قتل وهجمات وتراخيص.. مكاسب ومعارك الكنيسة المصرية في 2018

الأربعاء 26 ديسمبر 2018 10:12 ص

بـ5 وفيات لقيادات دينية بارزة وجريمة قتل لآخر وهجومين مسلحين وشلح 3 رهبان على الأقل وحالة انتحار وحيدة، ودعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عاما مليئا بمحطات رحيل الرهبان البارزين، والأكثر إلقاء للضوء على الصراع الداخلي المستعر في أروقة الأديرة والكنائس.

لكن 2018 لم يلفظ أنفاسه إلا بأنباء سارة للكنيسة، شملت تقنين أوضاع نحو 170 كنيسة، في عدد يعد هو الأكبر على الإطلاق خلال عام واحد، كما شهد إقامة قداس بالسعودية للمرة الأولى، ووعود بقرب افتتاح كنيسة أرثوذكسية هناك.

وما بين آلام الفقد وآمال التوسع، لم تغب عن الكنيسة المصرية حوادث الهجوم المسلحة؛ أحدها تسبب في سقوط 7 قتلى من زوار دير بمحافظة المنيا، وسط البلاد.

الصراع العلني

يعد الصراع العلني بين رهبان الكنيسة المصرية الحدث الأبرز في الكنيسة خلال 2018؛ حيث شهد العام حادثة اغتيال رئيس دير الأنبا "مقار الكبير"، الأنبا "أبيفانيوس"، على يد راهبين يعتنقان أفكار تنظيم "الأمة القبطية" المتشدد، بينما كان رئيس الدير القتيل واحدا من أكبر تلاميذ زعيم التيار الإصلاحي، الراهب الراحل "متى المسكين".

ورغم تاريخية الصراع بين أنصار تنظيم "الأمة القبطية" وأبناء "المسكين"، فإن الكنيسة لا تعترف علنا بذلك الصراع، فضلا عن وصوله إلى حد القتل وإراقة الدماء داخل الدير بسبب خلافات عقائدية ومالية حول توزيع التبرعات الكنسية.

وبينما كشفت التحريات تورط راهبين في جريمة الاغتيال (إشعياء وفلتاؤوس المقاري)، حاول كل منهما الانتحار قبيل اكتشاف جريمته، بينما انتحر بالفعل راهب ثالث، "زينون المقاري"، بكنيسة دير المحرق بمحافظة أسيوط، جنوبي البلاد، عقب نقله حديثا للدير من دير أبومقار شمالي البلاد، بعدما ورد اسمه ضمن التحقيقات بشأن مقتل الأنبا "إبيفانيوس المقاري"، يوليو/تموز الماضي.

وكان "زينون المقاري" ضمن مجموعة رهبان اعتادوا افتعال المشاكل مع الأنبا "إبيفانيوس" رئيس الدير المقتول.

وفي أعقاب اغتيال "إبيفانيوس"، أصدر المجمع المقدس في أغسطس/آب، 12 قرارا تهدف إلى ضبط الحياة الرهبانية داخل الأديرة، أبرزها وقف "الرهبنة" لمدة عام، وشلح 3 رهبان.

كما أمهلت الكنيسة الأديرة المخالفة شهرا لتقنين أوضاعها والانضواء تحت نفوذها أو الشلح، واعتبارها أماكن لا تجوز الرهبنة فيها.

وامتدت معارك السيطرة على أموال تبرعات الكنيسة إلى عدد من إرسالياتها خارج مصر، وصلت إلى حد استدعاء الشرطة لفض مشاجرة كلامية حادة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية باليونان.

عام تقنين الكنائس

"فين الكنيسة يا عماد؟".. بتلك الكلمات طرح الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" سؤالا على رئيس المنطقة المركزية العسكرية، اللواء أركان حرب "عماد أحمد الغزالي"، منتصف ديسمبر/كانون الأول، خلال افتتاح مشروع "أهالينا 1" السكني الذي تقيمه القوات المسلحة في القاهرة.

لكن الإجابة التي لم تقنع "السيسي"، أعقبها بتكليف وزير الدفاع، الفريق أول "محمد زكي"، ببناء كنيسة بكل مدينة جديدة يتم بناؤها، مؤكدا في خطابه للوزير "عشان دول (هؤلاء) يعبدوا ربنا ودول (هؤلاء) يعبدوا ربنا"، في إشارة إلى وجود مساجد ضمن تصميمات المدن الجديدة التي يتم تأسيسها، بينما لا توجد كنائس.

ويعتبر عام 2018 عام تقنين الكنائس بامتياز؛ إذ نشرت الجريدة الرسمية، في ديسمبر/كانون الأول الجاري، قرار الحكومة بالموافقة على تقنين أوضاع 168 كنيسة ومبنى.

ويعد ذلك الرقم الأكبر خلال عام واحد في تاريخ تقنين أوضاع الكنائس المصرية، لكنه لا يعتبر نهائيا؛ إذ تبحث اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس، إجراءات تقنين 509 كنائس أخرى.

نزيف الدم

لكن الكنيسة، رغم تحقيقها مكاسب يصعب تجاهلها خلال 2018، فإن المسيحيين عادوا للهتاف ضد النظام مرتين؛ أحدهما في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عندما هاجم مسلحون بالرصاص حافلة تقل مسيحيين في طريقهم إلى دير الأنبا صموئيل، في محافظة المنيا، وأسفر الهجوم عن وفاة 9 وإصابة 13 آخرين.

وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني، أي بعد يومين من الهجوم، أعلنت وزارة الداخلية تصفية 19 قالت إنهم من المنفذين لها.

لكن ذوي القتلى المسيحيين الغاضبين حملوا السلطات مسؤولية ضعف التأمين، خاصة أن حادثا مماثلا وقع بالقرب من المكان ذاته في 26 مايو/أيار 2017، وأسفر عن مقتل 29 وإصابة 24.

وعادت الهتافات الغاضبة مجددا في ديسمبر/كانون الأول، خلال احتجاجات لمئات المسيحيين، الخميس، خلال قداس صلاة جنازة لتأبين رجل وابنه قتلهما شرطي بالمحافظة، إثر مشاجرة ومشادة كلامية.

ورغم أن واقعة القتل كانت نتيجة خلاف بين عامل بناء وابنه من جانب، والشرطي من جانب آخر، إلا أنه أثار غضب المسيحيين معتبرين أنه جاء في إطار استهدافهم على أساس عقدي.

وخلال الجنازة، أفاد شهود بوقوع مشادات كلامية غاضبة بين المشيعين وعددهم نحو ألفي شخص ورجال الشرطة الذين يحرسون الجنازة في المنيا؛ حيث رددت الحشود هتافا يقول "واحد اثنين حق الشهداء فين"، بينما طالب الأسقف العام بإبراشية المنيا، الأنبا "مكاريوس"، الذي قاد قداس صلاة الجنازة، السلطات بتقديم رد.

عام الرحيل

وشهد عام 2018 رحيل 5 من كبار رجال الكنيسة المصرية، أحدهم هو رجلها الحديدي، سكرتير المجمع المقدس الأسبق لمدة 27 عامًا، الأنبا "بيشوي" (توما السرياني) مطران دمياط.

وتوفي الأنبا "بيشوي" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بصورة مفاجئة عن عمر 76 عاما، وترهبن في 16 فبراير/شباط 1969 باسم الراهب "توما السرياني"، واختاره البابا "شنودة" الثالث، أسقفًا لأبارشية دمياط وكفر الشيخ وتمت سيامته في 24 سبتمبر/أيلول 1972 ونال رتبة مطران في 2 سبتمبر/أيلول 1990.

كما رحل في 25 فبراير/شباط الماضي، الأنبا "فام" أسقف طما وتوابعها، بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 73 عاما، بإحدى مستشفيات العاصمة البريطانية لندن، حيث كان يتلقى العلاج.

وقبيله بأيام، وبالتحديد في 17 فبراير/شباط، رحل الأنبا "بقطر" عضو المجمع أسقف الوادي الجديد، بإحدى مستشفيات الولايات المتحدة بعد صراع مع مرض الكبد.

وفي مارس/آذار الماضي، رحل الأنبا "أنطونيوس" أسقف منفلوط وتوابعها بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 67 عاما.

كما توفي الأنبا "أرسانيوس"، مطران المنيا وأبو قرقاص، بعد صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز 90 عامًا، في 11 أغسطس/آب الماضي.

السفر إلى (إسرائيل)

وشهد عام 2018 اعترافا علنيا من بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، "تواضروس الثاني"، بأنه أعاد السماح لرعايا كنيسته المصرية بالسفر إلى القدس المحتلة، رغم استمرار الاحتلال الإسرائيلي.

وخلال زيارته لأمريكا، سبتمبر/أيلول الماضي، قال "تواضروس" إن قراره جاء بعد أن طلب الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" منه ذلك. وأضاف: "لما وقفت الزيارات أصبح هناك مشكلة، والرئيس الفلسطيني قال إن زيارات المصريين لهم تساعدهم، فتقدم أولادنا بالسماح للسفر وسمحنا به".

ومنذ الاحتلال الإسرائيلي للقدس، اتخذ الأزهر، المؤسسة الدينية الإسلامية الرسمية في مصر، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قرارا بمنع السفر إلى المدينة المقدسة وهي تحت وطأة الاحتلال، معتبرين ذلك تطبيعا ونوعا من الاعتراف بسلطة الاحتلال على المشاعر المقدسة.

وطيلة العقود السابقة دأبت الكنيسة على تأكيد موقفها الأول، لكن مؤخرا تزايدت رحلات الأقباط المصريين إلى القدس لزيارة كنيستهم هناك، وذلك دون تبرؤ رسمي من الرحلات التي تردد أنها يجري ترتيبها من شركات سياحية تابعة للكنيسة، وأن إعلاناتها توزع داخل مبنى الكاتدرائية في منطقة العباسية، شرقي القاهرة، المقر الرئيسي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لكن اعتراف "تواضروس" أعطاها طابعا علنيا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الكنيسة المصرية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تواضروس الثاني