BBC: هل خدم هروب رهف حقوق النساء السعوديات؟

الأحد 20 يناير 2019 11:01 ص

في الوقت الذي كانت تتابع فيه وسائل الإعلام تفاصيل رحلة الشابة السعودية "رهف القنون"، ما بين مطاري تايلند وكندا، تحول تويتر لساحة منقاشات محتدمة مابين السعوديين والسعوديات على مدار الأسبوعين الماضيين حول سبب هروب الشابة بتلك الطريقة.

وكان من المتوقع أن تتعرض "رهف" لهجوم داخل المملكة لمخالفتها -علنا- الأعراف الاجتماعية المفروض على السعوديات الالتزام بها، وبسبب الضجة الإعلامية الكبيرة التي رافقت هروبها، إلا أن اللافت أكثر هو توقعات البعض بتأثير قضية "رهف" إيجابا على ملف حقوق المرأة في المملكة.

وبحسب تقرير لـ"بي بي سي"، تنتقد الأكاديمية السعودية المقيمة في بريطانيا، "أريج الجهني"، تصوير الشابة السعودية "كضحية" بعد هربها من عائلتها ولجوئها لدولة غربية، وتقول إن ما قامت به عزز "النظرة الانتقاصية للفتيات السعوديات"، مضيفة القضية "لم تخدم مطالب فتيات السعودية حاليا، بل عكست الحاجة لرفع الوعي لدى الفتيات".

أما "شمس"، وهو اسم مستعار لأكاديمية سعودية في العشرينات تعمل في بريطانيا وفضلت عدم الكشف عن هويتها، فقالت إنها "ليست متأكدة ما إذا كانت قصة رهف ستدفع بالحراك النسوي للأمام"، لكن أسبابها مختلفة، حيث اعتبرت أن هروب "رهف" سؤدي لمزيد من الضغط على نساء المملكة.

وتقول: "هذه مرحلة صعبة للنسوية في السعودية وفي المنطقة. صحيح أن رهف أظهرت جرأة، وشجعت غيرها من الفتيات ليكن جريئات، لكن في هذا الوقت الذي تطغى فيه مشاعر القومية المفرطة في حب المملكة يصعب أن تعبر كثير من الفتيات عن أنفسهن علنا، كأن يدعمن مثلا ما قامت به رهف، خوفا من أن يعتبرن خائنات"

وقد رأى كثيرون في "رهف" نموذجا للشجاعة ولتحدي قواعد خانقة مفروضة عليها كفتاة في السعودية، بينما في المقابل، انتقد كثيرون ما قامت به، واعتبروا قصتها جزءا من "إساءة دول أخرى" للسعودية من خلال "استهداف البنات السعوديات" وحتى "استهداف الإسلام".

ولم يقتنع كثيرون بالسبب الذي دفعها للإقدام على مثل هذه الخطوة، وقال البعض إن قصتها لا تخدم نضال المدافعات عن حقوق المرأة في السعودية، بل استخدمت لغرض سياسي.

وأثارت كثير من تصريحات "رهف" وصور نشرتها على حسابها على تويتر أثناء رحلتها استياء سعوديين رأوا فيها خروجا على تقاليد وثقافة البلد المحافظ، مثل تصريحها بأنها تخلت عن دين الإسلام، ونشرها صورة لها على الطائرة، حين كانت متجهة نحو كندا، وهي تشرب النبيذ، وظهورها في مطار تورنتو مرتدية ثوبا قصيرا.

كما أثار دعم الناشطة المصرية/الأمريكية "منى الطحاوي" لقضية "رهف" استياء كثير من السعوديين والعرب، حيث اعتبروا "منى" تمثيلا للفكر الغربي، وتعرضت على إثره لهجوم عنيف بعد أن نشرت صورتها مع "رهف" في كندا.

وسلطت "رهف" الضوء على مشكلة العنف الأسري منذ أول تغريداتها يوم 5 يناير/كانون الثاني عندما زعمت أن سبب هربها هو "التعنيف" من قبل عائلتها، وتحديدا من قبل أخيها وأمها، وفق تصريحاتها في مقابلات إعلامية يوم 15 يناير/كانون الثاني.

ومن الأمثلة على ذلك قولها إنها "حبست 6 أشهر" بعد أن قصت شعرها قصيرا بحجة "التشبه بالرجال"، كما قالت إنها كانت تتعرض للضرب وتنزف أحيانا.

وكررت في مقابلاتها الإعلامية انزعاجها من نظام الولاية، قائلة إن والدها كان يتحكم في معاملاتها الحكومية، في حين أن أخاها كان يتدخل في أمورها الشخصية: مثل ثيابها، وأين تذهب ومع من تذهب.

عرض الصورة على تويترعرض الصورة على تويترعرض الصورة على تويترعرض الصورة على تويتر

ووفقا للتقرير، لم تكن قضية التعنيف قبل ذلك موضع اهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام، فلأكثر من عام انشغل العالم بتتبع الحقوق التي بدأت نساء المملكة بالحصول عليها وفقا لما يُعرف برؤية 2030 التي يقودها ولي العهد "محمد بن سلمان"، ومن بين تلك الحقوق السماح للمرأة بقيادة السيارة، ودخول الملاعب الرياضية، وحضور حفلات غنائية، والسماح للنساء بدخول مجالات عمل لم تكن متاحة من قبل مثل وزارة العدل.

وفي الوقت ذاته، نالت قضية اعتقال ناشطات وناشطين سعوديين، كانوا يطالبون طوال سنوات بمنح المرأة حق قيادة السيارة، اهتماما على مستوى العالم.

في حين كانت أصوات كثيرة - على تويتر على الأقل - تحاول لفت الانتباه إلى مشاكل أخرى تشغل بال كثير من السعوديات.

وفتحت قضية "رهف" الباب للحديث عن الفكر النسوي الناشئ في المملكة -والذي يشمل النضال من أجل حقوق المرأة- وتأثيره في المملكة.

لكن عموما تعرض "الفكر النسوي" للهجوم -كما هي الحال في كثير من البلدان- واعتبر أنه "يغسل أدمغة الفتيات".

وأطلقت حملة من قبل حساب مجهول يسمى "نيزك" لديه أكثر من مليوني متابع؛ حيث نشر في 10 يناير/كانون الثاني سلسلة من التغريدات مهاجما النسوية.

ورغم "الفوضى" في الأفكار الدائرة على تويتر، وارتفاع حدّة النقاش منذ هروب رهف يوم 5 يناير/كانون الثاني، تعتبر "شمس" أن النقاشات التي تدور عليه "صحية نوعا ما"، موضحة: "قبل سنتين تقريبا لم يكن من الممكن حتى أن نتخيل النقاش بين السعوديين حول مواضيع كالنسوية"، كما تقول.

المصدر | الخليج الجديد + بي بي سي

  كلمات مفتاحية

السعودية ولاية الرجل رهف القنون محمد بن سلمان قيادة السيارات