الغارديان: خطة ترامب للسلام مصممة لتلبية رغبات إسرائيل

الخميس 3 يناير 2019 06:01 ص

بعد عامين من التأهب، توشك "الصفقة النهائية" لترامب بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أن تدخل مرحلة ما قبل الإطلاق، وفق ما يقوله مهندسوها.

وقال الرئيس الأمريكي إن خطة السلام التي أعدها فريقه - وهما محاميان شخصيان سابقان وصهره جاريد "كوشنر" – ستكون جاهزة للكشف عنها بحلول نهاية يناير/كانون الثاني.

الأهداف تنفذ على الأرض

ولكن على الرغم من الترقب المحيط بمقترحات "ترامب" لحل أحد أكثر الصراعات المستعصية في العالم، فإن خطة أكثر أهمية للمنطقة يجري تنفيذها بالفعل على أرض الواقع وهي محاولة لتقوية يد (إسرائيل) مع إضعاف الفلسطينيين.

نفذت الولايات المتحدة المطالب الرئيسية للوبي اليمين الإسرائيلي المتشدد، واحدة تلو الأخرى، وخفضت بشكل كبير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وأعلنت مدينة القدس المتنازع عليها كعاصمة لـ(إسرائيل)، كما أغلقت المكاتب الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن، وأغلقت قنصليتها الخاصة التي تخدم الضفة الغربية المحتلة وغزة.

بالنسبة للفلسطينيين - وكثير من الإسرائيليين - فإن صفقة السلام هي مجرد عرض جانبي، بينما القضية الأكبر - التي لا تعتمد على السلام - هي تنفيذ رغبات (إسرائيل) من قبل الإدارة الأمريكية الأكثر تلبية لرغباتهم في تاريخها.

وقد قال "ترامب" مراراً وتكراراً أن هذه الإجراءات تهدف إلى إجبار الزعماء الفلسطينيين - الذين يرفضونه كلياً كونه وسيط متحيز - على بذل جهود سلام، وقال "ترامب" أيضاً إن (إسرائيل) ستضطر إلى "دفع ثمن" للسلام، رغم أنه لم يحدد ما سيكون.

رد الزعماء الفلسطينيون بالقول إنه لا توجد خطة حقيقية للتوصل إلى حل عادل، وقالت "حنان عشراوي"، وهي سياسية فلسطينية بارزة: "إنها حقا كذبة، الجميع يعمل على هذا المفهوم الخيالي، أصبحت الولايات المتحدة شريكة لإسرائيل وهي تنفذ سياسات إسرائيلية، كل ما نراه هو إجراءات أحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، والواقع على الأرض يجري الآن هندسته".

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن "الأولوية القصوى" قد وُضِعت على تحقيق صفقة شاملة، ولكنها ستكون "صعبة"، وبينما لم يعلقوا على تفاصيل الخطة، التي لا تزال قيد الصياغة، فإن بعض الجوانب أصبحت أكثر وضوحاً.

التمحور حول (إسرائيل)

أولاً، وعلى خلاف الجهود السابقة التي قادتها الولايات المتحدة، التي كان على عاتق الإسرائيليين والفلسطينيين فيها أن يقرروا التفاصيل، فإن نسخة "ترام"ب ستكون على الأرجح أكثر تحديدًا وإلزامًا، وفي جوهرها، ستكون سلسلة من المقترحات يقول المنتقدون أنها ستكون مركزة بشكل كبير على تلبية المطالب الإسرائيلية.

على سبيل المثال، قام "جايسون غرينبلات"، الذي يقود فريق "ترامب" للمفاوضات بسابقة في تاريخ الولايات المتحدة، حين قال إن بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة - غير القانوني بموجب القانون الدولي - ليس عقبة للسلام.

وهناك أيضاً السفير الأمريكي في إسرائيل "ديفيد فريدمان"، وهو محامي عمل أيضاً في شركات "ترامب"، وكان أكثر صراحة في دعمه لبناء المستوطنات الإسرائيلية، وحتى ضم الأراضي الفلسطينية.

ثانياً، فإن اهتمام الولايات المتحدة يكمن في دفع الجانبين لقبول الصفقة فحسب دون تفاوض ما يجعلها أكثر عرضة للانهيار، وقال "غرينبلات": "يجب على الأطراف أن يقرروا ما إذا كانوا يعتقدون أن الخطة ستفيدهم وتجعل حياتهم أفضل".

ويعرف فريق "ترامب" أنه من وجهة نظر (إسرائيل)، فإن هناك شهية قليلة جدًا للسلام مقارنة بالماضي، وقد أظهر استطلاع في أغسطس/آب أن 9٪ فقط من الإسرائيليين يريدون من حكومتهم إعطاء الأولوية للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين في عام 2019.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، الذي يدرك تماماً مشاعر الرأي العام مع اقتراب الانتخابات، إنه لا يرى "أي ضرورة ملحة" بشأن كشف "ترامب" عن خطته للسلام، بينما كان وزير دفاعه السابق "أفيغدور ليبرمان" أكثر وضوحاً عندما سئل عن اتفاق سلام يمكن أن يؤدي إلى حكم ذاتي فلسطيني، حيث قال: "أنا لا أهتم بدولة فلسطينية"، كما قالت وزيرة العدل "إيليت شاكيد" إنها ستخبر ترامب بأن الخطة "مضيعة للوقت".

وقال دبلوماسي أوروبي في القدس لصحيفة "الغارديان" شرط عدم الكشف عن هويته إنه "من الممكن بوضوح أن نصل إلى نهاية فترة رئاسة ترامب دون أي مقترحات سلام".

ومع قلة من يتوقعون نجاح الصفقة، سيكون أمام الفلسطينيين خياران: إما قبول الخطة التي صاغتها الإدارة الأمريكية الأقل قبولاً لقضيتهم منذ بدء جهود السلام، أو الاستمرار في مواجهة إجراءات عقابية، وإذا تم رفض الخطة بشكل مباشر، فإن الوضع الراهن - الذي ترسخ فيه (إسرائيل) احتلالها للضفة الغربية ويستمر فيه فرض حصار على غزة - سيستمر.

معاملة الصراع كصفقة تجارية

ومع ذلك، يصر المسؤولون الأمريكيون على أنه هناك جهود حقيقية للسلام، ولكن المهندسين الأساسيين الثلاثة – غرينبلات وفريدمان وجاريد كوشنر – جميعهم يأتون من خلفية تجارية وكان موقفهم هو التعامل مع الصراع كصفقة. وهم يأملون في إقناع الفلسطينيين بالتخلي عن مبادئعم، مثل حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم أو كون القدس عاصمة لهم، عبر تقديم حفنة من الحوافز الاقتصادية.

وكتب الثلاثي في ​​مقال افتتاحي بصحيفة واشنطن بوست في يوليو/ تموز: "لا يوجد سبب يمنع الفلسطينيين (في كل من الضفة الغربية وغزة) من تحقيق النجاح الاقتصادي والاندماج في اقتصاد إقليمي مزدهر، إذا سمحوا لنا بالمساعدة".

يرى "ترامب" أيضاً أي مفاوضات على أنها مقايضات، قائلاً إنه يتعين عليه إجبار الفلسطينيين على التوصل إلى اتفاق عن طريق إضعاف يدهم من خلال تخفيض المساعدات، وأشار الرئيس إلى اعترافه بالقدس كعاصمة لـ(إسرائيل) على أنه ورقة ضغط على الفلسطينيين.

وفي رسالة تم إرسالها قبل عام إلى مسؤولين كبار آخرين حول خفض التمويل إلى وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كتب "كوشنر" في رسائل البريد الإلكتروني الداخلية التي حصلت عليها مجلة "فورين بوليسي": "هدفنا ليس إبقاء الأشياء مستقرة كما هي، في بعض الأحيان، عليك أن تخاطر استراتيجيًا بهز الأمور من أجل الوصول لهدفك".

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

ترامب صفقة القرن كوشنر نتنياهو (إسرائيل)