لماذا قتل النظام السعودي جمال خاشقجي؟ وهل تتحقق العدالة؟

الأحد 10 فبراير 2019 06:02 ص

قدم "ديفيد هيرست"، رئيس تحرير "ميدل إيست آي"، بعض الرؤى الشخصية الأسبوع الماضي في مؤسسة "ناشيونال إنترست"، في واشنطن العاصمة، حول مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية بإسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول.

وفي الأسبوع نفسه، نقلا عن مصادر استخباراتية أمريكية مجهولة المصدر، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن أن ولي العهد "محمد بن سلمان" قد هدد قبل عام من القتل بأن يضع "رصاصة" في رأس "خاشقجي" إذا رفض العودة إلى السعودية أو استمر في انتقاد السياسات السعودية علنا.

وكشف "هيرست" أنه كان أحد الأشخاص الذين تلقوا معلومات مسربة بعد القتل مباشرة من أفراد أو مسؤولين في تركيا، وقد أوضح ما يعتقده حول سبب مقتل "خاشقجي".

ولم يكن ذلك بسبب الدفاع عن حرية التعبير في العالم العربي بقدر انتقاده المباشر لقرارات ولي العهد السعودي، ورؤية "خاشقجي" الخاصة لمستقبل المملكة مع "بن سلمان".

وقال "هيرست" إن "خاشقجي" توصل إلى استنتاج مفاده أن بلاده، السعودية، كانت "غير مستقرة مع آل سعود"، لا سيما مع التغييرات التي أحدثها "بن سلمان" نفسه.

وكان هناك أيضا تحول في ديناميكيات السلطة، وقبل ذلك، كان هناك "حصة منظمة للغاية" من الغنائم، كما وصفها "هيرست"، يتم اقتسامها بين جميع أفراد العائلة المالكة، لكن الآن، "يحصل الأمير الشاب على كل شيء وحده".

وكان هذا واضحا في التحول المزعوم ضد الفساد الملكي عام 2017، حيث تم جمع أفراد العائلة المالكة ونقلهم إلى فندق "ريتز كارلتون"، ولم يخرجوا إلا في الأشهر الأخيرة، بعد أن تم تجريدهم من مليارات الدولارات.

ومن الواضح أن هناك غضبا داخل العائلة المالكة، لكن ما إذا كان بإمكانهم فعل أي شيء حيال ذلك ما زال أمرا غير واضح.

لكن ما يبدو واضحا، وفقا لـ"هيرست"، هو أن أي فكرة حول أن "بن سلمان" سوف يصبح أكثر اعتدالا لا تعدو كونها "مجرد تمني".

وهناك أيضا تقارير متناقضة حول صحة الملك الحالي، وفي بعض المشاهد العامة بدا قويا، لكن في حالات أخرى، كان قادرا على الكلام بالكاد.

عودة الوهابية

والسؤال التالي هو "ما هي الآفاق المستقبلية لزعامة محمد بن سلمان؟".

وفقا لـ "هيرست"، تنبأ "خاشقجي" بعودة "الوهابية" إلى المملكة للانتقام، وأعرب عن اعتقاده بأن الوضع الاقتصادي الحالي في المملكة، والذي يتسم "بتراجع الوظائف وسوء الإدارة"، سيؤدي إلى عودة الحركة الوهابية، وقد جعلته وجهات نظره هذه تهديدا في نظر ولي العهد.

وفي حين كان "خاشقجي" "فاعلا عقلانيا"، وفقا لـ"هيرست"، فقد تم قتله على يد نظام غير عقلاني وغير طبيعي، وقال "هيرست": "لا يختلف الأمر كثيرا عن طريقة تفكير تنظيم الدولة".

وكانت "ميدل إيست آي" تنشر أعماله تحت اسم مستعار، قبل أن يبدأ بالكتابة بشكل علني لصحيفة "واشنطن بوست".

وكان النظام السعودي قد بذل محاولات مؤكدة لجلب "خاشقجي" إلى المملكة، حسب "هيرست"، وقال إن خطأ "خاشقجي" كان الاعتقاد بأنه لن يتعرض للقتل، وهو ما دفعه للسير إلى فخ وضعه النظام السعودي مستغلا حاجة "خاشقجي" إلى بعض الأوراق القنصلية للزواج من خطيبته التركية.

وقال "هيرست" إن قلق "خاشقجي" الرئيسي عندما ذهب إلى القنصلية في ذلك اليوم كان مجرد "التعنيف أو الاحتجاز"، لكن لم يظن أن يشكلوا فرقة اغتيال جاهزة لقتله.

وعندما خرجت الأخبار، حاول السعوديون في البداية شراء الأتراك بسرعة، حيث عرضوا من بين أمور أخرى، إنهاء الحصار المفروض على قطر، وسرعان ما علمت السعودية أن تركيا لن تقبل بذلك.

وفي نزاع تركيا الطويل الأمد للهيمنة مع المملكة، أراد الرئيس "أردوغان" أي دليل يربط "بن سلمان" بالقتل، وقد تم التنصت على القنصلية بالعديد من الميكروفونات في أجزاء مختلفة من الغرفة، حيث تم تعذيب "خاشقجي" أولا، ثم قتله، ثم تقطيعه، لذلك كان لدى الأتراك تسجيل صوتي للحادث بأكمله.

وعندما زارت مديرة وكالة الاستخبارات المركزية "جينا هاسبل" تركيا، واستمعت إلى الأشرطة، قال "هيرست" إنها على ما يبدو "انهارت وصرخت عندما سمعت تقطيع أصابعه".

ولقد كان لديها اثنان من الخيارات، وقد كان من الممكن لها، وللوكالة، أن "تتجاهل الحقيقة"، لكنها لم تفعل، وفي الواقع، فعلت العكس تماما.

لقد تأثرت "هاسبل" إلى حد كبير؛ حيث عادت إلى الولايات المتحدة و"أخبرت الحقيقة كما هي"، وقد حققت المخابرات الأمريكية "سي آي إيه" في سجلات الهاتف، ووصلت إلى تبادل حديث بين أحد أفراد قوة الاغتيال وبين شخص غير معروف في الرياض، واكتشفت من هو، وكان الاتصال يقول: "أخبر رئيسك أن المهمة قد اكتملت".

ولم تكن هذه الرسالة جزءا من الأدلة التركية، وفي الواقع، وفقا لـ"هيرست"، لم يتم التقاط هذه المحادثة من قبل الميكروفونات في القنصلية، لقد كان جزءا من دليل حصلت عليه "سي آي إيه" وليس من المقاطع التركية.

كما أجرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية اتصالا مباشرا مع رئيس هيئة موظفي "بن سلمان" للحصول على المعلومات مباشرة، وقد انتهى الأمر إلى "ثقة عالية" ويقين تام في المجتمع السياسي الأمريكي بأن ولي الأمر قد أمر بالفعل بالاغتيال.

وقد تم تجاوز الموعد النهائي لقيام "ترامب" بتقديم تقرير إلى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ حول ما إذا كان مسؤولو الحكومة السعودية يجب أن يتحملوا المسؤولية ويواجهون عقوبات بسبب مقتل "خاشقجي".

ومع ذلك، قال مسؤول كبير في الإدارة إنها لا تنوي الامتثال لقانون "ماغنتسكي" العالمي، الذي يخول للحكومة الأمريكية فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

وفي غضون ذلك، يواصل المسؤولون السعوديون إبعاد اللوم عن ولي العهد، موضحين أن المسؤولين عن الأمر "سيحاسبون".

ومع ذلك، لا يوجد حتى الآن أي شخص تم توجيه المسؤولية إليه لتخفيف الضغط في قضية "خاشقجي"، أو تهدئة عائلته.

المصدر | إليزابيث ماير| إنسايد أرابيا

  كلمات مفتاحية

ترامب جمال خاشقجي ديفيد هيرست محمد بن سلمان

مستشار أردوغان: السعودية تتستر على المجرم الحقيقي بمقتل خاشقجي