أسوشيتد برس: في تحول كبير.. دول عربية تتودد لسوريا الأسد

الخميس 17 يناير 2019 01:01 ص

الدول العربية الخليجية، التي كانت ذات يوم من الداعمين الرئيسيين، للمتمردين الذين يحاولون الإطاحة بـ"الأسد"، يصطفون لإعادة فتح سفاراتهم في سوريا، ويشعرون بالقلق بشأن مغادرة دمشق لصلب العالم العربي، إلى المنافسين الإقليميين إيران وتركيا، وخسارة مشاريع إعادة الإعمار المربحة ما بعد الحرب.

فقد أعيد فتح معابر الحدود الرئيسية مع الجيران، التي أغلقت لسنوات بسبب الحرب، وأفادت تقارير أن شركات طيران تجارية عربية تفكر في استئناف الرحلات إلى دمشق.

وبينما يعتزم الرئيس "دونالد ترامب" سحب ألفي جندي أمريكي من شمال شرق سوريا، فإن القوات الحكومية تستعد لاستعادة المنطقة التي تخلوا عنها في عام 2012 في ذروة الحرب.

وسيكون ذلك بمثابة خطوة مهمة نحو استعادة الأسد السيطرة على جميع سوريا. تاركا فقط الشمال الغربي فقط في أيدي المتمردين، ومعظمهم من الجهاديين.

يمكن أن يبدو هذا، كأنه بمثابة تحول هائل لقائد كان جيشه في يوم من الأيام على وشك الانهيار، لكن التدخل العسكري الروسي، الذي بدأ في عام 2015، عكس على نحو مطرد خسائر "الأسد"، وسمحت لقواته، بمساعدة من مقاتلين مدعومين من إيران؛ باستعادة مدن مثل حمص وحلب، وكان مفتاح حكمه.

ويحكم "الأسد" بلد مخرب، بما يقرب من نصف مليون قتيل ونزوح نصف عدد السكان، وربما القتال الرئيسي لا يزال في الانتظار، لكن كثيرين يرون أن الحرب تقترب من نهايتها.

ويجلس الرئيس البالغ من العمر 53 عاما، على كرسيه بشكل مريح أكثر مما كان عليه في السنوات الثماني الماضية.

وقال "فيصل عيتاني"، هو كبير باحثين في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، التابع للمجلس الأطلنطي في واشنطن: "إن إعادة تأهيل الإعمار من قبل الدول العربية أمر لا مفر منه".

ويعد أحد الدوافع الرئيسية لدول الخليج الإسلامية السنية، في موقفها الجديد تجاه "الأسد"، هو محاولة وقف تغول منافستهم الشيعية، إيران، التي وسعت نفوذها بسرعة خلال فوضى الحرب السورية.

وقال "عيتاني": "حاولت السعودية لفترة وجيزة، المساعدة في الإطاحة بالأسد، عندما كان يبدو أكثر ضعفا، عبر استخدام مسلحين بالوكالة.. لكن حتى في ظل بقاء نظامه المرجح، فإن المملكة، تفضل أن تحاول ممارسة نفوذها على الأسد لموازنة إيران مع تجنب التصعيد مع إيران نفسها".

وبعد أن قاد "الأسد" حملة قمع ضد المتظاهرين في عام 2011، نُبذت سوريا من جانب كثير من الدول العربية والغربية، وفقدت مقعدها في الجامعة العربية، وتعرضت لعقوبات قاسية من جانب المجتمع الدولي، فيما أغلقت الولايات المتحدة ودول أوروبية بعثاتها الدبلوماسية هناك.

لكن عزلة سوريا لم تكتمل على الإطلاق، فقد حافظت الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا على علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.

وفي العالم العربي لم تتخل دول لبنان والعراق والجزائر أبدا علاقاتها مع سوريا، وبمساعدة من روسيا والصين وإيران، لم يشعر "الأسد" قط بأي وطأة للضغوط السياسية.

وستكون المحاولة السعودية لإصلاح العلاقات مع "الأسد" اعترافا بفشل المملكة في الإطاحة به.

وفي الوقت ذاته، فإن مشاركة الحكومات العربية الخليجية والشركات الخاصة يعد أمرا حاسما لأي جهود إعادة إعمار في سوريا، وتقدر تكاليف إعادة الإعمار ما بين 200 و350 مليار دولار.

وفي الشهر الماضي، سافر الرئيس السوداني "عمر البشير"، وهو نفسه منبوذ من قبل المجتمع الدولي، إلى دمشق على متن طائرة روسية، ليصبح أول زعيم عربي يزور سوريا منذ 2011، وقد اعتبرت الزيارة إلى حد كبير بمثابة مقدمة لخطوات مماثلة من قبل قادة عرب آخرون.

وفي 27 ديسمبر/كانون الأول، وفي احتفال عام، أعادت الإمارات العربية المتحدة، فتح سفارتها في دمشق، وهذا يعد أهم مبادرة عربية حتى الآن تجاه حكومة "الأسد"، وهي خطوة جاءت غالبا بالتنسيق مع السعودية، وتبعتها البحرين في اليوم التالي بفتح سفارتها بسوريا أيضا.

لكن السعودية نفت تقارير إعلامية، مفادها أنها سوف تعيد فتح سفارتها في دمشق، وسط محاولات من بعض الدول العربية، بما في ذلك التي دعمت متمردين ضد "بشار الأسد" للتصالح معه.

ووفقا لبيان، نفى مصدر في وزارة الخارجية السعودية تصريحات نسبت إلى وزير الخارجية "إبراهيم العساف"، بشأن فتح سفارة الرياض بدمشق، ووصف البيان ما تم تداوله بأنه لا أساس له من الصحة.

ويبدو أن النقاش يدور حول "متى؟"، وليس ما إذا كان سيتم إعادة سوريا للجامعة العربية؟ وفي اجتماع عقد في القاهرة، قال وزير الخارجية المصري، "سامح شكري"، إن عودة سوريا للجامعة مرتبطة بالتطورات على المسار السياسي لإنهاء الأزمة في البلاد.

وقال وزير الخارجية العراقي، "محمد الحكيم"، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني في بغداد، الأحد، إن بلاده تدعم الجهود الرامية إلى استعادة سوريا لعضويتها في الجامعة العربية.

وفي لبنان يصر بعض المسؤولين على ضرورة دعوة سوريا لحضور قمة اقتصادية عربية تستضيفها البلاد الأسبوع المقبل، على الرغم من أن القرار النهائي يقع على عاتق الجامعة العربية.

وقال" آرون لوند"، الباحث في بمؤسسة "ذا سنشري فاونديشن" البحثية الأمريكية: "يمكن أن يحدث الأمر بشكل أبطأ أو أسرع، ولكن إذا ظل الأسد في مكانه، فمن الواضح أن دول المنطقة ستحاول الاستفادة قدر الإمكان من هذا الوضع".

وأضاف: "بإمكان السياسيين الأمريكيين البقاء في عزلتهم الرائعة خلف المحيط، والتظاهر أن سوريا ليست كما كانت".

وتأتي المبادرات العربية وسط مشهد متغير في العالم الغربي، فالانسحاب الأمريكي المخطط من سوريا، هو جزء من سياسة "ترامب" (أمريكا أولا)، وقد قال مرارا إنه غير مهتم بإخراج "الأسد" من السلطة أو إبقاء القوات الأمريكية منخرطة في حروب لانهاية لها في المنطقة، قد وصف سوريا بأنها أرض الرمال والموت.

الأحزاب اليمينية والحركات الشعبوية في صعود في أوروبا، وهي أيضا لديها علاقة ودية مع "الأسد"، إذ تعتبره حصنا علمانيا ضد المتطرفين الإسلاميين.

حتى تركيا، التي تعهد رئيسها في عام 2012، بالصلاة في الجامع الأموي في دمشق، بعد الإطاحة بـ"الأسد"، أشارت إلى أنها ستدرس العمل مع "الأسد" مرة أخرى، إذا فاز في انتخابات حرة ونزيهة.

وبالنسبة للسوريين الذي انتفضوا ضد حكم "الأسد"، يمكن أن يبدو الأمر لهم كأن البلاد عادت إلى الوراء لمدة 8 سنوات، لكن فقط مع فقدان نصف مليون قتيل ومدن مدمرة.

ويعتقد المحللون أن سوريا تحت حكم "الأسد" ستستمر على الأرجح في مواجهة صراعات، وتتخبط في المتاهة لسنوات قادمة، مع تعاف جزئي فقط، لكنه من المحتمل أن يتشبث بالسلطة ويتعامل مع أي شخص يستطيع الاستفادة منه.

وقال "عيتاني": "لا أتخيل أن تصبح سوريا الأسد عضوا بارزا في المجتمع الدولي، ولكني لا أعتقد أنها ستعاني من عزلة".

المصدر | أسوشيتد برس

  كلمات مفتاحية

سوريا الدول العربية الدول الخليجية بشار الأسد فتح السفارة الإماراتية الثورة السورية