الفصائل الشيعية بالعراق تحصد الملايين من احتكار الخردة

الأربعاء 13 فبراير 2019 06:02 ص

كشفت مصادر عراقية، الأربعاء، أن حطام السيارات الملغومة التي استخدمها عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية"، وغيرها من مخلفات الحرب، تمثل حاليا ثروة بملايين الدولارات لخصوم التنظيم من الفصائل الشيعية المسلحة، المدعومة من إيران، وعلى رأسها "الحشد الشعبي".

وأوضحت المصادر أن الفصائل الشيعية، التي ساعدت القوات العراقية في طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" من آخر معاقله بمدينة الموصل، سيطرت على تجارة المعادن الخردة التي جُمعت من ساحة المعركة، وفقا لما صرح به تجار وآخرون على اطلاع بمجريات هذا القطاع.

وأكد ملاك ساحات للخردة ومديرو مصانع صلب في المدينة، التي كانت العاصمة الفعلية لتنظيم "الدولة الإسلامية" في الفترة من 2014 وحتى 2017، أن قوات "الحشد الشعبي" تتاجر في كل شيء من مخلفات الحرب، بدءا من السيارات المحطمة والأسلحة الخربة وانتهاء بصهاريج المياه وإطارات النوافذ.

وبينما تنفي قوات "الحشد الشعبي" أي دور لها في هذه التجارة، إلا أن روايات المصادر تتفق مع ما ذكره نواب في البرلمان العراقي بشأن إدارتها وإشرافها على نقل الخردة، التي يجرى صهرها بعد ذلك للاستخدام في مواد البناء.

وبحسب شهود عيان، فإن قوات الفصائل الشيعية المدعومة إيرانيا، تستخدم نفوذها المتنامي لاحتكار سوق الخردة عبر السيطرة الفعلية على نقل المعادن من المدن التي لحقت بها أضرار الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى شمال العراق الذي يديره الأكراد، حيث يتم شراؤها وصهرها، أو إلى المحافظات الجنوبية (ذات الأغلبية الشيعية)، فيما يستخدم القليل منها في إعادة بناء المناطق التي دمرها القتال.

وبذلك تحولت سيطرة الفصائل الشيعية المسلحة (أصبحت الآن جزءا من قوات الأمن العراقية) على الأراضي، التي كانت جزءا من الأراضي الواقعة تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، إلى مصدر للثروة، ما يعزز من النفوذ الإيراني بالمنطقة.

ويثير هذا النفوذ قلق الولايات المتحدة و(إسرائيل) في وقت يتزايد فيه ترسيخ إيران لسيطرتها على أراض تمر عبر العراق وسوريا إلى لبنان (معقل حزب الله).

وصاية ميليشياوية

وفي إحدى ساحات الخردة، قرب نقطة تفتيش تابعة لـ"الحشد الشعبي" على أطراف الموصل، يفرز عاملون المعادن من كومة تضم أجزاء سيارات ومولدات كهرباء وصهاريج مياه محطمة، حيث تشتري قوات "الحشد" أطنانا منها يوميا وتبيعها في المناطق الكردية مقابل ما يصل إلى مثلي السعر أو تسمح للتجار بالقيام بذلك مقابل حصة من الأرباح نظير السماح لهم بالمرور عبر مناطق تسيطر عليها.

وقال مالك الساحة، الذي رفض ذكر اسمه خشية التعرض للانتقام، إنه لا يستطيع البيع إلا لتجار من أعضاء الفصائل أو المرتبطين باتفاق معها، ولا يمكنه تمرير الخردة من نقاط التفتيش دون اتفاق مع قوات "الحشد الشعبي".

وأضاف أنه يشتري خردة بـ100 ألف دينار عراقي (84 دولارا) للطن ويبيعها مقابل 110 آلاف دينار، فيما تبيعها الأطراف المرتبطة بقوات "الحشد الشعبي" في كردستان مقابل ما يصل إلى 200 دولار للطن.

وأشار مالك الساحة إلى أنه اضطر للإذاعان إلى رجلين مسلحين جاءا يوما في شاحنة صغيرة وطلبا منه خفض السعر وعدم البيع إلا لهما.

الموصل والأنبار

وفي الموصل تباع الخردة إلى ساحة في المدينة القديمة تسيطر عليها قوات "الحشد" بسعر أرخص، يصل إلى 50 دينارا للكيلو غرام (42 دولارا للطن).

وتضم الساحة قضبان صلب وأجزاء من أسطح مبان مدمرة وأجهزة منزلية، إضافة إلى حطام السيارات الملغومة والمدمرة، التي تم جمع الكثير منها في الشهور التالية للمعارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، والتي انتهت عام 2017.

الوضع ذاته يسود قطاع تجارة الخردة بمحافظة الأنبار، إذ تسيطر قوات "الحشد الشعبي" على كومة من السيارات المدمرة يمكن رؤيتها من على الطريق السريع الرئيسي قرب الفلوجة.

وبحسب تجار بالمحافظة، فإن قوات "الحشد" أو الشركات المرتبطة باتفاقات مع الفصائل الشيعية المسلحة، تستعين بسائقين لنقل الخردة من الأنبار إلى كردستان أو جنوبا إلى البصرة.

وفي هذا السياق، أكد "علاء"، وهو سائق يستخدم اسما مستعارا، أن تصريح نقل الخردة في يد قوات "الحشد الشعبي" حصرا.

صلب كردستان

من جانبه، قال "محمد كيكو" الذي يدير مصنعا للصلب قرب أربيل في منطقة كردستان، إنه يشترى ما بين 300 و400 طن على الأقل من خردة الموصل يوميا منذ استعادة المدينة من تنظيم "الدولة الإسلامية".

وأضاف: "حاليا نشتري الطن بما بين 150 و160 دولارا (..) الأمر يعتمد على ما يتعين دفعه مقابل الحصول عليه".

وتابع "كيكو" أن نقل الخردة الذي توقف شهورا لعدم موافقة الفصائل الشيعية على الأسعار أو لأن التجار لم يتمكنوا من دفع المبلغ المطلوب لتمرير الشحنات.

وأشار إلى أن جزءا من حديد التسليح، الذي تصنّعه شركة أربيل للصلب من الخردة، يباع في كردستان، لكن معظمه يباع في المحافظات الجنوبية للعراق، ذات الأغلبية الشيعية.

موقف رسمي

وإزاء ذلك، أقر "نوفل حمادي السلطان" حاكم محافظة نينوى (عاصمتها الموصل) بأن قوات "الحشد الشعبي" تشتري الخردة، لكنه رفض ما ذكرته المصادر بشأن السماح للفصائل المسلحة بالسيطرة على تجارتها.

وقال "السلطان" بلهجة عامية: "هم يشترونه.. ماكو (لا يوجد) أي قانون يمنع شراء السكراب (الخردة)".

وألقى النائب العراقي "أحمد الكناني" الذي يمثل الجناح السياسي لعصائب أهل الحق (جماعة شيعية لها 15 مقعدا برلمانيا)، باللوم في هذه التجارة على أفراد قال إنهم "يستغلون الدمار الناجم عن الحرب"، مضيفا: "الحشد ما يقبل هذا الشيء (..) الدولة يجب أن تتدخل إذا كانت هناك حالات فردية".

في المقابل، يطالب سياسيون آخرون باستخدام المعادن من مخلفات الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى المناطق السنية لإعادة بنائها، ويلقون بجانب من اللوم في نقلها وبيعها على بطء وتيرة الإعمار.

وفي هذا السياق، وصف "محمد نوري عبدربه"، العضو السابق بالبرلمان، ما يحدث بأنه "سرقة مواد ملك للشعب".

وأشار إلى أن قوات "الحشد الشعبي" تجني ضعف ما تشتري هي أو تجار الخردة به، قائلا: "نتكلم عن مئات الآلاف من الأطنان".

المصدر | الخليج الجديد + رويترز

  كلمات مفتاحية

إيران العراق تنظيم الدولة الخردة الحشد الشعبي عصائب أهل الحق كردستان أربيل أحمد الكناني الأنبار الموصل محمد كيكو