التغييرات السعودية.. تحسين صورة واسترضاء للعائلة المالكة 

الخميس 27 ديسمبر 2018 09:12 ص

صعود موقوف سابق، إلى رأس الدبلوماسية السعودية، وإبعاد وزيري الإعلام والحرس الوطني، ونقل رئيس الهيئة الرياضية المقرب من ولي العهد السعودي، "محمد بن سلمان".. تلك جملة من التغييرات جاءت في نهاية عام "صعب" للمملكة، شهدت في أشهره الأخيرة أكبر أزمة في تاريخها الحديث، عقب مقتل الصحفي "جمال خاشقجي". 

وهذه ثاني تغييرات تشهدها السعودية، منذ مقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، حيث أعلنت المملكة مسؤوليتها عن الجريمة في 20 من الشهر ذاته، وتم إبعاد عدد من المسؤولين بينهم المستشار بالديوان الملكي "سعود القحطاني"، ونائب مدير الاستخبارات "أحمد عسيري".

محلل عربي، تحدثت إليه الأناضول، يرى أن التغييرات لن تكون الأخيرة، مشيرا إلى أن ملف "خاشقجي"، كلمة السر فيها، وستظل تحوم حول "بن سلمان"، حتى تقبل المملكة بذهابه كما تطالب مؤسسات غربية أو تتمسك به بصورة نهائية لتولي مقاليد الحكم.

فيما يرى محلل ثان بارز، في حديث للأناضول، أن التغييرات السعودية تحمل تطمينات للرأي العام وللاستهلاك الداخلي، وتمكين "بن سلمان، وترضية للعائلة المالكة، خاصة بعد أزمة "خاشقجي".

وفي 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، اختفى الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، عقب دخوله قنصلية بلاده بإسطنبول، وهو ما أثار أزمة دولية كبيرة، اضطرت المملكة على إثرها للاعتراف في 20 من الشهر ذاته بمقتله داخل القنصلية، بعد 18 يوما من الإنكار.

وقدمت الرياض روايات متناقضة عن اختفاء الصحفي الراحل، قبل أن تقول إنه تم قتله وتجزئة جثته بعد فشل "مفاوضات" لإقناعه بالعودة للسعودية، ما أثار موجة غضب عالمية ضد المملكة ومطالبات بتحديد مكان الجثة.

 التغيير الثاني

التغيير الأول في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، أطاح بـ"القحطاني"، و"عسيري"، المقربين من "بن سلمان"، وأبقى على الأخير، ومنحه صلاحيات لهيكلة الاستخبارات.

بينما جاء التغيير الثاني، الخميس، بأوامر ملكية، ليبقي على صلاحيات ولي العهد السعودي، ومنصبيه نائبا لرئيس مجلس الوزراء، ووزيرًا للدفاع، وترأس إعادة تشكيل مجلس الشؤون السياسية والأمنية، رغم الاتهامات الكثيرة التي لاحقته ارتباطا بقضية "خاشقجي"، وأبرزها من الشيوخ الأمريكي، والذي رفضتها المملكة مؤخرا.

وشهد التغيير وفق مراقبين، تقليم أظافر مقربين بارزين من "بن سلمان"، وخفض من مناصبهم، كوزير الخارجية السابق "عادل الجبير"، أو إبعاد وزير الحرس الوطني "خالد بن عبدالعزيز العياف"، أحد أبرز مسؤولي الوزارات العسكرية السيادية والمعنية بالتدخل لحفظ واستقرار الأوضاع ومواجهة أي عدوان خارجي.

ولم يسلم رئيس هيئة الرياضة السابق، "تركي آل الشيخ"، المقرب من "بن سلمان" من التغييرات، بعد فترة قصيرة من انتقادات كثيرة لاحقته في إدارة ملف الرياضة ببلاده وعربيا، وكذلك وزير الإعلام السابق، "عواد بن صالح".

وكان اللافت أيضا، هو استقدام موقوف سعودي سابق من توقيفات فندق ريتز كارلتون الشهير في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، هو "إبراهيم العساف"، الذي شغل منصب وزير المالية سابقا، ووضعه على رأس وزارة الخارجية، في ظل ظروف تشهد تطورات دولية كثيرة مرتبطة بـ"خاشقجي".

واستحدثت الأوامر الملكية التي أصدرها العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، هيئة باسم "الهيئة السعودية للفضاء" برئاسة "سلطان بن سلمان"، نجل العاهل السعودي.

فيما شملت التغييرات إعفاء مستشار الأمن الوطني "محمد بن صالح الغفيلي"، من منصبه، وتعيين "خالد بن قرار الحربي" مديرًا للأمن العام خلفا لـ"سعود هلال"، و"عواد العواد" مستشارًا بالديوان الملكي.

وكعادة المراسيم الملكية لا تقدم أسباب استبعاد ذلك أو تخفيض منصب آخر، ولا يعتاد الإعلام الخاص أو الرسمي على تناول مثل هذه الأمور الحساسية بالبلاد الذي يحكم عبر عائلة تعد أطول نظام ملكي مستقر بالعالم العربي.

كلمة السر

المحلل المصري "مختار غباشي"، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، يقول للأناضول: "كلمة السر في هذه التغييرات التي تأتي في نهاية العام هي جمال خاشقجي".

ويضيف: "إدارة المملكة لهذا الملف بدرجة أو أخرى لم يكن مرضيا، ولأجل ذلك نقل وزير الخارجية، لوزير دولة معناه لا رضا على هذا الأداء في هذه القضية تحديدا".

ويتابع: "هذه القضية خلقت ضغوطا على السعودية من الجانب الأمريكي الذي صارت علاقة مؤسساته بالمملكة تكاد تكون متوترة للغاية، فكان لازما هذه التغييرات".

ويمضي قائلا "وزير حرس وطني أو وزير الخارجية لهم جزء كبير في ملف خاشقجي وتركي آل الشيخ كان محل جدل في إدارته لملف الرياضة".

ويرى أن ملف الخارجية السعودية مرتبط بثوابت لديها، معروفة من زمن، والمال السعودي يلعب دورا كبيرا في هذه العلاقات، وبالتالي مجيء أي شخص سيكون مرتبطا بهذه الثوابت.

ويؤكد أن "المال السعودي في ملف خاشقجي لم يستطع احتواء الأزمة وكذلك مسؤولون منهم الجبير لم يستطيعوا إدارته".

ويذهب إلى أن التغيرات تحمل دلالة تخص "بن سلمان"، قائلا: "كل التغييرات في النهاية لم تمس ولي العهد".

ويستدرك "محمد بن سلمان، ليس خطا أحمرا ولكن محطة أخيرة (...) هل ستتحمل المملكة الضغوط التي تمارس عليها من المؤسسات الأمريكية ومن الخارج في ذهاب محمد بن سلمان؟ هل سيتم تغيير هذا الوضع وفي النهاية يتم تبديله؟ هذا هو السؤال".

ويضيف: "أتصور أن المستقبل يحمل تغييرات جديدة، والكل يترقب، تغييرات لا ترضى طموح الغرب وبالتالي هناك".

ويتابع: "محمد بن سلمان، ذهب وبقيت تلك كل التغييرات كلّ هؤلاء فلا مشكلة، فالقضية عند المؤسسات الأمريكية والغرب بعيدا عن الإدارة هو بن سلمان، متى سيذهب وهل هناك قادم ليحكم وماذا ستكون علاقاته مع واشنطن؟ أسئلة تبحث عن إجابات".

ترضية وتمكين

المحلل البارز في الشأن الخليجي "عبد الله باعبود"، يرى في حديث للأناضول، أن التغييرات السعودية تحمل تطمينات للرأي العام وللاستهلاك الداخلي، وترضية للعائلة المالكة خاصة بعد أزمة المملكة الأخيرة.

وحول دلالة وصول "العساف"، لمنصب وزير الخارجية بديلا عن "الجبير"، يضيف: "العساف"، رجل اقتصادي، ومهم أن تقول السعودية إنها أعفت عنه بعد إثبات براءته، وهذا التغيير أتوقع له علاقة بجلب بالاستثمار للمملكة، خاصة وأنه مسؤول يتحدث بلغة المستثمرين".

ويتوقع "باعبود"، الأستاذ الزائر بجامعة "حمد بن خليفة"، أن ما حدث مع "الجبير"، متعلقا بأزمة المملكة الأخيرة، وعدم القدرة على حماية بن سلمان، أو أن يتفرغ للتحدث باسم الوزارة، أو المملكة.

ومتطرقا إلى إعادة تشكيل المجلس الأمني والاقتصادي برئاسة ولي العهد، يتوقع "باعبود"، أنه لن يحمل تغييرا في السياسات، ولا في الوجوه، في ظل السعي من وقت لآخر لتمكين "محمد بن سلمان".

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

السعودية خاشقجي بن سلمان الجبير