إيكونوميست: الاحتجاجات تهدد نظام البشير والحلفاء مترددون في إنقاذه

الجمعة 11 يناير 2019 12:01 م

اعتبرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية أن الاحتجاجات التي خرجت للمطالبة بالخبز في السودان باتت تهدد نظام "عمر البشير".

وأضافت المجلة، في عددها الأخير، أن مراكز الشرطة في الخرطوم باتت مزدحمة بالمعتقلين؛ ففي كل ساعة تحضر الشرطة المئات من المعتقلين الجدد أو أكثر.

ولفتت في هذا الجدد إلى أن مركز شرطة شمالي الخرطوم امتلأ بالمعتقلين؛ لدرجة أن المسؤولين فيه اضطروا إلى وضع كثير منهم في ساحة المركز.

ونقلت المجلة عن الناشط "عاطف"، الذي اعتقل في 31 ديسمبر/كانون الأول 2018، قوله إنه شاهد اعتقال حوالي ألف شخص في ذلك اليوم، وتم ضرب الكثيرين منهم، فيما حُلقت رؤوس الآخرين، وخُص بالإهانة المحامون والأطباء.

وكان "عاطف" واحدا من عشرات الآلاف الذين خرجوا للشوارع في الأيام الأخيرة.

وانتشرت الاحتجاجات في معظم مدن البلاد بعد أن بدأت كمظاهرة ضد ارتفاع أسعار الخبز في مدينة عطبرة، 19 ديسمبر/كانون الأول 2018.

 وتشير بعض التقديرات إلى مقتل 40 محتجا على الأقل على يد قوات الأمن في حوالي 400 احتجاج.

وتقول الحكومة إنها اعتقلت حوالي 800 من الذين شاركوا في التظاهرات (وربما كان العدد الحقيقي أعلى)، إلا أن هذه الجهود لم تفعل الكثير لإخماد ما ينظر إليها بأنها أكبر انتفاضة ضد حكم "البشير".

وتعود جذور الغضب السوداني إلى عام 2017، عندما أعلنت الحكومة عن خطط لرفع الدعم عن القمح.

وكان الهدف منها تخفيف العجز في الميزانية الذي كان سيصل إلى 5% من حجم الناتج المحلي هذا العام.

وعندما ارتفعت أسعار الخبز العام الماضي بشكل أدى لاحتجاجات، أعادت الحكومة بعض الدعم على المواد الأساسية، إلا أن نمو الاقتصاد -الذي يكافح منذ انفصال الجنوب عن الشمال وأخذ معه في عام 2011 نسبة 75% من الثروة النفطية- تراجع بشكل كبير، وتقلص إلى 2.3% في عام 2018.

ولم تعد الحكومة قادرة على دفع الفواتير؛ لهذا قامت بطباعة أموال نقدية جديدة، ما دفع التضخم لنسبة 70%، وهي ثاني أعلى نسبة تضخم في العالم بعد فنزويلا.

ويعاني السودانيون من نقص في الخبز والوقود والأدوية.

وقال "عبدالعزيز عثمان" (28 عاما)، المصور الذي اعتقل الشهر الماضي: "تقف في الطوابير أمام البنوك للحصول على النقد الذي لا تشتري فيه أي شيء". وأضاف: "نقضي معظم حياتنا الآن واقفين في الطوابير".

وتعلق المجلة أن دعوات تغيير النظام باتت واسعة. وتم حرق فرع لحزب "البشير" (الحزب الوطني). وفي 6 يناير/كانون الثاني، زحف المتظاهرون إلى القصر الجمهوري لتقديم عريضة تطالب باستقالة "البشير"؛ فالرئيس الذي وصل إلى السلطة عام 1989 على متن دبابة وفاز في عدة انتخابات مشبوهة يخطط لخوضها من جديد في عام 2020.

وتعرض الائتلاف الحاكم الذي يقوده "البشير" لانشقاقات؛ حيث انسحبت منه 8 أحزاب على الأقل.

وتساءلت المجلة إن كان "البشير" سيصمد أمام موجة الاحتجاجات الشعبية أم لا؟

وأجابت بأن "البشير" ليس غريبا على الاحتجاجات؛ فقد واجه حركات تمرد في الجنوب، وارتكب جرائم في دارفور وقمع تظاهرات ونجا منها.

لكن التظاهرات الأخيرة مختلفة، ويبدو أنها هزت النظام. إذ وعد "البشير" بالتوقف عن قطع الدعم وزيادة النفقات الحكومية بنسبة 39%، خاصة على الرواتب والموظفين في المؤسسات العامة.

ووصف "البشير" المتظاهرين بالخونة الذين باعوا أنفسهم والمخربين. كما اتهم ناشطين في دارفور بالتآمر مع (إسرائيل) لتخريب السودان. وتم اعتقال 50 طالبا من دارفور بتهمة الإرهاب.

ولم تنجح أساليب "البشير"؛ إذ هتف المتظاهرون في معاقله بالخرطوم والشمال "كلنا دارفور".

ورغم قمع الشرطة والأمن؛ فالتظاهرات مستمرة بل وتبدو أكثر تنظيما وأصبحت أضخم وتقودها النقابات المهنية.

وشبه البعض الاحتجاجات الحالية بثورتي 1964 و1985 اللتين أطاحتا بحكم ديكتاتوري.

ففي كلتا الحالتين تطورت أحداث شغب معزولة إلى حركة تغيير سياسي واسعة. وفي كلتا الحالتين قرر النظام التنحي عن السلطة. لكن "البشير" قد يعاند ويصعب إجباره على التنحي.

وقال الخبير بشؤون السودان في جامعة تافس، "أليكيس دي وال": "كان الجيش جيشه لمدة 29 عاما ولديه القدرة على لعب الفصائل ضد بعضها البعض. ويخشى القادة العسكريون من المحاكمة بجرائم حرب لو خرج البشير".

ولا تزال لديه مؤسسة أمنية قوية. ورغم كل هذا فخياراته تقل. ففي السنوات القليلة الماضية تحول السودان عن حليفته إيران واقترب من السعودية والإمارات.

وأسهمت المساعدات المالية منهما على إخفاء المأزق الاقتصادي للبلاد. ولا يبدو أن أي منهما تبدو مستعدة لإخراجه من ورطته؛ لأن "البشير" لا يعد حليفا مواليا، فقد تقارب مع قطر وتركيا.

وحيدا ومحطما، يواجه "البشير" المحتجين الذين يعاودون الخروج إلى الشوارع رغم القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي. فغضب الناس لا نهاية له كما يقول مخرج الأفلام "إبراهيم سنوبي"، و"لا نعرف ماذا سيحدث بعد؟".

المصدر | economist

  كلمات مفتاحية

السودان البشير احتجاجات السودان