوحيدة التي يبدو أن السعوديين يعرفونها.

وبالتعاون مع الإماراتيين، فقد شنوا حربا في اليمن منذ مارس/آذار 2015، ظاهريا لإعادة حكومة عبد "ربه منصور هادي" المعترف بها دوليا.

واستمرت هذه الحرب لمدة 4 أعوام تقريبا، مع عواقب وخيمة على الشعب اليمني.

ويتم اتهام السعوديون بارتكاب العديد من الأعمال الوحشية في الحرب، ويتحملون مسؤولية كبيرة عن غالبية عشرات الآلاف من المدنيين الذين تم قتلهم أو تشويههم. وكان تصويت مجلس الشيوخ لوقف الدعم العسكري الأمريكي للحرب خطوة متأخرة لوضع حد لهذه الكارثة.

ويكرر البيان السعودي، في نبرة حادة هستيرية، أنه "يرفض رفضا قاطعا جميع الاتهامات، بأي شكل من الأشكال، ويرى فيها عدم احترام للقيادة السعودية".

ولا شك في أن ولي العهد السعودي قد تمت إهانته في بيانات سابقة، مثل حديث السيناتور الجمهوري "ليندسي غراهام"، الحليف الرئيسي للرئيس "دونالد ترامب"، على شبكة "فوكس نيوز"، حين قال بصراحة: "الأمر ليس معقدا بالنسبة لي. أنا أحب المملكة العربية السعودية، ولكن هذا الرجل (بن سلمان) مجنون، ويجب أن يخرج من السلطة".

ولا يشعر "غراهام" و"كوركر"، وغيرهم من الجمهوريين، بالغضب لأن صحفيا تم قتله بوحشية، رغم أنهم يزعمون أن هذا هو السبب، ولكن لأنهم يشعرون بالخيانة. فهم يشعرون بالحرج والإذلال من قبل شخص ما كانوا يعتقدون أنه صديقا مفيدا وحليفا ملائما.

فبعد كل شيء، فقد دعم الجمهوريون "محمد بن سلمان" إلى أقصى درجة، رغم أنه تخبط في سلسلة من المغامرات الأجنبية والداخلية الكارثية لكنه الآن يخذلهم بشدة، ما جعل الأمر أشبه بعلاقة زواج أعطاك فيها الشريك الكثير من الفرص، وغفر لك تجاوزات كثيرة ارتكبتها، ولكنك قررت أن تذهب بعيدا جدا في أخطائك.

الفشل في الدفاع عن المسلمين

ولم يتوقف البيان السعودي عن ذلك، لكنه سارع إلى تأكيد أن المملكة "ستواصل أداء دورها المحوري في العالمين العربي والإسلامي، حيث تحتل مكانة خاصة بين المسلمين في جميع أنحاء العالم".

وقد مكن هذا الوضع المملكة من أن تكون "دعامة الاستقرار في الشرق الأوسط والعالم، وحجر الزاوية للجهود الرامية إلى تحقيق السلام والأمن إقليميا وعالميا".

وفي هذا الصدد يتساءل المسلمون في جميع أنحاء العالم: "أين صوت المملكة في الدعوة إلى وضع حد للقمع المروع للمسلمين الأويغور في الصين؟".

وما الذي فعله "محمد بن سلمان" ووالده الملك، خادم الحرمين الشريفين، حول مذابح "الروهينغا" المسلمين على يد الحكومة البورمية؟ وبشكل مخزي، شرع السعوديون بدلا من ذلك في حملة لإعادة لاجئي الروهينغا قسرا.

ويعد الادعاء بأن المملكة دعامة للاستقرار أمرا يدعو للضحك، بالنظر إلى أن السعوديين ساعدوا في صناعة دولة فاشلة على حدودهم الجنوبية في اليمن.

وبسبب الحصار المفروض على قطر، فقد أضرت المملكة بمجلس التعاون الخليجي ضررا لا يمكن إصلاحه، بدلا من أن تستخدمه كحصن ضد العدو الإقليمي للمملكة، إيران.

نفاق

وكما هو الحال في الكثير من الأمور التي مرت على السياسة الخارجية تحت إشراف "بن سلمان"، فإن البيان السعودي يعد مزيجا صعبا من الشجاعة والنفاق، وهو أيضا محاولة لتعزيز دعم "ترامب". وبعد أن فقد ولي العهد الكونغرس والمؤيدين الجمهوريين الرئيسيين، يعلم ولي العهد أنه يحتاج إلى الرئيس.

ومن ناحية أخرى، قد يدرك "ترامب" أنه لا يحتاج إلى "بن سلمان". ومع تحرك الولايات المتحدة نحو الاكتفاء الذاتي من النفط، ومع اقتراب موعد إعادة انتخابه، سيكون على "ترامب" أن يوازن بين المخاطر.

ويعد "بن سلمان" خطرا شديد السمية. وإذا شعر "ترامب" أن العلاقة قد تكلفه فترة ولاية ثانية، فسوف يقطعها. وقد تكون هذه إشارة لأفراد كبار في العائلة الحاكمة للمطالبة بالإطاحة بزعيمهم المشاكس وغير المنضبط.

وفي ضوء ذلك، يبدو أن الدبلوماسية السعودية تلعب فقط لشراء الوقت، في محاولة للحفاظ على "ترامب" في دائرة الحلفاء.

ومع ذلك، ففي خضم غطرستها ونفاقها، يمكنك قياس الشعور بعدم الارتياح والقلق بأن الوقت يداهم "بن سلمان"، وربما يكون في طريقه إلى النفاد.

المصدر | بيل لاو - ميدل إيست آي

  كلمات مفتاحية

ترامب محمد بن سلمان مجلس الشيوخ وزارة الخارجية السعودية العلاقات الأمريكية السعودية