تفاصيل مثيرة عن علاقة صدام بحراسه الأمريكيين قبل إعدامه

الأحد 30 ديسمبر 2018 03:12 ص

كشف أحد الحراس الأمريكيين للسجن الذي كان فيه الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين"، أن السجين "صدام" كان في أيامه الأخيرة ودودا ومهذبا وهادئا، وشغوفا بالأزهار وبسماع أغاني مطربة أمريكية.

وكشف كتاب حديث صدر قبل أيام، في 272 صفحة تحت عنوان "السجين في قصره.. صدام حسين وحراسه الأمريكيون، وما لم يتحدث عنه التاريخ"، أصدره الضابط الأمريكي السابق "ويل باردنويربر"، الذي كان أحد حراس "صدام حسين" في سجنه الأمريكي بضواحي بغداد، كشف كيف قضى  الرئيس العراقي الأسبق أيامه الأخيرة في أكل الكعك وممارسة أعمال البستنة بحديقة السجن وسماع المغنية الأمريكية "ماري جي بلايج"، وذلك قبل إعدامه عام 2006 عقب الغزو الأمريكي للعراق.

وخلال تلك الفترة كانت تجري محاكمة "صدام" أمام محكمة عراقية أنشأتها الولايات المتحدة الأمريكية، وكان يتم نقله من المعتقل والذي كان داخل قصر له على ضفاف نهر دجلة، إلى مقر المحكمة، وكانت الوحدة 515 مسؤولة عن ذلك والحفاظ على حياته وضمان سلامته.

وأطلق عناصر الحماية على أنفسهم مجموعة "سوبر 12" وكانت مهمتهم السهر على راحة رمز "محور الشر" حسب تصنيف الولايات المتحدة وقتذاك، وكانت واشنطن حريصة جدا على الحفاظ على حياته وضمان محاكمته لأن ذلك سيظهرها حريصة على تطبيق العدالة وليس الانتقام.

في الأيام الأولى لم تكن هناك جلسات محاكمة، فكان الوقت يمضي بطيئاً مملاً، إذ لم يكن الكثير من الأشياء التي يمكن القيام بها.

ومع مرور الوقت نشأت بعض الألفة بين الحراس و"صدام" الذي لم تكن تبدو عليه علامات "الشر" حسب قول أحد الحراس، وتطورت العلاقة بين بعض الحراس وصدام الى نوع من الصداقة خلال فترة قصيرة.

واستغرب الحراس رضا "صدام" عن ظروف اعتقاله في زنزانة صغيرة بدلاً عن قصوره الفارهة العديدة.

كان يستمتع كثيراً بالجلوس على كرسي صغير خارج الزنزانة وأمامه مائدة صغيرة عليها علم عراقي صغير، يكتب عليها ويدخن سيجار كوهيبا الكوبي الفاخر الذي كان حريصا على تخزينه في علب خاصة للحفاظ على رطوبة السيجار.

كان "صدام" يهتم كثيراً بطعامه، يتناول فطوره على مراحل، في البداية يتناول العجة وبعدها قطعة حلوى وفي الأخير الفاكهة، كان يرفض تناول العجة إذا لم تعجبه.

كان يستمع إلى الراديو ويتوقف عن البحث عن محطة راديو أخرى لدى سماعه المطربة الأمريكية "ماري بلايج".

كما كان يحب ركوب الدراجة الهوائية التي كان يسميها "المهرة" وكان يمازح الحراس ويقول إنه غزال يقوي سيقانه عبر ممارسة الرياضة كي يتمكن لاحقا من القفز فوق أسوار السجن.

وضحك "صدام" عندما سمع الحراس يقولون إن زميلاً لهم يشبه شخصية دراكولا في مسلسل الرسوم المتحركة "افتح يا سمسم".

وكان العديد من الحراس متزوجين ولديهم أطفال فكان يتبادل الأحاديث معهم عن المشاكل التي يواجهها الآباء مع الأبناء وبعض الحوادث الطريفة التي عايشها.

كما وعد "صدام" أحد حراسه بأنه سوف يتكفل بالنفقات الجامعية لابنه، إذا ما تمكن من الحصول على المال.

تحدث "صدام" عن قيام ابنه "عدي" بإطلاق النار على رواد أحد النوادي الليلية في بغداد فقتل وأصاب العشرات وهو ما أثار غضبه ونقل الحراس عنه قوله: "كنت غاضبا جدا أضرمت النار بكل سياراته".

كان "عدي" يمتلك العديد من السيارات الفارهة مثل رولز رويس وفيراري وبورش وغيرها.

وأضاف "صدام": وقفت أستمتع بالنظر إلى النيران وهي تأتي على سيارات "عدي".

وقال حارس آخر إن صدام كان يتمتع بأفضل ما يمكن أن يحصل عليه سجين، وكنت على قناعة بأنه لو استطاع أنصاره الوصول إليه من أجل تحريره فلن يلحق بنا الأذى فقد كنا على علاقة جيدة معه.

كان "صدام" خلال جلسات المحاكمة شخصية أخرى، وكان غير معني بالدفاع عن نفسه، بل كان يتحدث كأنه يوجه كلامه لمن سيكتب التاريخ لاحقا ويلقي الضوء على الأرث الذي تركه.

وكانت نتيجة المحاكمة شبه محسومة والكل كان على يقين تقريبا بأنه يواجه الموت، لكن عندما كان يعود من جلسات المحاكمة كان يعود إلى شخصيته المعهودة ويتصرف كأنه بمثابة جد للحراس.

الحراس يبكون

ويقول مؤلف الكتاب "ويل باردنوربر" إن "الحراس الـ12 قاموا بواجبهم بمهنية وإنسانية رغم الظروف الفظيعة التي كانت سائدة وقتها، ورغم أن هؤلاء الشبان لم يتلقوا أي تدريبات للتعامل مع سجين من هذا النوع، بل تلقوا تدريبات مثل غيرهم من عناصر الشرطة العسكرية حول طريقة التعامل مع السجناء من العسكريين وليس رئيس دولة سابق".

ويوضح الكاتب أنه مهما كانت التحديات والمشاكل التي واجهها الحراس اثناء حراسة صدام "لكن اللحظة الأقسى كانت في نهاية مهمتهم، فالإحساس بأنك لعبت دوراً في موت شخص تعرفت عليه وعايشته لفترة أشد وطأة من إطلاق النار على شخص لا تعرفه من مسافة بعيدة، لا أقول إن إطلاق النار على شخص أمر سهل، لكنه حتما يختلف عن معايشة شخص على مدار الساعة مثل هؤلاء الحراس وفي النهاية تسلمه إلى الآخرين كي يقتلوه".

ووصف الكاتب اللحظات الأخيرة لمرافقة الحراس الأمريكيين لـ"صدام" يوم تنفيذ حكم الإعدام فيه، حيث عانق "صدام" الحراس الذين سلموه إلى القائمين على تنفيذ حكم الإعدام، لم ير الحراس عملية الإعدام لكنهم شاهدوا الظلال وصرير فتح الباب الذي كان يقف عليه "صدام" وسقوطه وطقطقة خلع رقبته.

كان أصغر الحراس عمراً الجندي "آدم روجرسون"، كان في الثانية والعشرين من العمر، تحدث "روجرسون" في مقابلة معه بداية 2018 عن اللحظات الأخيرة التي سبقت عملية الإعدام وقال: "كان يوما حزيناً، بعد توقف الضجيج والصخب عرفنا أننا في المنطقة المحصنة الآمنة وأنه لن يأتي أحد لأخذ صدام، وقبل أن يسير إلى غرفة الإعدام توجه إلينا وودعنا وقال: كنتم جميعا بمثابة أصدقاء، بكى بعض الحراس، أما هو فقد كان حزينا، كانت لحظات غريبة".

وأضاف: "بعد دخوله سمعنا بعض الضجيج وتلاه صراخ، بعدها سمعنا صوت سقوط شيء على الأرض، بعدها شاهدته محمولا على الأكتاف، كما بصق البعض عليه وركله وسمعنا صوت إطلاق نار.. كانت لحظات مشحونة للغاية، كانت مهمتنا حماية شخص وجرى تدريبنا على ذلك وبعدها تقوم بتسليم الشخص الذي كنت تحميه كي يقتله الآخرون ويتعرض للركل ويبصق عليه بعد موته، شعرت بالاحترام نحوه بعد موته".

وأضاف: "جرت محاكمة صدام على الجرائم التي اقترفها وصدر الحكم عليه ولا اعتراض لدي على ذلك ولا أقول إنه لم يستحق ذلك الحكم، لكن الأمر ليس سهلا بالنسبة لشخص في الثانية والعشرين من العمر فقط، ربما لم أكن مهيئاً لذلك".

وكتب المؤلف: "لعل أغرب الأمور أن الجنود الأمريكيين الذين كانوا معه حزنوا عليه لحظة إعدامه، برغم أنه كان يصنف عدوا لبلدهم".

  كلمات مفتاحية

العراق صدام حسين حراس أمريكا