وثائق لحرب الخليج الأولى: إسرائيل خططت لتدمير سدود العراق

السبت 19 يناير 2019 10:01 ص

نشرت السلطات الإسرائيلية، عددا من الوثائق الأرشيفية الخاصة بجيش الاحتلال، للمرة الأولى بمناسبة الذكرى السنوية لحرب الخليج الأولى. وجاء فيها توضيحات لنية الاحتلال في الرد على القصف العراقي، وأسباب امتناعها وتغيير مخططها.

وتكشف الوثائف أنه حينما بدأت صواريخ عراقية ثقيلة من طراز "سكود" تتساقط على المدن في (إسرائيل) خلال حرب الخليج الأولى عام 1991، سارعت حكومتها لعقد اجتماع طارئ للتشاور حول كيفية الرد، فاقترح مشاركون فيها بتدمير سدود ومدن في العراق.

إلا أن رئيس حكومة الاحتلال وقتها "إسحاق شامير" استجاب لطلب الولايات المتحدة بامتصاص الضربات وعدم الرد كي لا يمس بالتحالف الأمريكي العربي ضد العراق، مقابل مساندته في القضايا المتعلقة بالصراع مع الفلسطينيين.

وكشف جيش الاحتلال عن تسجيلات تاريخية نادرة لوزير الأمن الراحل "موشيه أرنس" وقائد الجيش الراحل "دان شومرون" يستدل منها أن القيادة الإسرائيلية شهدت جدلا حول كيفية الرد على صواريخ العراق الأربعين وقتها.

ويقول "أرنس" وزير الأمن الإسرائيلي خلال تلك الحرب إنه كان يتحدث هاتفيا كل يوم مع نظيره الأمريكي "ديك تشيني" الذي رفض مقترحاته بمهاجمة أهداف عراقية، معللا ذلك بالقول إن مهاجمة (إسرائيل) للعراق تحتاج لمصادقة الرئيس الأمريكي "جورج بوش" الأب.

ويتابع: "بعد أسبوعين على نشوب الحرب تبين أن الجيش الأمريكي عاجز عن وقف الصواريخ العراقية نحو إسرائيل وخشينا أن نستهدف بصواريخ كيميائية وكان علينا أن نوقفها ولو من خلال قوات كوماندوز يتم إنزالها على الأرض العراقية".

عملية إنزال غربي العراق

وفي هذه التسجيلات يوجه "أرنس" الذي توفي قبل أسبوعين، هجوما ضد قائد الجيش "دان شومرون" لعدم توصيته برد عسكري أمام الحكومة.

ويتابع "أرنس": "كان شومرون وضع بين يدي خطة لإنزال قوات برية في غرب العراق بقيادة ضابط يدعى نحاميا تماري الذي قتل لاحقا في حادثة تحطم مروحية، وقمت بالمصادقة عليها، وخلال الأسبوع الثالث للحرب استمرت الصواريخ العراقية بالتساقط علينا، فعقد اجتماع داخل وزارة الأمن وهناك تغير موقف شومرون".

ويقول "أرنس" إنه أرسل موفدا عنه لواشنطن من أجل تنسيق عملية الإنزال الإسرائيلية في غرب العراق، لكن رئيس الحكومة "شامير" كان يخضع لضغوط أمريكية كبيرة، حيث كان يتلقى مكالمات هاتفية من البيت الأبيض يوميا.

ويضيف "كان الرئيس بوش يتحدث مع شامير كل يوم ويقول له أعرف أنك تواجه ضغوطا هائلة وأنا أفهم ما تتعرض له، لكننا نقوم بالرد عنكم فلا تقوموا بالرد ولذا أقنعت شامير بالسفر لواشنطن للحديث المباشر مع بوش فاصطحبت معي إيهود باراك نائب قائد الجيش ودافيد عبري مدير عام وزارة الأمن وبيدنا تفاصيل خطة الإنزال".

ويوضح "أرنس" في التسجيلات التاريخية أنه قال لـ"جورج بوش": "انظر فأنتم لا تنجحون بوقف الصواريخ فنشب جدل بيننا بعدما زعم مسؤولون أمريكيون في اللقاء أنهم ينجحون في إحباط الهجمات الصاروخية على إسرائيل وعندها قلت: لم تعترضوا صاروخا عراقيا واحدا ومن شأن صاروخ مستقبلي أن يحدث كارثة وربما يكون كيميائيا لكن الأمريكيين رفضوا تنسيق الإنزال في غرب العراق".

كما يوضح "أرنس" أن "شامير" لم يبد تحمسا لرد عسكري إسرائيلي في الأسبوع الرابع من الحرب، لافتا الى أن "شامير استدعى شومرون وسأله وسمع منه تحفظا من رد عسكري وعندما اطلعت على ذلك لاحقا تعجبت لأن شومرون هو من عرض علي فكرة إنزال القوات في غرب العراق".

ويعتقد "أرنس" أن "شامير" و"شومرون" ترددا حيال رد عسكري إسرائيلي على صواريخ "صدام حسين"، وفضل "شامير" الرضوخ للضغط الأمريكي طيلة الحرب حتى عندما لم يكن التحالف الأمريكي العربي يواجه خطرا، مفضلا الإبقاء على علاقات طيبة مع الإدارة الأمريكية.

كما كشف "أرنس" أن رئيس الحكومة الراحل "أرئيل شارون" رفض وقتها الامتناع عن الرد العسكري الإسرائيلي وأن "شامير" خسر في الانتخابات العامة عام 1992 لصالح "رابين" لعدة أسباب منها مواقفه المترددة.

يشار الى أن "أرنس" قال قبل عام لصحيفة "معاريف" إن قوة ردع (إسرائيل) تضررت وقتها لمدة عام أو عامين فقط، مستبعدا أن يؤثر ذاك الموقف على إيران.

في المقابل، يؤكد المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الرواية المذكورة حول "رباطة جأش" (إسرائيل) تشكل "نصف الحقيقة، موضحا أن الدافع الأساسي لعدم الرد على صواريخ صدام حسين هو الخوف من مهاجمة مفاعلها النووي في ديمونا".

ويقول إن (إسرائيل) والولايات المتحدة أبديتا قلقا في الصيف الماضي بعدما نقلت إيران صواريخ بعيدة المدى لميليشيات شيعية عراقية بهدف توجيهها نحو المدن الإسرائيلية بغية ردعها ومنعها من استمرار مهاجمة منشآتها داخل سوريا.

ويتابع "فيشمان": "مع مثل هذه الأسئلة وجدت (إسرائيل) نفسها عام 1991 بعدما أطلق الرئيس الراحل صدام حسين الصواريخ نحو (إسرائيل) من المنطقة ذاتها في غرب العراق".

ويكشف "فيشمان" استنادا لوثائق عسكرية تاريخية أن جيش الاحتلال أعد عدة خطط للرد على الهجمات العراقية الصاروخية ولم يصادق عليها من قبل الحكومة.

ويرى أن عدم رد (إسرائيل) شجع حزب الله وحماس على إطلاق الصواريخ عليها لاحقا بعدما استشعرا نقاط ضعفها.

ومن ضمن مخططات الجيش الإسرائيلي خطة لغمر مساحات مأهولة بالسكان داخل العراق في محيط نهري دجلة والفرات من خلال استهداف سدود "صدام" و"حديثة" و"سمارة"  بـ80 طنا من المتفجرات لكن الحرب انتهت قبل الدخول في المرحلة التشغيلية من الخطة.

3 خلاصات من الحرب

ويعتقد "فيشمان" أن قائد الجيش الجديد "أفيف كوخافي" سيضطر لمواجهة تحديات مماثلة من غرب العراق في ظل تهديدات مشابهة محتملة.

كما يشير إلى ما تحاشى "أرنس" الكشف عنه من أنه دعا لتدمير السدود على دجلة والفرات ثم مهاجمة بغداد، لكن قائد سلاح الجو حذر من أن ذلك يعني نشوب أزمة مع الأردن.

ويتابع "فيشمان": "أما قائد سلاح البحرية فاقترح وقتها بعد سقوط الصاروخ الثامن والعشرين على (إسرائيل) إغراق سفن تجارية عراقية. لكن قائد الجيش الإسرائيلي حذر وقتها في تلك اللقاءات المغلقة من أن (إسرائيل) عاجزة عن تدمير كل أسلحة الجو والصواريخ العراقية، فاقترح في حال تضرر مراكز سكانية في (إسرائيل) ضرب مواقع استراتيجية داخل بغداد بهدف ردع العراق ووقف الهجمات الصاروخية".

وفي معرض استخلاصه للدروس، يؤكد "فيشمان" أن (إسرائيل) لم تمتلك وقتها أي خطة لمثل هذا السيناريو الصاروخي من العراق، معتبرا ما جرى إسباقية سيئة بالنسبة لـ(إسرائيل) التي لم تعرف كيف ترد رغم أن الولايات المتحدة منحتها ضوءا أخضر في نهاية الحرب للقيام بعملية إنزال غربي العراق.

ويرى في خلاصة ثانية أن الجيش لم يكن مستعدا لتغيرات في تهديدات إقليمية.

أما العبرة الثالثة من حرب الخليج الأولى برأي "فيشمان"، فهي موجهة للدول المجاورة: "(إسرائيل) أعدت خطة للانتقام وقتها لكنها لم تطبقها لعدم جاهزيتها من النواحي العملياتية والاستخباراتية".

ويتابع "ينبغي أن يعلم العدو أن الأمر الوحيد الذي يمنع مستقبلا (إسرائيل) من مهاجمة مدن كبيرة ردا على هجمات تستهدف مدنييها هو استعداد المستوى السياسي فيها لعدم القيام بذلك، لكن الخطة يجب أن تكون جاهزة"

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إسرائيل الاحتلال الإسرائيلي العراق الكويت فلسطين أمريكا صدام حسين

خامنئي: أمريكا خططت لصدام وأعطته أسلحة كيميائية استخدمها ضدنا

380 مليون دولار للكويت من لجنة تعويضات حرب الخليج