في 2018.. الكونغرس يفتح أبوابه لمسلمتين رغم خطاب الكراهية

الأحد 23 ديسمبر 2018 09:12 ص

بعد 12 عامًا على تولي المسلم "كيث إيليسون" مقعدًا في الكونغرس، أصبحت "إلهان عمر" و"رشيدة طليب" أول مسلمتين من أصول عربية تدخلان مجلس النواب الأمريكي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس عام 2018.

وجاء فوز المسلمتين رغم تصاعد الخطاب المعادي للمسلمين في الولايات المتحدة، خاصة منذ تولي الرئيس الجمهوري "دونالد ترامب"، إدارة البلاد.

واختار الناخبون الأمريكيون المسلمتين، وهما تنتميان إلى الحزب الديمقراطي، لدخول الكونغرس، في خطوة تاريخية أولى في البلاد.

ففي ميشيغان، فازت الأمريكية من أصول فلسطينية "رشيدة طليب" (42 عاما) بمقعد في المجلس عن الدائرة الـ13، عن الحزب الديمقراطي.

كانت "رشيدة" قد فازت بترشيح الحزب بعدما تقدمت على منافستها "بريندا جونز" رئيسة مجلس مدينة ديترويت.

هذه المحامية هي أكبر إخوتها الـ14، وفي 2008 أصبحت أول امرأة مسلمة تدخل برلمان ميشيغان المحلي.

وتحظى "رشيدة"، التي ولدت في ديترويت، بدعم روابط المعلمين والممرضين وتجار التجزئة في الولاية، وتركز في خطابها على برامج المرأة والطفل والرعاية الصحية.

وقالت "رشيدة" في تصريحات لإذاعة صوت أمريكا: "الناس لا يزالون غير قادرين على نطق اسمي لكنهم يتذكرون أنني أتيت إلى منزلهم".

وكانت قد أعلنت في مايو/أيار لشبكة "سي بي إس" نيوز أن انتخابها سيوجه "رسالة قوية" لكل الولايات المتحدة مفادها "نحن جزء لا يتجزأ من المجتمع ونريد أن نقدم له شيئا في المقابل مثل أي فرد آخر".

وتتخذ "رشيدة" مواقف معارضة لـ"ترامب" وحزبه الجمهوري.

وخلال الحملة الرئاسية عام 2016، انتقدت بشدة سلوك "ترامب" حيال النساء.

وهي تدافع عن برنامج تقدمي جدا ينص على المساواة في الأجور بين الرجال والنساء وعن التعليم الجامعي المجاني مرورا بالصحة العامة وإلغاء مرسوم الهجرة الذي اعتمده "ترامب"، إلى جانب حماية البيئة.

و"رشيدة"، هي الابنة الكبرى لمهاجر فلسطيني، اعتبرت من قبل أن دخولها الكونغرس "حدث تاريخي".

وقالت في مقابلة مع شبكة "إيه بي سي" في أغسطس/آب الماضي "أنا مرشحة بسبب الظلم ولأن أبنائي يتساءلون حول هويتهم كمسلمين".

إلهان عمر

 

وفي الدائرة الخامسة لولاية مينيسوتا، فازت الأمريكية من أصل صومالي "إلهان عمر" على الجمهورية "جينيفر زيلينكسي". وكتبت في تغريدة: "لقد فعلنا ذلك معا".

وقضت "إلهان" طفولتها في مخيم لاجئين في كينيا، وهاجرت إلى الولايات المتحدة في سن الـ12، قبل أن تحصل على مقعد في مجلس نواب الولاية.

وكانت "إلهان" قد فازت في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي للدائرة الخامسة بولاية مينيسوتا لتحل محل النائب الديمقراطي "كيث إليسون" الذي كان بدوره أول مسلم تم انتخابه في الكونغرس.

وبات المقعد خاويا عندما قرر "إليسون" الترشح لمنصب المدعي العام، تاركا منصبه بعد ست ولايات.

وكأول لاجئة يتم انتخابها لتولي مقعد في الكونغرس، ستحمل "إلهان" معها "منظورا فريدا وطاقة جديدة إلى واشنطن"، كما ذكرت في تصريحات سابقة.

وتدعم "إلهان" برنامج التأمين الصحي ميديكير ومجانية التعليم في الجامعات العامة.

وفي سن 36 عاما، انتخبت هذه الأمريكية المحجبة اللاجئة من الصومال لتصبح عضوا في مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا.

واستطاعت "إلهان" أن تبني لنفسها صورة امرأةٍ سياسية تقدمية. فهي تؤيد مجانية التعليم الجامعي وتأمين سكن للجميع وإصلاح القضاء الجنائي.

وفي 2016، فازت الشابة الناشطة ضمن منظمة نافذة مدافعة عن الحقوق المدنية، بمقعد نيابي في ولايتها الصناعية حيث تعيش جالية صومالية كبيرة.

وصرحت لمجلة "إيل"، في سبتمبر/أيلول: "أنا مسلمة وسوداء، أغرمت ببساطة بالسياسة وما يمكن أن تنجزه".

وأوضحت أنها قررت الترشح "لتظهر ما يجب أن تكون عليه الأنظمة الديمقراطية فعلا".

كما أنها معارضة لسياسة الهجرة المتشددة التي يعتمدها "ترامب".

وبفوز "إلهان" و"رشيدة"، يبلغ بذلك عدد المسلمين في مجلس النواب ثلاثة، إلى جانب عضو الكونغرس "أندري كارسون" المسلم من أصول إفريقية، والذي أعيد انتخابه بسهولة في ولاية إنديانا التي تميل إلى الديمقراطيين أساسا.

خطاب الكراهية جذبهم للسياسة

وتعليقا على فوزهما، اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن خطاب الكراهية ضد الإسلام في الولايات المتحدة جذب العديد من المسلمين إلى الساحة السياسية.

وأشارت إلى ترشح حوالي 100 مسلم لخوض انتخابات التجديد النصفي الأمريكية التي جرت يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد أن كان عددهم نحو 12 مرشحًا في انتخابات 2016.

واعتبرت أن الخطوات المعادية للمسلمين هي العوامل الرئيسية التي دفعت المسلمين إلى السياسة، حيث خاض بعض المرشحين حملة انتخابية عبر خطابات الكراهية.

الخطاب المعادي

 

وشهدت انتخابات التجديد النصفى لعام 2018 ارتفاعا كبيرا فى الخطاب المعادى للمسلمين، حيث اكتسبت الحملات السياسية المناهضة لهم جرأة بعد وصول "ترامب" للبيت الأبيض، بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وقال مدير جماعة محامون للدفاع عن المسلمين، "سكوت سيمبسون" : "رأينا مرشحين مناهضين للمسلمين في كل منطقة".

وأضاف "رأيناهم فى كل مستوى من المستويات سواء فى المدارس والكليات ومجالس التخطيط إلى منصب الحاكم وإلى الكونغرس نفسه.. لقد رأينا ذلك في الأماكن الليبرالية والأماكن المحافظة.. لقد ترسخت جذورهم وأصبحوا واسعي الانتشار".

وشارك مرشحون في أكثر من 80 حملة في جميع أنحاء الولايات المتحدة في هجمات ضد المسلمين على مدى العامين الماضيين. جميع المرشحين تقريبا من الجمهوريين.

 واعتبرت "الغارديان" أن نظريات المؤامرة المتعلقة باستهداف المسلمين أصبحت جزءا من التيار السياسى الرئيسى بصورة متزايدة.

وزعم أكثر من ثلث المرشحين أن المسلمين عنصريين بطبيعتهم أو يشكلون تهديدًا وشيكًا، كما روجوا لوجود مؤامرة إسلامية للسيطرة على المجتمعات أو التسلل إلى الحكومة، فيما طالب أقل من ثلث المرشحين بحرمان المسلمين من الحقوق الأساسية أو أعلنوا فى مرحلة ما أن الإسلام ليس دينًا.

 واعتبرت "الغارديان" أن كثير من هذه الهجمات تعد انعكاسا للخطاب الذى استخدمه "ترامب" وغيره من المرشحين الجمهوريين للرئاسة عام 2016 ، حيث زادت المشاعر المعادية للمسلمين داخل جمهور الناخبين الرئيسي في الحزب.

 وأواخر 2017، اعتبر مجلس العلاقات الأمريكية – الإسلامية (كير) مستوى ظاهرة "الإسلاموفوبيا" بالولايات المتحدة، الأسوأ في عهد "ترامب"، منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وتمثلت أبرز مظاهر الإسلاموفوبيا ضد المسلمين في عهد "ترامب"، في سعيه لحظر دخول مواطنى خمس دول إلى أمريكا، كما أنه أراد تطبيق فكرة إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالمسلمين.

كل ذلك، عزز شعور المسلمين بالانعزال كأنهم "مواطنون من الدرجة الثانية"، كما أصبح المسلمون يواجهون مناخا من الخوف المتنانى من الإسلام أو "الإسلاموفوبيا"، والذى أوجدته رئاسة "ترامب".

الديانة الثانية

 

ورغم تصاعد الإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية، كشفت دراسة أعدها مركز PEW الأمريكي للأبحاث، في بداية 2018، أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة آخذ في النمو، ليصبح الإسلام بحلول عام 2040، الديانة الثانية من بعد المسيحية.

وذكر المركز في تقرير نشر على موقعه على الإنترنت، أن السبب في إجراء الدراسة هي المناقشات السياسية الأخيرة حول المهاجرين المسلمين والقضايا ذات الصلة، مشيرا إلى التساؤلات التي باتت تطرح من الكثيرين حول التعداد السكاني للمسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة.

وأكد مركز الأبحاث أن التوصل إلى إجابة عن هذه التساؤلات لم يكن بالأمر السهل، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن مكتب التعداد الأمريكي لا يطرح أسئلة حول الدين، بمعنى أنه لا يوجد تعداد حكومي رسمي للسكان المسلمين في الولايات المتحدة، حسب الموقع.

واستنادا إلى الاستطلاع الخاص بالمركز وإلى البحث الديمغرافي، فضلا عن مصادر خارجية، خلص مركز الأبحاث إلى أن هناك حوالي 3.45 ملايين مسلم من جميع الأعمار يعيشون في الولايات المتحدة حتى عام 2017، وأن المسلمين يشكلون حوالي 1.1% من إجمالي تعداد السكان في البلاد.

وأشار المركز، إلى أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة ليس كبيرا مثل عدد الأمريكيين اليهود، لكن في الوقت نفسه، تشير توقعات المسح، إلى أن عدد سكان المسلمين في الولايات المتحدة سينمو أسرع بكثير من عدد اليهود في البلاد.

وبحلول عام 2040، سيحل المسلمون مكان اليهود، باعتبارهم ثاني أكبر ديانة في البلاد بعد المسيحية. وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يصل عدد سكان الولايات المتحدة المسلمين إلى 8.1 ملايين نسمة، أي 2.1% من مجموع السكان الأمريكيين وبنسبة تبلغ الضعف عما هو عليه الآن، وفقا للمركز.

  كلمات مفتاحية

أمريكا الكونغرس إلهان عمر رشيدة طليب إسلاموفوبيا خطاب الكراهية