بعد 8 سنوات من الثورة.. ناشطون: مصر نحو الأسوأ

الجمعة 25 يناير 2019 02:01 ص

بحلول مساء كل يوم يتمنى الناشط المصري المعروف "أحمد ماهر"، لأسرته قضاء ليلة طيبة، ويتجه إلى قسم شرطة بالقاهرة للمبيت به تنفيذا لعقوبة المراقبة الشرطية.

ويقول "ماهر"، إن حياته "كنصف سجين" لها بالغ الأثر السلبي على حياته الأسرية والمهنية والدراسية، لكنه يعتبر نفسه أكثر حظا مقارنة بحال نشطاء آخرين شاركوا في انتفاضة 2011 التي أنهت حكم "حسني مبارك" الشمولي الذي دام 30 عاما.

وشأنه شأن كثير من الشباب الذي اعتصم لأيام في ميدان التحرير بوسط القاهرة عام 2011، كان يتوقع "ماهر" (38 عاما)، الذي سبق ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام، أن سقوط "مبارك" سيفتح الباب لمزيد من الحريات ليصبح الوطن أفضل.

وبدلا من ذلك، يقول "ماهر" ونشطاء آخرون إن الأوضاع زادت سوءا.

وقال "ماهر"، وهو مهندس ويدرس حاليا لنيل دبلومة في العلوم السياسية: "لم يكن يتخيل أحد أن الواقع سيكون بهذا السوء.. حتى حق التجمهر والتعبير عن الرأي لم يعد متاحا الآن".

وبعد وصول الرئيس "عبدالفتاح السيسي" إلى السلطة، شن حملة لسحق جماعة الإخوان المسلمين التي حكمت البلاد لعام واحد اتسم بالأزمات الاقتصادية، لكنه استهدف أيضا نشطاء علمانيين من بينهم الكثير من الرموز البارزة لانتفاضة 25 يناير/كانون الثاني.

وغادر عدد من هؤلاء النشطاء البلاد، وسُجن آخرون، وأُرغمت مجموعة ثالثة على الصمت.

وأُطلق سراح "ماهر" في أوائل يناير/كانون الثاني 2017، بعد تنفيذ حكم قضائي بسجنه لثلاث سنوات، بتهمة خرق قانون لتنظيم التظاهر، وبدأ على الفور تنفيذ عقوبة مراقبة شرطية تكميلية لثلاث سنوات أخرى.

وتلزمه هذه العقوبة بالمبيت في قسم للشرطة كل يوم من السادسة مساء وحتى السادسة صباحا.

ويقول مؤيدو "السيسي"، الذين يحتفلون في يوم 30 يونيو/حزيران من كل عام بذكرى الاحتجاجات الحاشدة التي انتهت بإعلان عزل الرئيس السابق "محمد مرسي" المنتمي لجماعة الإخوان عام 2013، إن الإجراءات الأمنية القاسية كانت مطلوبة لإنقاذ الاقتصاد والتخلص من الإسلاميين، الذين يتهمونهم بالعمل على تكريس الاحتفاظ بالسلطة.

وبدأت عجلة الاقتصاد المصري في الدوران منذ انتخاب "السيسي"، رئيسا عام 2014، لكن الإصلاحات التي أطلقها في إطار اتفاق لنيل قرض من صندوق النقد الدولي عام 2016 والتي شملت تعويم الجنيه، ورفع الدعم تدريجيا عن أسعار الوقود، زادت حجم الفقر في مصر.

قمع

يقول نشطاء حقوقيون إن حكم "السيسي"، شهد أسوأ حملة قمع للحريات في تاريخ مصر الحديث.

وسُجن آلاف النشطاء، أغلبهم إسلاميون ومن بينهم أيضا عشرات الليبراليين واليساريين، بموجب قوانين صارمة تُسن منذ عام 2013.

ويقول نشطاء حقوقيون إن مفكرين ومعارضين ومدافعين عن حقوق الإنسان احتجزوا ووجهت لهم عدة تهم من بينها "الانتماء لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام".

ومن بين هؤلاء "وائل عباس"، وهو صحفي حائز على جوائز، و"حازم عبدالعظيم" الذي تحول من مؤيد لـ"السيسي" إلى معارض له، والمدون البارز "علاء عبدالفتاح" الذي نال حكما بالسجن لخمس سنوات.

وفي وقت سابق هذا الشهر، صدر حكم بسجن "أحمد دومة"، أحد أبرز نشطاء انتفاضة يناير/كانون الثاني، لمدة 15 عاما، بعدما أدين بالشغب ومهاجمة قوات الأمن في 2011.

وقالت الشبكة الأورو-متوسطية للحقوق، وهي مجموعة حقوقية مقرها كوبنهاجن، وتسعى إلى إقامة وتعزيز شراكات بين المنظمات غير الحكومية على جانبي البحر المتوسط، في بيان الخميس: "في كل مرة يتعرض فيها إنسان للتعذيب والاختفاء أو القتل خارج نطاق القانون أو الإعدام أو الاعتقال التعسفي، تنقل السلطات المصرية رسالة واضحة إلى شعبها مفادها: إن التغيير الذي تنشدونه لن يتحقق أبدا".

وترفض مصر، التي تنفي وجود سجناء سياسيين، الاتهامات بارتكاب انتهاكات.

لكن أنصار "السيسي" يقولون إن الحزم مطلوب لإنهاء سنوات من الفوضى وللقضاء على متشددين يشنون هجمات أسفرت عن مقتل المئات.

وقال "ماهر"، مؤسس حركة 6 أبريل الاحتجاجية، التي ولدت عام 2008، وكانت تتمتع بشعبية أثناء نضالها ضد حكم "مبارك": "العالم كله كان يتخيل أن شباب الثورة سيكون لهم باع في إدارة الدولة مثل أي دولة تقدر شبابها وتبحث عن الكفاءات فيهم... لكن للأسف أصبح هناك عداء كبير مع الشباب".

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، انتقد 17 خبيرا في حقوق الإنسان تابعين للأمم المتحدة مصر، وقالوا إنها تستخدم قوانين مكافحة الإرهاب لاحتجاز نشطاء يكافحون من أجل حقوق المرأة وضد الفساد والتعذيب والقتل خارج إطار القضاء.

نحو الأسوأ

وقالت "إسراء عبدالفتاح"، وهي أيضا عضو في حركة 6 أبريل، إن "مصر أصبحت أسوأ مما كانت عليه قبل الانتفاضة".

وأضافت "إسراء"، الممنوعة من السفر شأنها شأن كثير من النشطاء: "مصر يمكن أن تتغير وكل شيء فيها يصبح جيدا لو وجد بها شيء اسمه عدل".

ويقول نشطاء إن المكسب الإيجابي الوحيد المتبقي من الانتفاضة، وهو تقييد فترة الرئاسة لتقتصر على ولايتين متتاليتين مدة كل واحدة أربع سنوات، قد يُسلب قريبا إذا مضى مؤيدو "السيسي" قدما في خططهم لتعديل الدستور.

وفي احتفالية أقيمت يوم الأربعاء بمناسبة عيد الشرطة، أشاد "السيسي"، بانتفاضة 25 يناير/كانون الثاني، لكنه لم يعلق عندما تحدث والد ضابط قُتل في هجوم لمتشددين، وطالبه بالموافقة على الاستمرار في الحكم لولايتين رئاسيتين إضافيتين.

وقال "أنور الهواري"، رئيس التحرير السابق لصحيفة "المصري اليوم" (خاصة)، إن "السيسي لديه رغبة فيما يبدو للاستمرار"، بعد انتهاء ولايته الثانية.

وحذر "الهواري"، من دعوات تعديل الدستور، وقال إنها "خارجة عن المنطق لسبب بسيط وهو أن الزمن تغير".

وأضاف: "البلد لا يحتمل انقلابا جديدا ولا ثورة جديدة".

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

مصر قمع ثورة حريات ناشطون السيسي