خياران أمام الأكراد بعد إعلان الانسحاب الأمريكي.. ما هما؟

السبت 22 ديسمبر 2018 09:12 ص

خياران محدودان، أمام الأكراد في سوريا، عقب قرار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، إنهاء العملية العسكرية الأمريكية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، وهو ما يعد هدية أمريكية لتركيا، والنظام السوري، رغم اختلاف توجهات الإثنين.

وبعد أن كانوا من بين أكبر الرابحين في الحرب السورية، سيصبح الأكراد أكبر الخاسرين من قرار "ترامب".

وبمساعدة الولايات المتحدة، انتزعت قوات "سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي يقودها الأكراد، السيطرة على مساحات كبيرة من شمال وشرق سوريا من أيدي تنظيم "الدولة الإسلامية".

كما كانت الولايات المتحدة، من خلال دعمها لقوات "سوريا الديمقراطية"، تسيطر بشكل غير مباشر على نصف الموارد السورية الاستراتيجية، بما في ذلك العديد من السدود وحقول النفط ومعظم الأراضي الزراعية الخصبة في المنطقة، بالإضافة إلى نفوذها ودورها القوي في المناقشات مع حكومة "الأسد" وحلفاؤه روسيا وإيران حول مستقبل البلاد.

ولن يعرض قرار "ترامب"، الأراضي التي تسيطر عليها قوات "سوريا الديمقراطية"، لخطر عودة "الدولة الإسلامية" فحسب، بل يزيد من احتمال أن يتعرض شمال سوريا الذي يهيمن عليه الأكراد لتوغل من تركيا وحلفائها من مقاتلي المعارضة السورية.

وكأن التاريخ يعيد نفسه للأكراد، وهم أقلية بلا دولة موزعين على سوريا والعراق وإيران وتركيا، أحبطت قوى أجنبية تاريخيا طموحاتها القومية.

فالأكراد هم أكبر مجموعة عرقية ظلوا بلا دولة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية قبل نحو قرن.

ودفع قرار "ترامب"، قوات "سوريا الديمقراطية" ووحدات "حماية الشعب" الكردية (ب و د)، التي تمثل الغالبية العظمى فيها، أمام خيارين محتملين.

التحالف مع "الأسد"

يقول بعض المحللين، إن الخيار الأول، يكمن في أنه لكي تحمي الجماعات الكردية السورية نفسها، فقد تضطر الآن لطرق أبواب دمشق، وإبرام اتفاق مع نظام "بشار الأسد"، وحلفائه الروس الذين قد يوفرون لها الحماية مقابل التخلي عن الحكم الذاتي.

وعلى النقيض من مقاتلي المعارضة السورية، فإن قوات "سوريا الديمقراطية" ووحدات "حماية الشعب" الكردية، التي تقودها لم تقاتل قط للإطاحة بـ"الأسد"، بل أنها تعاونت معه في بعض الأحيان ضد خصوم مشتركين.

وفي وقت سابق هذا العام، دخلت في محادثات سياسية في دمشق، إلا أن هذه المحادثات لم تسفر عن شيء، فـ"الأسد" يعارض رؤية الأكراد لسوريا اتحادية، تحافظ على حكمهم الذاتي الإقليمي.

ويتطلع "الأسد" وحلفاؤه الروس والإيرانيون، الذين يُنظر لهم على أنهم الرابحون على الأرجح من الانسحاب الأمريكي، إلى استعادة الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية والتي تمتد عبر ربع مساحة سوريا تقريبا والغنية بالأراضي الزراعية والنفط والمياه.

كما أنه من الممكن أن يقرر "الأسد"، التنسيق والتحالف مع قوات "سوريا الديمقراطية"، كونها أقل خطورة من الوجود التركي، الذي قد يطول في شمال سوريا، لأن جيش النظام السوري يفتقر إلى عدد المقاتلين والقوة العسكرية القادرة على السيطرة على مناطق سيطرة القوات الكردية وحدها.

مواجهة تركيا

أما الخيار الثاني، فهو الدخول في مواجهة مع تركيا، التي تسعى بالفعل إلى شن عملية عسكرية جديدة، في الشمال السوري، حيث تسيطر القوات الكردية، والتي تعتبرها أنقرة خطرا على أمنها، وتطالب بإنهاء دعم واشنطن لها.

وتقول أنقرة إن وحدات "حماية الشعب" هي امتداد لحزب "العمال الكردستاني" (بي كا كا)، المحظور في تركيا، والذي خاض صراعاً مسلحاً من أجل الحكم الذاتي للأكراد هناك منذ عام 1984، وتعتبره منظمة "إرهابية".

وكان الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، قد أكد قبل إعلان "ترامب"، الانسحاب بأسبوع، أن الجيش التركي يستعد للقيام بتوغل بري في الأراضي التي تسيطر عليها قوات "سوريا الديمقراطية"، شرقي نهر الفرات.

وكان رد "البنتاغون"، أن حذّر "أردوغان"، من اتخاذ أي خطوة أحادية الجانب، وأن ذلك لن يكون مقبولاً.

لكن قال بعد ذلك، ناقش "أردوغان" و"ترامب" الأمر عبر الهاتف، وأعطاه الأخير رداً إيجابياً، كان نتيجته إعلان الانسحاب الأمريكي.

وتسيطر قوات "سوريا الديمقراطية"، على 30% من مساحة سوريا، كما أن لديها أكثر من 60 ألف مقاتل، لكن مع تلاشي التهديد الأمريكي لأنقرة، ستزداد ثقة "أردوغان" بنفسه لمحاربة قوات "سوريا الديمقراطية" ودفعهم بعيداً عن الحدود.

كما ستكون للقوة الجوية التي يمتلكها الجيش التركي، الفضل في أي معركة مع الأكراد، كما حدث في عفرين، قبل أشهر.

وسيكون أيضا تحت تصرف تركيا، ما لا يقل عن 15 ألفا من مقاتلي المعارضة السوريين المتمركزين غربي نهر الفرات، في عفرين، وغيرها من المدن الحدودية.

تحركات على الأرض

وفي الظل البحث عن أي الخيارين سيتم العمل به، يعمل "المجلس الوطني الكردي"، على طرح نفسه بديلا عن قوات "سوريا الديمقراطية"، كونه يملك قوة عسكرية وجسماً سياسياً، وهذا الخيار يمكن أن يستغله النظام في الضغط على قوات "سوريا الديمقراطية" لتحقيق أكبر قدر من التنازلات.

وبدأ المجلس بالفعل، في الاجتماع مع أفراد العشائر السورية المعادية لـ"سوريا الديمقراطية" على توظيف الانسحاب الأمريكي لصالحهم، وذلك من خلال طرح أنفسهم بديلاً لتلك القوات في المنطقة، سواء من خلال إقناع القوات الكردية بالانسحاب، أو من خلال العملية المرتقبة ضد تلك القوات بدعم تركي.

واجتمعت قبائل وعشائر سورية، صباح الجمعة، في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، لبحث تشكيل جسم موحد، يضم ممثلين عن كافة العشائر الموجودة حالياً في منطقة شمال سوريا شرق نهر الفرات وغربه أو اللاجئة في الأراضي التركية.

وسيكون لذلك الجسم دور في إدارة المناطق التي استردها "الجيش السوري الحر" من قوات "سوريا الديمقراطية" أو من الممكن استردادها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا الديمقراطية أمريكا الأكرا خيارات تركيا ترامب بي كا كا