الانسحاب الأمريكي من سوريا إحراج لـ(إسرائيل) وانتصار لبوتين

الجمعة 21 ديسمبر 2018 04:12 ص

علقت صحيفة “نيويورك تايمز” على آثار القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بسحب قواته من سوريا على الشرق الأوسط.

وكتب "ديفيد هالبفنغر" قائلا إن "قرار الرئيس يفتح المجال أمام إيران كي توسع من تأثيرها الجيوسياسي في الشرق الأوسط بشكل يترك (إسرائيل) وحيدة لكي تقوم بوقف هذا التأثير ومخاطر عودة تنظيم الدولة الإسلامية".

وبعيدا عن المنطقة، فقد ارتد أثر قرار "ترامب" من موسكو إلى واشنطن، حيث أدى القرار إلى استقالة وزير الدفاع "جيمس ماتيس"، بحسب الكاتب.

ورغم قلة عدد الجنود إلا أن قرار الرئيس الأمريكي ترك آثارا بعيدة على الحرب المعقدة، حيث ترك الحلفاء يبحثون عن طرق للخروج من هذا المأزق.

وقال الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين": "دونالد محق وأنا اتفق معه"، وسيزيد من تأثير روسيا في المنطقة بخروج الولايات المتحدة.

أما تركيا وإيران والحكومة السورية فهي ستجني ثمارا مباشرة من انسحاب القوات الأمريكية.

وتابع أنه بالمقابل فإن "حلفاء مثل القوات الكردية التي قاتلت إلى جانب الأمريكيين يشعرون بالخيانة ويهددون بإطلاق سراح سجناء تنظيم الدولة؛ وستجد (إسرائيل) نفسها أمام واقع إكمال إيران الممر البري من طهران إلى البحر المتوسط".

وبحسب الزميل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى "مايكل هيرتزوغ": "هذا يتركنا وحيدين في الميدان مع الروس"، و"نحن وحدنا في الميدان أمام إيران".

ومع الهزات التي أحدثها القرار فإن عددا من الدول ستقوم بإعادة النظر في علاقاتها مع الولايات المتحدة، مما سيقود إلى "تشكيل في العلاقات: تحاول إسرائيل تأليب روسيا ضد إيران، وتركيا تحاول التلاعب بروسيا والولايات المتحدة ضد بعضهما البعض. أما سوريا فستحاول التلاعب الأكراد ضد تركيا".

ويقول السفير السابق في مصر"دانيال كريتزر": "لو نظرت إلى أي بلد في المنطقة ولا أحد منهما يثق بالآخر ولا تريد كلها الثقة بروسيا ولكن من تبقى للثقة به؟ فقد كان الوجود الأمريكي مثيرا لسخط الإيرانيين ويمنع الجماعات المسلحة التابعة لهم من عبور الحدود إلى سوريا من العراق".

وبحسب الصحيفة الأمريكية "سيمنح خروج الأمريكيين الفرصة للإيرانيين والتعامل مع الحدود العراقية كمتاحة لهم بشكل سيسهل من حركة المقاتلين والسلاح وبشكل ممكن نقل الصواريخ الإيرانية برا إلى حزب الله في لبنان".

كما "ستؤدي حرية الحركة إلى تخفيف آثار العقوبات الأمريكية القاسية والتي أضرت بالاقتصاد الإيراني".

وتقول "لينا الخطيب" من "تشاتام هاوس" إن "المنطقة غنية بالنفط" و"من هنا فخروج القوات الأمريكية سيزيد من فرص وضع إيران يدها على حقول النفط في شمال- شرق البلاد".

ولن تخسر جماعة من انسحاب الأمريكيين أكثر من المقاتلين الأكراد.

وكرد على القرار يناقش هؤلاء الإفراج عن 3,200 سجين من تنظيم "الدولة الإسلامية".

ونفى المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية "مصطفى بلال"، أي نقاش بهذا المعنى وقال "أي أخبار تأتي من هذه المصادر ليست موثوقة ولم تخرج منا".

إلا أن المسؤولين الغربيين العاملون في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا أكدوا حدوث نقاش؛ وقال مسؤول: "النتيجة الوحيدة لهذه النقاشات هي سجن النظام لهؤلاء"، و"لو أفرج عنهم فستكون كارثة حقيقية وتهديدا كبيرا على أوروبا".

وقال محللون إن تهديدا من هذا النوع هو مخادعة أو محاولة لجلب الانتباه قائلين إنه لو أفرج عن سجناء تنظيم "الدولة" فسينقلبون رأسا على الأكراد.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تفكير الأكراد بالإفراج عن هؤلاء المساجين جاء بسبب رفض الدول التي جاءوا منها استعادتهم.

ولأن المقاتلين الأكراد بحاجة لكل فرد لمواجهة هجوم تركي محتوم، فإن الانسحاب الأمريكي ساعد تركيا من جهتين، فقد تخلت أمريكا عن الأكراد الذين تعتبرهم تركيا تهديدا لها واخرج القوات الأمريكيين من شمال-شرق سوريا التي قال الرئيس رجب طيب أردوغان إنه سيشن هجوما عليها"، لكن أي هجوم لن يكون بدون أخطار.

ويقول "ستيفن كوك"، خبير الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الامريكي "المشكلة لهم (الأتراك) هي أنهم لو دخلوا فسيواجهون حرب عصابات طويلة".

ويرى المحللون أن اتفاقا بين الأكراد والنظام السوري هو المحتمل حيث يحصلون من خلاله على نوع من الحكم الذاتي مقابل ولائهم للنظام، مما سيضع تركيا أمام مواجهة مع كل من النظام وروسيا.

وبالنسبة لـ(إسرائيل) فالقرار محرج لرئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" الذي يحضر لانتخابات في العام المقبل التي تعتبر مصداقيته الأمنية وعلاقاته مع "ترامب" وهوسه بالتهديد الإيراني رئيسية فيها.

وقال "نتنياهو" إنه علم بالانسحاب من حديثه مع "ترامب" يوم الإثنين.

وقال المحلل الإسرائيلي "عوفير زالزبيرغ"، في مجموعة الأزمات الدولية "وقد فاجأ هذا الحكومة الإسرائيلية".

ونقلا عن "القدس العربي"، فقد شعر "نتنياهو" بداية هذا العام أنه وصل لذروة تأثيره في واشنطن من خلال قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وخروج "ترامب" من الاتفاقية النووية مع إيران، المطلب الرئيسي لـ"نتنياهو".

ويقول "زالزبيرغ" إن "نتنياهو" ينهي العام وقد أساء إدارة العلاقات الإسرائيلية مع قوتين عظميين، أمريكا وروسيا؛ فقد رفض الرئيس "بوتين" مقابلته منذ سقوط الطائرة الروسية في سوريا أثناء عملية إسرائيلية.

وقلل العديد من المحللين من العسكريين الإسرائيليين من المخاطر التكتيكية وأنهم سيواجهون (إسرائيل) وحدهم إلا أنهم تحدثوا عن أثره على معنويات الإسرائيليين.

وقال الخبير في الشؤون السورية بجامعة تل أبيب "إيال زيسر": "عددهم 2,000 جندي" و"من الناحية النفسية كانوا هناك بشكل جعل الروس والإيرانيون يمارسون الحذر"؛ إلا ان الانسحاب المتعجل يعطي مصداقية للفكرة المنتشرة في الشرق الأوسط وهي أن أمريكا لا تهتم بحلفائها.

وربما كان الروس من المستفيدين الكبار من القرار حيث سيكونون اللاعب الرئيسي في سوريا ويعيد لهم المكانة التي خسروها منذ سقوط الإتحاد السوفييتي.

وبحسب "الخطيب" فمن المتوقع أن يستخدم "بوتين" الانسحاب "لكي يقول للعالم إن روسيا ربحت الحرب بالوكالة ضد أمريكا". مضيفة أن روسيا ستحاول الاستفادة من القرار لوضع مسارات المستقبل السياسية للبلد كما تشاء و"ستفتح الطريق أمام معاملة روسيا سوريا كجزء من الأراضي التابعة لها".

وعلى المدى القريب ستستفيد إيران وروسيا من الانسحاب الأمريكي، لكن على المدى البعيد فالنزاع بين القوتين نظرا لخلاف الأجندة بين القوتين؛ فروسيا تريد حكومة قوية ومستقرة في دمشق، أما إيران فتريد دولة ضعيفة من السهل التحكم بها.

المصدر | القدس العربي + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة أمريكا روسيا سوريا إيران الانسحاب الأمريكي من سوريا