السيسي يبحث عن النفوذ القاري برئاسة الاتحاد الأفريقي

الجمعة 8 فبراير 2019 07:02 ص

يتوجه الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"​، السبت، إلى العاصمة الإثيوبية ​أديس أبابا​ في زيارة ستشهد تسلمه رئاسة ​الاتحاد الأفريقي​ لمدة عام، يليها ترؤسه لأعمال الدورة العادية الثانية والثلاثين لقمة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة بالاتحاد.

تأتي هذه الخطوة بعد نحو 6 سنوات تقريبا من تعليق الاتحاد لعضوية مصر؛ إثر الانقلاب الذي قاده "السيسي"، في يوليو/تموز 2013، على أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، قبل أن يرفع هذا التعليق بعد نحو عام.

تتولى القاهرة رئاسة المنظمة الأفريقية، وستسعى لتعزيز نفوذها في القارة، من دون أن يعني ذلك بالضرورة تدعيم مؤسسات المنظمة الإقليمية، وفقا لـ"فرانس برس".

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية "بسام راضي"، في بيان الجمعة، إن "رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، للمرة الأولى منذ نشأته في 2002، خلفا لمنظمة الوحدة الأفريقية، تعد تتويجا لجهود القاهرة بقيادة السيسي، خلال السنوات الأخيرة لتعزيز العلاقات مع القارة الأفريقية سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف".

وأضاف أنه يأتي "تجسيدا لاستعادة الدور المحوري المصري كإحدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية الأم في ستينات القرن الماضي".

من جانبه، يرى "أشرف سويلم"، الذي يرأس مركز القاهرة لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام (غير حكومي)، إن مهمة مصر "ستركز على الأرجح على الأمن وحفظ السلام".

ويوضح "سويلم" أنه من المرجح أن يقلل "السيسي" التركيز على "الإصلاح المالي والإداري" خلافا لسلفه الرئيس الرواندي "بول كاغامي".

وكان هذا الإصلاح هو حجر الزاوية خلال العام الذي ترأس فيه "كاغامي" الاتحاد الأفريقي؛ حيث كان يسعى إلى فرض ضريبة استيراد على مستوى القارة لتمويل الاتحاد، وخفض اعتماده على المانحين الخارجيين الذين ما زالوا يدفعون أكثر من نصف الميزانية السنوية للمنظمة.

اتحاد ضعيف

ويقول دبلوماسي أفريقي إن مصر، إلى جانب جنوب أفريقيا ونيجيريا، "لا تريد اتحادا أفريقيا قويا".

ويضيف الدبلوماسي الذي يتابع شؤون الاتحاد الأفريقي لأكثر من عقد، أن القاهرة لن "تنسى أبدا" تعليق عضويتها في 2013.

أما عن إصلاح مفوضية الاتحاد الأفريقي فهو موضوع أكثر حساسية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، رفضت معظم الدول مقترحا بمنح الذراع التنفيذي للاتحاد الأفريقي الحق في اختيار نواب ومفوضين.

منطقة تجارة حرة

يقول مسؤول في الاتحاد الأفريقي إن المصريين "منخرطون بشكل كامل" في دفع إصلاحات أخرى للاتحاد.

إحدى المبادرات الرئيسية المدعومة من القاهرة هي منطقة التجارة الحرة القارية، وهي مبادرة وافق عليها 44 من بين 55 دولة من الأعضاء في مارس/آذار 2018.

تعد السوق الموحدة من أبرز برامج "جدول أعمال 2063" التابع للاتحاد الأفريقي، والذي يعتبر بمثابة إطار استراتيجي للتحول الاجتماعي والاقتصادي.

لكن الاتفاقية التجارية واجهت اعتراضا من جنوب أفريقيا، وبالتالي يتعين على "السيسي" أن يدفع بقوة من أجل التصديق على هذا الاتفاق إذا كان سيبدأ تنفيذه.

وتتوقع المتخصصة في الدفاع عن أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية "إليسا جوبسون"، من "السيسي"، الاستفادة من الرئاسة لتعزيز وضع بلاده بين الدول الأفريقية الأخرى.

وتضيف أن "هذا ليس قطعا مع الإدارات السابقة"، وخصوصا الرئيس المنتهية ولايته.

وتقول "جوبسون": "أظهر كاغامي أن الرئاسة -التي طالما اعتبرت مجرد منصب فخري- يمكن أن تعمل على تعزيز المصالح الوطنية وتعزيز المكانة الدولية للقائد".

ويلفت مسؤول الاتحاد الأفريقي، الذي طلب عدم تسميته، إن الرئيس الرواندي "سيظل شخصا محوريا في أجندة إصلاح المنظمة على الرغم من انتهاء ولايته".

سلطة محدودة

لكن هناك حدوداً كبيرة للسلطة التي يتمتع بها رئيس الاتحاد الأفريقي.

وعانى "كاغامي" من اعتراض كبير من الاتحاد الأفريقي بعد أن عبر عن "شكوك جدية" بشأن النتائج التي توصلت إليها انتخابات الرئاسة في جمهورية الكونغو الديموقراطية، التي فاز بها رسميا "فيليكس تشسيكيدي".

ورغم تشكيك الكنيسة الكاثوليكية أيضا، إلا أن النتائج صُدقت من قبل المحكمة الدستورية في جمهورية الكونغو الديموقراطية، ورحبت بها دول ثقيلة الوزن مثل جنوب أفريقيا وكينيا ومصر.

وسيحتاج "السيسي" لجهود للتغلب على هذه النمطيات، وفقا لما تقوله "ليزل لوو فودران"، من معهد الدراسات الأمنية.

وتضيف: "هناك سمعة عن دول شمال أفريقيا بأنها تنظر في اتجاه مختلف عن القارة، لكن السيسي يريد أن تُعتبر مصر جزءا من أفريقيا وليس العالم العربي فقط".

وكما جرت العادة ستتصدر أزمات القارة الأمنية جدول أعمال القادة.

ومن المقرر أن تركز قمة الاتحاد الأفريقي الأحد على "اللاجئين والعائدين والأشخاص المشردين محليا"، على أن يتم تقديمه في سياق أمني.

وتنصب القاهرة نفسها "بطلة" في المعركة ضد الهجرة غير الشرعية، ونموذجا لاستضافة اللاجئين على أراضيها.

حقوق منتهكة

لكن يقف أمام "السيسي" عقبة كبيرة تتعلق بحقوق الإنسان في بلاده، التي عبرت عنها منظمة "العفو"، في بيان الجمعة. إذ طالبت المنظمة الحقوقية الدولية الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي أن "يضمنوا ألا تؤدي رئاسة مصر للاتحاد إلى تقويض آليات حقوق الانسان في المنظمة".

وحسب البيان، فإن "هناك مخاوف حقيقية بشأن التأثير المحتمل لرئاستها (مصر) على استقلال آليات حقوق الانسان الإقليمية ومستقبل تعاونها مع المجتمع المدني".

وتدين المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان قمع السلطات المصرية للمعارضة، للدرجة التي تم وصف مصر بأنها أصبحت في عهد "السيسي" سجنا للمعارضين.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي انقلاب الاتحاد الأفريقي