لماذا تتصاعد الحرب بين إيران وإسرائيل في سوريا؟

الاثنين 4 فبراير 2019 09:02 ص

تفتح منحدرات التزلج على جبل الشيخ في مرتفعات الجولان لفترة وجيزة في كل فصل شتاء.

وفي 20 يناير/كانون الثاني، شعر المتزلجون بالصدمة لرؤية صاروخ أطلقته بطارية قبة حديدية للدفاع الجوي الإسرائيلي.

وكان الصاروخ واحد من صاروخين ظهرا في السماء بهدف منع صواريخ أرض أرض إيرانية من سوريا من الوصول لـ (إسرائيل).

وجاء التوتر الأخير من بين التوترات الإسرائيلية الإيرانية في سوريا وسط الانسحاب الأمريكي المخطط له وهو ما يهدد بإشعال صراع جديد.

وفي 23 يناير/كانون الثاني، حذرت روسيا (إسرائيل) مرة أخرى من الضربات الجوية فوق سوريا. ومع ذلك، تصر (تل أبيب)، بدعم من واشنطن، على قدرتها على تقليص وجود إيران في سوريا، فضلا عن التضييق على عمليات نقل الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله.

وكانت الغارات الجوية في 20 يناير/كانون الثاني، والرد الإيراني، والجولة الثانية من الغارات الجوية التي وقعت خلال الليل في اليوم التالي، واحدة من أشد المواجهات جدية وعلنية بين القوات الإسرائيلية والإيرانية في سوريا منذ بدء الحرب السورية، لكنها كانت مواجهة متوقعة أيضا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، في ديسمبر/كانون الأول 2017، إن (إسرائيل) لن تسمح لطهران "بتعزيز" موقفها في سوريا والاستفادة من الصراع السوري عبر إقامة بنية تحتية وقواعد عسكرية.

وفي فبراير/شباط 2018، ضربت (إسرائيل) أهدافا إيرانية بعد أن دخلت طائرة بدون طيار المجال الجوي الإسرائيلي. وفي مايو/أيار 2018، شنت (إسرائيل) غارات جوية واسعة النطاق ردا على إطلاق صاروخ أطلقته إيران من سوريا.

وشنت (إسرائيل) بعض الضربات العام الماضي في عمق سوريا، على الطريق إلى تدمر، وبالقرب من حمص، وفي محافظة اللاذقية.

وكانت غارة جوية إسرائيلية، في سبتمبر/أيلول، قد استهدفت مستودعا في اللاذقية ولكنها أدت إلى إسقاط طائرة روسية من طراز "إيل -20" عن طريق الخطأ. وتسبب هذا في توجيه روسيا لتحذيرات لـ(إسرائيل)، بعد أن ظلت في كثير من الأحيان صامتة حول هذا الصراع.

وتعد روسيا هي الداعم الرئيسي لنظام "بشار الأسد" في سوريا، لكنها لا ترى دورها في سوريا هو الدفاع عن مصالح إيران. وأعلنت روسيا أنها بصدد تزويد سوريا بنظام الدفاع الجوي "إس-300" في أعقاب إسقاط "إيل -20".

ومؤخرا، قامت (إسرائيل) على نحو متزايد بإعلان سياستها، وكشفت عن حجم الحرب التي تشنها في سوريا لوقف إيران.

وفي خريف عام 2017، قالت (إسرائيل) إنها ضربت فقط 100 هدف في سوريا خلال النزاع السوري. وبحلول عام 2018، ارتفع هذا الرقم إلى 200 هدف إيراني خلال عام ونصف.

ثم قام رئيس الأركان السابق، "غازي أيزنكوت"، بتوسيع هذا العدد إلى الآلاف من الضربات والقنابل التي تم إسقاطها في عام 2018 وحده، مدعيا أن هناك ضربات يومية تقريبا، في مقابلة مع "نيويورك تايمز".

من الظل إلى العلن

وبينما تكشف (إسرائيل) مدى غاراتها الجوية في سوريا، رسمت صورة جديدة لحرب خاضتها بشكل كبير في الظل خلال الأعوام الأخيرة.

وخلال الحرب الأهلية السورية، كان الصراع بين (إسرائيل) وإيران، الذي كان يهدف في البداية إلى اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية عبر سوريا إلى حزب الله، مختفيا إلى حد كبير، حيث كان الصراع الأكبر بين النظام السوري والمتمردين هو الأبرز، ثم بين التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وتنظيم الدولة الإسلامية.

والآن، انتهت الحرب الأهلية السورية في الغالب بالاتفاق التركي الروسي حول "إدلب"، مع الحفاظ على وقف إطلاق النار، بينما تنحسر الحرب ضد تنظيم الدولة حول الفرات، مع هزيمة بقايا التنظيم.

وليس من قبيل المصادفة أن تتوافق نهاية الصراع السوري مع تصاعد المواجهة الإسرائيلية الإيرانية في سوريا. فخلال الحرب الأهلية السورية، ركزت إيران في البداية على دعم النظام السوري، وتجنيد الميليشيات، وإسداء المشورة للنظام عبر وحدات الحرس الثوري الإسلامي، التي أرسلتها طهران إلى سوريا.

كما قامت إيران ببناء القواعد والمخازن وتخزينها، فضلا عن تأسيس البنية التحتية. وفي العام الماضي، قالت الولايات المتحدة إن القوات الإيرانية يجب أن تغادر سوريا.

لكن إيران تسعى للاستفادة من الصراع السوري عن طريق زيادة، أو على الأقل الحفاظ، على وجودها هناك، وذلك باستخدام الدفاع الجوي السوري للحماية.

ويعد الوجود الإيراني في سوريا جزءا من شبكة أكبر من التواجد الإيراني في العراق وسوريا. على سبيل المثال، هدد "معين الكاظمي"، وهو قائد في "الحشد الشعبي"، في 21 يناير/كانون الثاني، بأن الصراع بين إيران و(إسرائيل) في سوريا قد يمتد ليشمل حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق.

وقام "قيس الخزعلي"، زعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق"، والمحتجز السابق في المعسكرات الأمريكية في العراق، بزيارة لبنان في ديسمبر/كانون الأول 2017 حيث أشار إلى (إسرائيل) من الحدود اللبنانية في لفتة رمزية لإظهار أن الجماعات المؤيدة لإيران في العراق ولبنان ترى أن الصراع مع (إسرائيل) لا يقتصر على الدول.

وأطلق على هذا القوس من النفوذ الإيراني "الطريق عبر البحر"، أو الممر الإيراني عبر العراق وسوريا. وفي يونيو/حزيران 2018، أشارت تقارير إلى أن (إسرائيل) ضربت كتائب حزب الله العراق، وهي ميليشيا شيعية عراقية أخرى لديها قاعدة في سوريا.

وعلى الرغم من جميع الضربات الجوية الإسرائيلية، لا يزال العدد الإجمالي للإصابات بين السوريين والإيرانيين في سوريا منخفضا. كما أن مستوى الضرر الذي لحق بالبنية التحتية لإيران في سوريا غير واضح. وامتنعت (إسرائيل) عن شن غارات جوية مدمرة قد تضر بالبنى التحتية ذات الاستخدام المزدوج، مثل مطار دمشق الدولي. ويبقى عدد القتلى الإيرانيين في العمليات منخفضا نسبيا أيضا، حيث تم الإبلاغ عن مقتل 10 من أفراد الحرس الثوري الإيراني في الهجمات الأخيرة.

ويبدو أن (إسرائيل) تواجه معركة شاقة في إخراج إيران من سوريا، أو تحفيز إيران على تقليص قواتها من خلال الضربات الدقيقة. وسعت روسيا وتركيا وإيران، من خلال الاجتماعات المتكررة في أستانا وسوتشي وجنيف وأماكن أخرى، إلى إنهاء الصراع السوري.

ويأتي هذا في الوقت الذي تقول فيه الولايات المتحدة إنها بصدد الانسحاب التدريجي، وهو ما يعني أن واشنطن قد تخلت عن دورها في مواجهة إيران في سوريا. ومع ذلك، فقد دعم مستشار الأمن القومي "جون بولتون"، ووزير الخارجية "مايك بومبيو"، ومسؤولين آخرين في الإدارة، دور (إسرائيل) في مواجهة إيران في سوريا، وأشاروا في أوائل يناير/كانون الثاني إلى أن الدعم سيستمر. وتعتبر هذه رسالة من واشنطن إلى (تل أبيب) بإطلاق يدها في سوريا، لكن هذه اليد الحرة تواجه معركة شاقة.

وأشارت عدة دول خليجية، بما فيها البحرين والإمارات العربية المتحدة، إلى أنها ستعيد فتح العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، ويبدو أن سوريا ستعود إلى الجامعة العربية بعد تجميد عضويتها منذ الأيام الأولى من عام 2011. ويشير هذا إلى تطبيع وشيك بين "نظام الأسد" والدول التي دأبت على معارضته.

ومع التسليم باستقرار النظام السوري، سوف تشعر إيران أنها خرجت من الصراع في المنطقة، ليس فقط سالمة، ولكن بنفوذ أكبر من ذي قبل. ويفتخر وزير الخارجية "جواد ظريف" بانتظام بالعزلة الأمريكية في المنطقة، ولا يبدو أنه يخاف من الضربات الجوية، سواء كانت أعدادها بالعشرات كما كانت خلال الأعوام الأولى من الحرب الأهلية السورية، أو بالمئات والآلاف، كما حدث العام الماضي.

ويجعل هذا قرار (إسرائيل) بأن تكون أكثر علانية حول ضرباتها مقامرة معقدة وربما تصبح مقدمة لصراع جديد طويل الأمد في سوريا.

ومن المحتمل أن يشارك في هذا الصراع حزب الله، وجميع وكلاء إيران في المنطقة بما في ذلك الميليشيات الشيعية الموالية لطهران في العراق.

المصدر | سيث فرانتزمان - ناشيونال إنترست

  كلمات مفتاحية

سوريا إيران (إسرائيل) حزب الله إس-300