تونس.. 2018 يرحل بتغيرات كبيرة و2019 يقبل بانتخابات مهمة

الاثنين 24 ديسمبر 2018 08:12 ص

تودع تونس عام 2018، الذي شهد تغييرات كبيرة في مشهد سياسي استمر منذ انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2014، بالتحالف الحكومي بين حزبي "نداء تونس" و"النهضة".

من أبرز هذه التغييرات إعلان الرئيس التونسي "الباجي قايد السبسي"، انتهاء التوافق بينه وبين "حركة النهضة" (إسلامية ديمقراطية).

وابتعاد رئيس الحكومة "يوسف الشاهد"، لمسافة عن "السبسي"، وعن القيادة الراهنة لحزبه (نداء تونس- ليبرالي).

كما تستمر أزمة اقتصادية وتداعياتها الاجتماعية، إذ تصاعد الاحتجاج الاجتماعي ونزل آلاف المحتجين إلى الشارع.

احتجاجات.. وانتشار الجيش

خلال ديسمبر/كانون الأول 2017، تم إقرار موازنة 2018، التي رافقتها إجراءات دفعت إلى زيادات في الأسعار شملت بالأساس الوقود، بطاقات شحن الهواتف، خدمة الإنترنت، العطور ومواد التجميل.

وفي 8 يناير/كانون الثاني 2018، اندلعت مظاهرات في مدينة القصرين (وسط غرب)؛ احتجاجا على غلاء المعيشة.

امتدت الاحتجاجات إلى مناطق أخرى، بينها مدينة طبربة، بمحافظة منوبة (شمال شرق)، حيث لقي محتج حتفه، ونفت الداخلية أن يكون قضى دهسا بسيارة شرطة، كما ذكرت وسائل إعلام.

وفي التاسع من ذات الشهر، اتسعت رقعة الاحتجاجات، لتشمل مدنا أخرى، بينها القيروان (وسط)، المهدية (شرق)، قفصة (جنوب غرب)، نابل (شمال شرق).

كما امتدت الاحتجاجات إلى سوسة (شرق)، وعدد من أحياء العاصمة تونس، منها التضامن والانطلاقة، حيث تخللت الاحتجاجات أعمال تخريبية.

نشر الجيش أكثر من ألفي جندي في 123 نقطة بأرجاء البلد العربي، لحماية المقرات السيادية والمنشآت، بحسب ما صرح به المتحدث باسم وزارة الدفاع "بلحسن الوسلاتي"، آنذاك.

اتهم "الشاهد"، ما وصفها بـ"شبكات الفساد" و"الجبهة الشعبية" (يسار/ 15 نائبا من أصل 217) بـ"التحريض على أعمال العنف والتخريب"، عبر تجنيد عدد من الشباب.

وأعلن رئيس الحكومة، من منطقة البطان في منوبة (شمال العاصمة)، التي زارها عقب أحداث عنف شهدتها، إجراء تحقيق لـ"الكشف عن المتورطين في هذه الأحداث".

ووصف موقف "الجبهة الشعبية" بـ"غير المسؤول"، وقال إن "نواب كتلتها يصوتون لصالح قانون المالية، ثم يتظاهرون ضده".

وأعلنت الداخلية في العاشر من الشهر نفسه، توقيف 206 "متورطين في عمليات سرقة ونهب" خلال الاحتجاجات.

كما أشارت إصابة 49 عنصرا من الشرطة في مدن متفرقة خلال مواجهات مع محتجين، إضافة إلى تضرر 45 سيارة أمنية.

وانتهى يناير/كانون الثاني بزيارة الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، إلى البلاد في 31 يناير/كانون الثاني، ومطلع فبراير/شباط الماضيين.

وهي زيارة غلب عليها الطابع الاقتصادي، بدعم مالي بلغ 500 مليون يورو، وتوقيع 8 مذكرات واتفاقيات لتعزز التعاون المشترك بين البلدين.

ورغم المبلغ الذي قدمته فرنسا لتستفيد منه تونس بين عامي 2020 و2022، اعتبر خبراء حينها أن الزيارة أظهرت محدودية دعم باريس لتونس.

"قرطاج 2".. ومحاولة الإطاحة بحكومة "الشاهد"

في منتصف مارس/آذار 2018، دعا "السبسي" إلى اجتماع للموقعين على اتفاق "قرطاج 1"، انتهى بإقرار تشكيل لجنة لإعداد خارطة طريق لإصلاحات اقتصادية واجتماعية ذات أولوية.

و"اتفاق قرطاج" هي وثيقة تحدد أولويات الحكومة، وقع عليها، في يوليو/تموز 2016، كل من "الاتحاد العام التونسي للشغل" (أكبر نقابة عمالية)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية" (أرباب العمل).

كما وقع عليها اتحاد المزارعين" (مستقل)، وأحزاب سياسية، أبرزها: "النهضة" (68 نائبا)، و"نداء تونس" (46 نائبا).

واتضح من تصريحات مشاركين في الاجتماع أن النية تتجه إلى تغيير حكومة "الشاهد".

واعتبر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل "نورالدين الطبوبي"، الذي شارك في اجتماع "قرطاج 2"، أن حكومة "الشاهد" هي "حكومة تصريف أعمال".

وقال "الطبوبي" في تصريحات إعلامية، إن الحكومة التي ستنبثق عن الحوار المصغر (لجنة اجتماع قرطاج)، ستقود تونس إلى نهاية الفترة البرلمانية الحالية (نهاية خريف 2019).

وعقب خروجه من الاجتماع، قال المدير التنفيذي لـ"نداء تونس" (مشارك في الحكومة)، "حافظ السبسي" (نجل الرئيس)، إن "التحوير (التعديل) الوزاري مرتبط بخارطة الطريق".

وأضاف: "لا نريد أن يكون التحوير شكليا، بل في العمق، ومبنيا على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية".

وفي نهاية مايو/أيار 2018، قرر الرئيس "السبسي"، تعليق العمل بـ"وثيقة قرطاج" (الخاصة بتحديد أولويات الحكومة) إلى "أجل غير محدد"، في ظل استمرار الخلافات بين الموقعين عليها بشأن إجراء تغيير جزئي أو شامل للحكومة.

وقال مصدر واكب نقاشات قرطاج آنذاك، إن الرئيس أوقف حوار قرطاج لرفض حركة النهضة إقالة "الشاهد".

انتخابات بلدية.. المستقلون أولا

في 6 مايو/آيار، جرت أول انتخابات بلدية منذ ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق "زين العابدين بن علي" (1987- 2011).

تصدرت القوائم المستقلة نتائج الانتخابات بنسبة 32.9%، تلتها "حركة النهضة" بـ29.68%، و"حركة نداء تونس" 22.17%.

وحصلت القوائم المستقلة على 2367 مقعدا في كامل الدوائر البلدية، فيما حصدت "النهضة" 2135 مقعدا، وفازت "نداء تونس" بـ1595 مقعدا.

وحل ائتلاف "الجبهة الشعبية" في المرتبة الرابعة بـ295 مقعدا (3.6%)، وتلاه "التيار الديمقراطي" (يسار معتدل/ 3 نواب)، بـ205 مقاعد (2.85%).

وحلت حركة "مشروع تونس" (منشقة عن نداء تونس) سادسة بـ124 مقعدا (1.7%)، ثم "حركة الشعب" (قومية/ 3 نواب) بـ100 مقعد (1.39%)، و"آفاق تونس" (ليبرالي) 93 مقعدا (1.29%).

وعزا محللون، فوز "النهضة" إلى 3 عوامل، هي: قوتها التنظيمية، وتشتت ماكينة المنافس الرئيسي الانتخابية (نداء تونس)، وعزوف نسبة مهمة من الناخبين عن التصويت.

في بداية يوليو/تموز، تم انتخاب "سعاد عبدالرحيم"، رئيسة قائمة "النهضة"، كأول امرأة تترأس بلدية العاصمة تونس، بـ26 صوتا مقابل 22 لمنافسها "كمال إيدير"، عن قائمة "نداء تونس".

مستقبل "الشاهد"

في نهاية أغسطس/آب، أعلن نواب من كتل مختلفة عن تشكيل كتلة "الائتلاف الوطني" (44 نائبا)، اعتبر مراقبون أنها قريبة من رئيس الحكومة.

وقال عضو بارز في الكتلة للأناضول، في نوفمبر/تشرين الثاني، إنهم يتجهون إلى تشكيل حزب جديد مع نهاية 2018.

وأضاف: "الوقت حان لجيل يوسف الشاهد (43 عاما) والأشخاص الذين أعمارهم في 40 سنة و50 سنة كي يحملوا المشعل ويشكروا من سبقهم في تثبيت هوية الدولة".

ويتردد في الأوساط السياسية أن هذه الكتلة ستدعم "الشاهد"، المبتعد عن حزبه "نداء تونس"، في الانتخابات المقبلة، كأحد التغييرات المحتملة في 2019.

وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، صوت مجلس نواب الشعب (البرلمان) لصالح قبول تعديل حكومي واسع اقترحه "الشاهد"، رغم عدم موافقة الرئيس "السبسي" (92 عاما).

هذا التعديل حظي بدعم حركة "النهضة" وحزب "مشروع تونس" (ليبرالي- 14 نائبا)، وحزب "المبادرة الوطنية الدستورية" (وسطي دستوري- 3 نواب).

كما دعم التعدل أيضا كل من كتلة الائتلاف الوطني، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (يسار معتدل- لا نواب له).

نهاية التوافق

في 25 سبتمبر/ أيلول، أعلن الرئيس "السبسي"، أن علاقة التوافق التي تجمعه بـ"حركة النهضة"، انتهت "بعدما فضلوا (قادة النهضة) تكوين علاقة أخرى مع يوسف الشاهد".

وأنهى هذا الإعلان توافقا بين "نداء تونس" و"النهضة"، وهما الحزبان الرئيسان في الائتلاف الحاكم، بدأ قبل 5 سنوات وجنب البلاد السقوط في أتون العنف.

وجاء هذا الإعلان بعد أن رفضت "النهضة" مطلب حزب "نداء تونس"، الذي أسسه "السبسي"، بإقالة "الشاهد"، حيث قالت الحركة إنه يتعين المحافظة على الاستقرار السياسي.

وحذرت "النهضة"، من أن إعلان السبسي، من شأنه أن يعمق الأزمة السياسية، ودعت إلى بذل جهود لعودة العلاقة، مشددة على أنها حريصة على الاستقرار والوصول إلى تفاهمات عبر الحوار.

تطورات 2019

خلال ديسمبر/كانون الأول الجاري، شهدت البلاد احتجاجات اجتماعية تتصاعد من آن إلى آخر، وأحدثها احتجاج الآلاف من أساتذة المرحلتين الثانوية والإعدادية ونزولهم إلى الشارع.

ويطالب هؤلاء الأساتذة بزيادة في الأجور، في وقت توصي فيه تقارير المؤسسات المالية الدولية بعدم زيادة الأجور لإنقاذ الاقتصاد.

وتنتظر الساحة السياسية التونسية مزيدا من التطورات في آفاق 2019، لاسيما وأن انتخابات عامة ستجرى في الخريف المقبل، لانتخاب نواب البرلمان ورئيس جديد للبلاد.

وأيا كانت تطورات 2019، فإنها تحتل أهمية بالغة، إذ يُنظر إلى تونس على أنها التجربة الديمقراطية الوحيدة الناجحة في الدول التي شهدت ثورات الربيع العربي، منذ أواخر 2010.

  كلمات مفتاحية

تونس 2019 انتخابات تغيرات