موريتانيا.. جدل حول الرئاسيات وتعديل الدستور وخليفة عبدالعزيز

الجمعة 28 ديسمبر 2018 01:12 ص

جدل واسع، بدأ في موريتانيا، بالتزامن مع قرب الانتخابات الرئاسية المقررة منتصف العام المقبل، وسط مطالبات بتعديل الدستور بهدف السماح للرئيس "محمد ولد عبدالعزيز"، بالترشح لولاية ثانية.

وفي الوقت الذي يؤكد دستوريون وقانونيون، صعوبة تعديل الدستور، يدرس "ولد عبدالعزيز" اختيار مرشح يخلفه، وتبحث المعارضة الدفع بمرشح توافقي.

وظهرت أسئلة كثيرة يطرحها الموريتانيون حاليا حول المنعطف الذي ينتظر بلادهم بعد انتخابات يونيو/حزيران المقبل، تتراوح بين حقيقة أن "عزيز" سيغير الدستور ليترشح لولاية ثالثة، رغم نفيه المتكرر لذلك، أو تنصيبه شخصا تابعا له يسهم في تمكينه من الاستمرار بالسيطرة من خارج القصر الرمادي.

كما يتساءل الموريتانيون عن قدرة المعارضة توحيد مرشحها، واجتياز الانتخابات، وحماية المكاسب بعد النجاح.

وأمام كل ذلك، يختفى "عزيز"، منسحبا في عطلة داخل الصحراء، قيل إنها "عطلة استجمام واستخارة"، حسب صحيفة "القدس العربي".

مصادر، قالت إن عطلة الرئيس، تأتي لإمعان اتفكير حول الترشح للرئاسة، أو تحديد من سيخلفه.

وكان "ولد عبدالعزيز"، قال في مناسبات عدة، إنه "لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة تماشيا مع أحكام الدستور"، التي لا تسمح له إلا بفترتين، وأكد أنه "لا ينوي إجراء أي تعديل على تلك الأحكام محترما بذلك مقتضيات الدستور".

وتولى الرئيس الموريتاني، السلطة، إثر انقلاب في 2008، وانتخب في 2009، ثم في 2014، وردد سابقا أن "قناعته الشخصية تشير إلى أن تغيير الدساتير من أجل شخص واحد أمر غير سليم، وأنه ضد إجراء أي تعديلات على الدستور إلا إذا كانت لأمور جد ضرورية".

ورغم ذلك، تتصاعد دعوات في البلاد، لتعديل الدستور، من أجل التمديد لـ"عزيز"، في وقت أفتى فقهاء في القانون الدستوري، باستحالة تعديل الدستور لأنه يغلق الباب أمام البرلمان بحيث لا يمكنه المبادرة لتعديله.

دعوات التمديد

والأسبوع الماضي، نظم مؤيدون لـ"عزيز"، مهرجانا في ولاية الترارزة (جنوبي البلاد)، أعلنوا خلاله عن "تمسكهم بالرئيس، وأنه هو خيارهم ومرشحهم للاستحقاقات الرئاسية"، داعين في بيان نشروه، لـ "التعبئة الشاملة من أجل إسماع صوت المواطن تحت قبة البرلمان، حتى يتم تعديل الدستور طبقا لإرادة الشعب بإلغاء تحديد مدة الرئاسيات".

وأكد أنصار "عزيز"، في مهرجانهم، الذي أثار المعارضة، أنه "إذا كان من حق الرئيس أن يعلن عدم رغبته في ولاية ثالثة، فإنه من حق الشعب الموريتاني أن يحرص على مواصلة قيادة سفينة التغيير البناء حتى تكتمل المنجزات وتكون البلاد جاهزة للتناوب على السلطة".

وحسب صحيفة "السفير" الموريتانية (مستقلة)، فإنه "أصبح جليا أن تجنيد بعض أطر الولايات ودفعها لتنظيم حملات داعية لخرق الدستور، للإبقاء على عزيز، بحجة استكمال المشاريع التنموية وضرورة احترام رأي غالبية الشعب الموريتاني، ليست سوى محاولات للتأثير على قرار الرئيس".

تعديل صعب

في المقابل، ومع تصاعد هذه الدعوات، قال أستاذ القانون الدستوري والقاضي بمحكمة الحسابات "إدريس حرمه"، في تدوينة له، إنه "لا يمكن لرئيس جمهورية في ولايته الثانية أن يطمح لولاية ثالثة، ما لم يتم تعديل الدستور لرفع هذه القيود الناتجة عن أول مراجعة للدستور سنة 2006، والتي وصفها الرئيس السابق المرحوم اعل ولد محمد فال بالأقفال الثلاثة لضمان التناوب الديمقراطي، ولترك السلطة لرئيس جديد، بعد مدة أقصاها عشر سنوات".

وقال: "بالفعل، حدد الدستور النافذ مدة ولاية رئيس الجمهورية، بخمسة أعوام قابلة للتجديد مرة واحدة، وحصّن الأحكام المتعلقة بها، أي وضعها في منأى عن أي تعديل بموجب مقترح أو مشروع صادر عن السلطتين الوحيدتين المخولتين باتخاذ مبادرة مراجعة الدستور، وهما البرلمان ورئيس الجمهورية".

وتابع: "بل وألزم الأخير باعتباره حاميا للدستور ومجسدا للدولة بأن يقسم بالله العلي العظيم على ألا يتخذ أو يدعم بصفة مباشرة أو غير مباشرة أي مبادرة ترمي إلى تعديل الأحكام المتعلقة بمدة وعدد الولايات".

جهود معارضة

ولم ترق هذه المطالبات بتعديل الدستور لـ"التحالف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية"، الممثل للمعارضة بأحزابها ونقاباتها وشخصياتها، والذي أكد في بيان أنه "يرفض بقوة وحزم الانقلاب على الشرعية، ويحمل رأس النظام الحالي مسؤولية ما قد ينجم عنه من فتن وقلاقل عصفت ببلدان قادها إصرار قادتها على التمسك بالسلطة إلى الخراب والدمار".

وهددت المعارضة بمقاضاة المطالبين بتعديل الدستور.

في الوقت نفسه، تنشغل المعارضة في التحضير للانتخابات القبلة، من أجل الوصول لمرشح واحد.

كما أكدت المعارضة في وثيقة إعلان مبادئ أن "بلوغ هدف التناوب السلمي في انتخابات 2019، الذي يتطلع إليه كل الموريتانيين، يتطلب، على مستوى السلطة القائمة، الشروع في تهدئة الأوضاع، والعمل على خلق مناخ سياسي طبيعي عن طريق التخلي عن منطق المجابهة والصدام، والكف عن شيطنة المعارضة الديمقراطية، وعن قمع الحركات السلمية، والسجن التعسفي، ووقف المتابعات القضائية ضد المعارضين".

خليفة "عزيز"

وبينما تقترب المعارضة من التوافق على مرشحها الوحيد، يحتدم الصراع بين جناحين مقربين من "عزيز"، لاختيار من سيخلفه، أحدهما يقوده رئيس الوزراء السابق "يحيا ولد حدمين"، والثاني يقوده رئيس البرلمان "الشيخ ولد بايه".

وحسب الإعلامي البارز "أحمد محمد مصطفى"، فإن عقل "عزيز"، مع وزير الدفاع الحالي الفريق "محمد ولد الغزواني"، وأن قلبه مع رئيس البرلمان العقيد "الشيخ ولد بايه".

وأضاف: "من نقاط القوة التي تدفع لاختيار الفريق غزواني، مستوى الثقة بين الرجلين، وسهولة تسويقه شعبيا وفي دوائر الدولة العميقة، بل حضوره الذاتي فيها، وتعدد عناصر قوته، وتوقع أداء الدور إن كان حماية".

وزاد: "يعرقل مضي عزيز في ترشيح غزواني وحسمه له، التأكد من عدم ارتهانه الكامل لكل الأجندة المرسومة له، وقوة حاضنته الشعبية والمالية، وإذا أضاف لها السلطة فسيضم في يديه كل عناصر القوة والتأثير، هذا مع خبرته في النظام وسهولة تفكيك ما يحاط به من مطبات وعقبات، ما يجعل الرهان على هذه المطبات التي أقيم بعضها- فعليا- رهان خاسر".

وتابع الإعلامي الموريتاني: "أما العقيد المتقاعد الشيخ ولد بايه، فمن الدوافع لاختياره، مستوى الارتهان المتوقع منه، ما يعني استمرار عبدالعزيز عمليا في الحكم، واستمرار القوة الحاكمة ذاتها، بمشاريعها المشتركة، ونظرتها للشأن العام".

وخلص المدون للتأكيد أنه "في كل الأحوال يتوقع أن تحمل الأسابيع المقبلة، انجلاء أكثر للصورة، مع احتمال أن يكون 2 مارس/آذار المقبل، موعدا للكشف عنها بشكل كامل".

واختتم بالقول: "في كل الأحوال يبدو من الراجح أن ينتصر عقل الرئيس على قلبه".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

موريتانيا ولد عبدالعزيز انتخابات رئاسيات ولاية ثالثة المعارضة