الإيكونوميست: لماذا تهتم دول الخليج بالقرن الأفريقي؟

الخميس 17 يناير 2019 02:01 ص

تتراكم الدلائل على زيادة قوة علاقات  دول القرن الأفريقي مع دول الخليج، وفي الشهر الماضي، اجتمع ممثلون من جيبوتي والسودان والصومال في الرياض، لمناقشة إنشاء تحالف جديد للأمن على البحر الأحمر، وقبل ثلاثة أشهر، وقع رئيسا وزراء إثيوبيا وإريتريا على اتفاق سلام ساعدت السعودية للتوسط فيه، وفي العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، يعمل مطور عقاري من الإمارات على أكبر مشروع من نوعه في تاريخ المدينة.

وتمتلك الإمارات قاعدة عسكرية في إريتريا منذ عام 2015 وتبني قاعدة أخرى في "أرض الصومال"، وهي دولة منشقة في شمال الصومال، كما تخطط السعودية لبناء قاعدة في جيبوتي، وتقوم قطر وتركيا بتجديد ميناء في السودان، لكن، لماذا ؟

أموال تخدم أجندات سياسية

القرن الأفريقي مسلم في غالبيته مثل الخليج، كما أن المنطقتين مرتبطتين أيضًا بروابط الهجرة، حيث كانت الروابط الاقتصادية كامنة نسبياً طوال التسعينيات، ولكن بعد قفز أسعار المواد الغذائية في عام 2008، سارعت دول الخليج الغنية إلى شراء الأراضي الزراعية في السودان وإثيوبيا كوسيلة للتحوط ضد انعدام الأمن الغذائي.

وبين عامي 2000 و2017 استثمرت دول الخليج 13 مليار دولار في القرن الأفريقي، خاصة في السودان وإثيوبيا.

وبالنسبة للبلدان الأفريقية الفقيرة في الموارد، فإن الفوائد الاقتصادية للاستثمارات الخليجية واضحة، حيث يعاني كل من السودان وإثيوبيا من نقص حاد في العملة الصعبة، وكان من بين الخطوات الأولى التي اتخذها "أبي أحمد" رئيس وزراء إثيوبيا، عند توليه منصبه في أبريل/نيسان الماضي الحصول على ثلاثة مليارات دولار من المساعدات والاستثمارات من الإمارات، بما في ذلك إيداع مليار دولار في البنك المركزي للبلاد، كما تلقى البنك المركزي السوداني وديعة بقيمة 1.4 مليار دولار من الإمارات في مارس/آذار.

في دول الخليج - حيث نادرا ما يكون رأس المال خاصا بشكل أصيل ويبقى معظمه مرتبطا بالحكومات- فإن الشركات تميل إلى خدمة أهداف السياسة الخارجية، وبالنسبة للسعودية، فإن الاهتمام المتجدد في القرن الأفريقي كان مدفوعًا بالدرجة الأولى بالتنافس مع إيران.

وفي عام 2014، أجبرت كل من السودان وإريتريا على قطع العلاقات مع إيران وطرد الدبلوماسيين الإيرانيين، أما بالنسبة لدولة الإمارات - وهي مركز لوجيستي ومركز للشحن - فإن التهديد المتنامي للقرصنة الصومالية، والذي أعقبه اندلاع الحرب في اليمن في عام 2015، قد حث الإمارة على التركيز على الأمن البحري، وتدشين سلسلة موانئها وقواعدها على طول الحافة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية والبحر الأحمر كجزء من استراتيجية لمد النفوذ في جميع أنحاء المنطقة (تستخدم الإمارات قاعدتها في إريتريا لشن هجمات في اليمن).

انعكاس لتنافس إقليمي

تمدد التنافس بين السعودية والإمارات من جهة وبين قطر وتركيا من الجهة الأخرى إلى القرن الأفريقي، ومع تقدم تركيا في المنطقة - من خلال تعزيز العلاقات الوثيقة مع الحكومة الصومالية وتأمين العقود للشركات التركية - حاولت دول الخليج مقاومة ذلك، كما شعرت السعودية والإمارات بأنهما مجبرتان على تبني موقف أكثر قوة في الخارج مع تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة.

كما يمكن للعلاقات الأوثق عبر البحر الأحمر أن تحسن العلاقات داخل أفريقيا، وعبر مساعدتها في التفاوض على السلام الإثيوبي الإريتري، تحاول دول الخليج استخداف نفوذها لتخفيف حدة التوتر بين إثيوبيا ومصر حول سد تبنيه الأخيرة على النيل.

لكن ضعف دول القرن الأفريقي يجلب المشاكل، ففي الصومال، فاقمت الأموال الإماراتية الصراع بين الحكومة الفيدرالية المعترف بها دوليًا في مقديشو والمناطق المضطربة الانفصالية، ويخشى الكثير من الإثيوبيين من أن "أبي أحمد" كان يتاجر بسيادة البلاد مقابل الاستثمار الخليجي وأنه على الرغم من محاولته البقاء على الحياد في الخصومات الخليجية، تبدو إثيوبيا وكأنها تقف إلى جانب السعودية والإمارات، في الوقت الذي تبدو فيه علاقتها مع تركيا وقطر باردة.

المصدر | الإيكونوميست

  كلمات مفتاحية

الإمارات قطر تركيا إثيوبيا الصومال القرن الأفريقي