حملة الإمارات ضد الإسلام السياسي.. كيف تقوض نفوذها في بريطانيا؟

الجمعة 28 ديسمبر 2018 06:12 ص

يمكن القول إن الإمارات العربية المتحدة هي الدولة الأكثر عداءً للإسلام السياسي والأكثر تصميما على إطفاء جذوته في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ولا يرى الحكام في أبوظبي، الذين يسيطرون على معظم أدوات صنع القرار على مستوى الدولة الاتحادية داخليا وخارجيا، فارقا بين حزب معتدل ديمقراطي، تابع لجماعة "الإخوان المسلمون"، مثل حزب "النهضة" في تونس، وبين تنظيم "الدولة الإسلامية"، وغيره من الجماعات المتطرفة العنيفة، مثل جماعة "بوكو حرام" و"القاعدة" و"حركة الشباب" الصومالية.

وقد قامت السلطات الإماراتية بقمع النشاط الإسلامي في الإمارات، وعلى النقيض من البحرين والكويت، لا تسمح أبوظبي لأي منظمة تابعة لجماعة "الإخوان المسلمون" بالوجود، ناهيك عن الاحتفاظ بأي سلطة في الحكومة.

ومنذ تسعينات القرن الماضي، كان المسؤولون في أبوظبي قد رأوا الإسلاميين في الإمارات بمثابة "تهديد" داخلي لبقاء الاتحاد كدولة قومية، وغالبا ما كانوا يشيرون بأصابع الاتهام إلى دول أجنبية، خاصة قطر، متهمين إياها برعاية الإسلاميين في الإمارات من أجل إضعاف نفوذ الإمارات الإقليمي والعالمي.

ويعد الدين الرسمي للإمارات هو الإسلام، ولدى البلاد محاكم شرعية إسلامية، ويستخدم الحكام الإماراتيون لغة دينية بشكل متكرر، ما يوضح كيف يرتبط الإسلام بشكل مهم بمفهوم الشرعية السياسية في الإمارات.

وهكذا، فإن جماعة "الإخوان المسلمون"، باعتبارها حركة عبر وطنية تدعو إلى إصلاحات ديمقراطية وعدالة اجتماعية، وترفض بعض التأثيرات الغربية، تشكل تهديدا أيديولوجيا لحكام الإمارات، في النواحي الاجتماعية والدينية والسياسية ويمثل "الإخوان" على وجه الخصوص تحديا لشرعية الحكم في الإمارات، لا سيما عندما تدخل البلاد مرحلة ما بعد النفط، ويقع العقد الاجتماعي للبلاد تحت ضغوط جديدة.

وفي الإمارات، يستفيد الإسلاميون من المظالم المعروفة والمشهودة والعلل الثقافية مثل سهولة العثور على الكحول، وارتداء السياح "البكيني" على الشواطئ، والسماح بالدعارة والنوادي الليلية، وما إلى ذلك، وكذلك  من المستويات العالية من عدم المساواة بين أبوظبي ودبي من جهة، والإمارات الخمس الأقل ثراء، وهي عجمان، والفجيرة، ورأس الخيمة، والشارقة، وأم القيوين، من جهة أخرى.

وقد أتاحت هذه الحقائق في الإمارات لأعضاء الحركات التابعة لجماعة "الإخوان المسلمون"، خاصةً "الإصلاح"، فرصة تصوير نشاطهم وتقديم أنفسهم كوجوه إسلامية في بلد يحكمها حكام انحرفوا عن الالتزام بالممارسات الاجتماعية الإسلامية.

ويزعزع هذا النوع من الخطابات القادة الإماراتيين؛ لأنه يهدد بتقويض شرعيتهم.

وكما قال "كريستوفر دافيدسون": "إن التزام الإصلاح بمواصلة الدفع باتجاه الديمقراطية، بما يتماشى مع بنود دستور دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 1971، قد وضعه فعليا في مواجهة مباشرة مع العائلات الحاكمة غير المنتخبة في البلاد، ومن الواضح أن الإصلاح قد تحمل جزءا كبيرا من العبء، حيث كانت معظم الاعتقالات من صفوفه باتهامات بنوع من المؤامرة الخارجية المبنية على العلاقة بالإخوان المسلمون المصريين وهي اتهامات لا تستند إلى أدلة موضوعية".

ومن وجهة نظر الإمارات، يتطلب التصدي للتطرف في العالم الإسلامي التعاون بين جميع حكومات الدول ذات الأغلبية المسلمة، لتبني فهم مشترك للإخوان المسلمون كمنظمة إرهابية.

وتستند تصورات أبوظبي ضد قطر وتركيا كدول مارقة إلى حد كبير على الدعم الذي قدمته كل من الدوحة وأنقرة لمختلف فروع الإخوان المسلمون في المنطقة.

وينظر الزعماء الإماراتيون إلى ذلك على أنه تهديد خطير للسلام والاستقرار والاعتدال، ليس فقط في الخليج العربي، بل في جميع أنحاء العالم الإسلامي الكبير.

وخلال فترة ما بعد 2011، أصبحت السياسة الخارجية لأبوظبي أكثر عدوانية فيما يتعلق بمكافحة الأخطار الإسلامية المتصورة.

وكان دور الإمارات في ليبيا كراعٍ للجنرال "حفتر"، وحملاتها العسكرية ضد الجماعات الإسلامية في اليمن، ودعمها للانقلاب المصري عام 2013، وتنسيقها مع روسيا ونظام دمشق في محاربة الجماعات الإسلامية في الحرب الأهلية السورية، إضافة إلى الحصار المفروض على قطر، كلها براهين على عزم ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" على قمع الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية الأخرى في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما يجب النظر إلى المزاعم القائلة بأن الإمارات دعمت الانقلاب الفاشل عام 2016 ضد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في سياق جهود أبوظبي لمواجهة الإسلام السياسي.

الحملة ضد "الإخوان" في لندن

وقد امتدت جهود الإمارات لإضعاف جماعة الإخوان المسلمون إلى الغرب أيضا.

وحاولت أبوظبي الضغط على بريطانيا على وجه الخصوص لتغيير وجهات نظرها حول الإسلام السياسي.

وفي يوليو/تموز عام 2018، ألقى وزير الخارجية الإماراتي "أنور قرقاش" خطابا، أمام مؤسسة فكرية ترتبط بحزب المحافظين البريطاني، وصف فيه جماعة الإخوان المسلمون بأنها "بوابة الأيديولوجيات الجهادية بجميع أنواعها".

وفي الشهر نفسه، واجهت جهود الضغط الإماراتي في لندن وواشنطن جدلا بعد أن أصدرت مؤسسة "سبين واتش" تقريرا مؤلفا من 52 صفحة يكشف النقاب عن الاتصالات بين جماعات الضغط ودبلوماسيين بريطانيين، وهو ما أبرز "الطبيعة العدوانية" للوبي الإمارات في بريطانيا.

وأفادت "سبين واتش" الأمريكية أن ضغط اللوبي الإماراتي يهدف إلى "إخضاع السياسة الداخلية والخارجية لتلك الدول من أجل تعزيز مصالحها وتعزيز أجندتها".

ووفقا للتقرير، فقد تسللت "المليارات من الدولارات إلى وسائل الإعلام البريطانية لتشويه سمعة المنافسين".

وأشار التقرير إلى احتمالات التدخل في تقارير اللجان البرلمانية البريطانية المنتخبة، وشراء ولاء السياسيين من خلال الرحلات الفخمة، والتبرع إلى مراكز التفكير ومحاولة التأثير عليها.

ويزعم المسؤولون الإماراتيون بأن جماعة الإخوان المسلمون، التي "تعمل في السر وتقدم نفسها في ثوب الاعتدال"، هي جماعة "متأصلة" في المجتمع البريطاني.

وقد أدى وجود الإسلاميين الإماراتيين كلاجئين سياسيين في لندن إلى إثارة الاحتكاك في العلاقات الثنائية بين الإمارات، وبريطانيا، ودفعت السلطات في الإمارات نظيرتها في بريطانيا لترحيل شخصيات من "الإصلاح".

وعلى خلفية المناخ السياسي البريطاني بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، والذي تعد فيه الإسلاموفوبيا حقيقة لا يمكن إنكارها، سعت حملة الإمارات المناهضة للإسلاميين في بريطانيا إلى استغلال المواقف المعادية للإسلام، أو المناهضة للإسلاميين، لأجل الربط بين قطر وجماعة الإخوان المسلمون لإذكاء المشاعر ضد قطر في أزمة مجلس التعاون الخليجي المستمرة.

وتحقيقا لغايتها في التأثير على الخطاب في لندن، أنشأت الإمارات المتحدة والسعودية منظمات "غامضة" مناهضة لقطر.

ومن خلال محاولة ترسيخ الارتباط بين الإخوان المسلمون وبين الفصائل الجهادية التي أراقت الدماء في لندن ومانشستر، سعت الإمارات إلى كسب المزيد من التأييد لحملتها التي تربط بين قطر والإخوان المسلمون، وبين تهديد الإرهاب االراديكالي في بريطانيا والعالم الغربي ككل.

وفي سبتمبر/أيلول عام 2017، نظم "خالد الهيل"، رجل الأعمال القطري المنفي، مؤتمرا تحت عنوان "قطر والأمن والاستقرار العالمي في لندن"؛ حيث ضمت قائمة المتحدثين مجموعة من السياسيين والمحللين والمسؤولين العسكريين الأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين، مع غياب ملحوظ للقطريين.

ودعا مؤتمر "المعارضة" هذا إلى "انقلاب غير دموي" في الدوحة، وبثت وسائل الإعلام في الإمارات الحدث مباشرة، كما تزعم بعض المصادر أن تمويل المؤتمر جاء من الإمارات.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بعثت الإمارات برسالة قوية إلى لندن عندما صنفت 3 منظمات تتخذ من بريطانيا مقرا لها كمجموعات إرهابية وهي منظمة الإغاثة الإسلامية في لندن، ومؤسسة قرطبة في بريطانيا، والجمعية الإسلامية في بريطانيا.

 وتنتمي هذه الكيانات الثلاثة الموجودة في بريطانيا إلى قائمة تضم 85 منظمة "إرهابية" قامت الإمارات بإصدارها دفعة واحدة.

ومن بين المنظمات المدرجة في القائمة هناك العديد من المنظمات الإسلامية غير الهادفة للربح في الدول الغربية الأخرى، مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية الذي يتخذ من واشنطن العاصمة مقرا له، ومنظمة الإغاثة الإسلامية، أكبر مؤسسة خيرية إسلامية في الغرب، والتي لها وجود في أكثر من 20 دولة وعلاقات تعاون مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي، والتي اتهمها الإعلام الإماراتي "بالترويج بانتظام لخطباء متطرفين لهم صلات بالإخوان المسلمون".

ومن وجهة نظر أبوظبي، ينبغي على حكومة بريطانيا أن تنضم إلى الإمارات في النظر إلى منظمة الإغاثة الإسلامية، ومؤسسة قرطبة في بريطانيا، والجمعية الإسلامية في بريطانيا، على أنها تهديدات إرهابية، وليست جهات فاعلة شرعية في المجتمع المدني البريطاني.

وتعتقد قيادة الإمارات أن المسؤولين البريطانيين واقعين تحت التضليل بتوفير غطاء لمثل هذه المنظمات التي لها صلات مزعومة مع الإخوان المسلمون، تحت لواء حرية التعبير.

وفي مقال لصحيفة "ذا ناشيونال"، ومقرها أبوظبي، دعا "سام ويستروب"، مدير "ذا ووتش الإسلامية"، وهي مشروع تابع لـ"منتدى الشرق الأوسط" المملوك للجناح اليميني في الولايات المتحدة، الحكومات الغربية إلى الاعتراف بأن منظمة "الإغاثة الإسلامية"، المؤسسة الخيرية التي عملت لمدة 3 عقود كقناة رئيسية لجهود المساعدات الدولية، "من الممكن أن تكون أيضا الذراع المالية لحركة دولية مكرسة لتشجيع التطرف وعدم الاستقرار، ودفع التطرف في المجتمعات الإسلامية المعتدلة تاريخيا".

الخلافات حول قطر و"الإخوان"

وفي خطوة اعتبرها العديد من المحللين نتيجة للضغط من الإمارات والسعودية، أجرت حكومة بريطانيا مراجعة مثيرة للجدل حول جماعة الإخوان المسلمون عام 2014.

وقاد السير "جون جنكينز"، سفير لندن في الرياض في ذلك الوقت، المراجعة التي تم إصدارها، وفي ديسمبر/كانون الأول 2015، لم يجد تقرير "جنكينز" أية روابط مباشرة بين الإخوان المسلمون في البلاد وبين الإسلام "الراديكالي".

ومع ذلك، خلص إلى أن العضوية بتلك الجماعة قد تكون بمثابة "مؤشر محتمل للتطرف"، مع اعتبار الحركة "تذكرة مرور" للتطرف العنيف لبعض الأعضاء.

وبعد الانتهاء من تقرير "جنكينز"، صرح رئيس الوزراء حينها، "ديفيد كاميرون"، بأن لندن لن تحظر جماعة الإخوان المسلمون، لكنه أكد أنها احتفظت "بعلاقة غامضة للغاية مع العنف"، وكانت "مبهمة بشكل متعمد".

وبالنظر إلى الأمام، لا يبدو أن هناك ما يدعو إلى الاستنتاج بأن بريطانيا على وشك تصنيف جماعة الإخوان المسلمون كمنظمة إرهابية.

ومن الواضح أن القيام بذلك سوف يتم تفسيره على أنه رضوخ للضغط من قبل حلفاء لندن الخليجيين، ومن ثم فإنه من غير المرجح حدوثه.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك عامل آخر له ثقل في ذلك أيضا، وهو قرار الحكومة الأمريكية بتجنب تصنيف جماعة الإخوان المسلمون كمنظمة إرهابية، وهي حقيقة تسمح لأعضاء الأجنحة السياسية لفروع الإخوان المسلمون بالترشح لمناصب في البرلمان و التأثير على الخطاب في القضايا الاجتماعية في بعض الدول العربية، ويشمل هذا، البحرين والكويت والأردن والمغرب وتونس.

بالإضافة إلى ذلك، ينظر إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، العضو في حلف "الناتو"، كحزب مرتبط أيديولوجيا بالإخوان المسلمون.

وأبرزت أزمة قطر، التي اندلعت في مايو/أيار 2017، وما زالت دون حل، حدود إمكانيات أبوظبي للتأثير على موقف لندن من جماعة الإخوان المسلمون.

وأكدت التطورات في العلاقات بين قطر وبريطانيا منذ اندلاع النزاع في مجلس التعاون الخليجي حرص لندن على مواصلة التواصل مع الدوحة والتعاون معها، على الرغم من الضغوط الدبلوماسية من جانب رباعي الحصار المناهض لدولة قطر.

ومثل العواصم الغربية الأخرى، أثبتت علاقة لندن مع الدوحة بأنها مفيدة لمعالجة الأزمات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، فضلا عن جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية عبر هيئة الاستثمار القطرية، التي ضخت المليارات في الاقتصاد البريطاني.

وبعد أن أشارت بريطانيا إلى قيامها بتوسيع العلاقات مع الدوحة، أوضحت لأبوظبي أن لندن، إلى جانب واشنطن وباريس وبرلين، لن تدعم الدول المناهضة لقطر في سعيها القضاء على الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط.

ويسلط عدم إظهار بريطانيا لأي استعداد لإعادة تقييم علاقتها مع قطر الضوء على فشل الإمارات في بيع حصارها للدوحة إلى المؤسسات في لندن كعمل مسؤول يهدف إلى مكافحة التطرف العنيف.

"ماثيو هيدجز" وتحدي توازن القوى

ووفقا لأحد المواقع العربية، تم استخدام الأكاديمي البريطاني "ماثيو هيدجز" كورقة مساومة لحكومة الإمارات للضغط على المسؤولين في لندن لتسليم المعارضين السياسيين الموجودين حاليا في لندن.

ووفقا للصحيفة فقد "أغضبت هذه الخطوة البريطانيين، الذين أبلغوا أبوظبي أن القانون البريطاني لا يسمح بتسليم الأشخاص الذين تم منحهم حق اللجوء".

وفي حين تسببت قضية الإسلام السياسي في بعض التوترات بين لندن وأبوظبي لأعوام، كان للاحتجاز الأخير لـ"هيدجز"، والاحتجاج في الصحافة الدولية على احتجازه، أثر عميق على العلاقات بين بريطانيا والإمارات.

وبالنظر إلى مدى تمتع أبوظبي ولندن بعلاقة تاريخية قوية، وهي علاقة شكلتها الاستثمارات الإماراتية في بريطانيا، والعديد من المواطنين البريطانيين الذين يعملون ويقضون عطلاتهم في الإمارات، والصفقات الدفاعية المربحة للغاية، فاجأت حالة "هيدجز" الكثيرين.

وردا على ذلك، كتب النائب "كريسبين بلانت" مقالات طالب فيها بريطانيا بإعادة النظر في علاقاتها مع أبوظبي، وجادل بأن لندن يجب أن تفكر في استبدال الإمارات، لصالح البحرين أو عمان، كحليف مفضل في الخليج.

وفي نهاية المطاف، وفي ظل الضغوط البريطانية القوية، تراجعت الإمارات وأطلقت سراح "هيدجز" الشهر الماضي.

ولكن مع وجود "محمد بن زايد" على رأس السلطة، من غير المحتمل أن تقبل الإمارات وضع الشريك الأصغر في العلاقة بين أبوظبي ولندن.

وبالنظر إلى المستقبل، يزداد تعدد الأقطاب في العالم، ما يؤثر بشكل كبير على العلاقات بين بريطانيا والإمارات، ويقل اعتماد الإمارات على حلفائها الغربيين بسبب علاقاتها المتعمقة مع الصين والهند وروسيا.

وفي الوقت نفسه، وبينما تواصل لندن النظر إلى مستقبل ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإنها تسعى إلى إيجاد شركاء تجاريين جدد وصفقات جديدة، ومن هنا تزداد أهمية الإمارات بالنسبة للاقتصاد البريطاني، وهذه حقيقة يدركها المسؤولون في كل من أبوظبي ولندن.

وقد تم الإفراج عن "هيدجز" من خلال عفو رئاسي، وبالتالي، في نظر السلطات الإماراتية، فقد عاد إلى دياره كرجل وجد مذنبا بالتجسس، وهو ما يؤكد عدم استعداد الإمارات لقبول الموقف البريطاني بأن التهم الموجهة ضد "هيدجز" تفتقر إلى أي أساس من الأدلة.

وبالنسبة للإمارات، فإن التمسك بالسرد القائل بأن "هيدجز قد تجسس على الإمارات كان يدور حول إنقاذ ماء الوجه"، وتطلب هذا منهم إطلاق سراح "هيدجز" بطريقة مكنت القيادة الإماراتية من الحفاظ على كرامتها، بدلا من أن تبدو دولة صغيرة خضعت في نهاية المطاف إلى قوة إمبراطورية سابقة.

وبالتالي، قد تكون القيادة الإماراتية مستعدة لمواصلة تحدي لندن بطرق غير تقليدية في قضية الإخوان المسلمون في المستقبل، طالما أن بريطانيا تواصل استضافة المعارضين والإسلاميين من دول الخليج العربية، وطالما استمرت لندن في رفض قبول روايات أبوظبي عن الإسلام السياسي وقطر.

ومع ذلك، إذا استمرت الإمارات في استخدام مجموعة متنوعة من الأساليب للضغط على بريطانيا بشأن هذه القضايا، فقد تتسبب في أضرار خطيرة في علاقتها بلندن.

وقد تكون الآثار بعيدة المدى لهذه السياسة سلبية على المصالح والسمعة الوطنية لدولة الإمارات في لندن والعواصم الغربية الأخرى.

المصدر | جورجيو كافييرو| لوب لوج

  كلمات مفتاحية

الإسلام السياسي الإخوان المسلمين ماثيو هيدجز العلاقات الإماراتية البريطانية