عبدالله العودة: والدي مهدد بالإعدام.. هذا هو العدل بالسعودية

الخميس 14 فبراير 2019 10:02 ص

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالا لـ"عبدالله"، نجل الداعية السعودي المعتقل "سلمان العودة" بعنوان: "والدي يواجه عقوبة الإعدام.. هذا هو العدل في المملكة العربية السعودية".

وفي مقاله، شرح "عبدالله" الحيثيات التي أدت إلى اعتقال والده، والتي تمثلت في تغريدة دعا فيها بشكل غير مباشر إلى المصالحة بين أطراف الأزمة الخليجية، معتبرا أن من أسباب اعتقال والده، أيضا، عدم رغبة ولي العهد في رؤية شخصية أخرى يشار إليها على أنها "إصلاحية"؛ فهذا الوصف يريده لنفسه فقط.

واستعرض نجل "العودة"، في مقاله، أجواء القمع والخوف السائدة حاليا في المملكة، والانتهاكات الحقوقية التي يتعرض له والده في محبسه، فضلا عن التنكيل بعائلته عقابا لها، مطالبا من العالم برفع صوته لدعم السعوديين الذين يكافحون بالفعل من أجل الإصلاح مثل "سلمان العودة" الذي يطالب النائب العام السعودي بإعدامه.

وفيما يلي نص المقال الذي ترجمته "الخليج الجديد":

رغم ادعاءات الأمير "محمد بن سلمان" ومساعديه، لم تتخل السعودية عن المؤسسة الدينية المتشددة، وبدل ذلك، فإنها عملت على خفت أصوات الاعتدال التي قاومت التطرف تاريخيا، إذ تم اعتقال العديد من الناشطين والعلماء والمفكرين السعوديين الذين سعوا للإصلاح وعارضوا قوى التطرف، والعديد منهم يواجهون عقوبة الإعدام الآن.

"سلمان العودة"، والدي، عالم في الشريعة الإسلامية يبلغ من العمر 61 عاما، وهو إصلاحي طالب بمزيد من الاحترام لحقوق الإنسان في إطار الشريعة الإسلامية، وهو القانون الإسلامي المستند إلى تعاليم القرآن.

وقد سُمع صوته على نطاق واسع، وهذا عائد جزئيا إلى شعبيته كشخصية عامة لديها حساب على "تويتر" يتابعه 14 مليون شخص.

في العاشر من سبتمبر/أيلول 2017، قام والدي، الذي أزعجته التوترات الإقليمية إثر فرض السعودية والبحرين والإمارات ومصر حصارا على قطر، بالحديث بشكل غير مباشر عن تلك الأزمة، وأعرب عن رغبته في المصالحة؛ إذ كتب على "تويتر": "ربنا لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم ألف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم".

بعد هذه التغريدة بساعات قليلة، حضر فريق من الأجهزة الأمنية السعودية إلى منزلنا في الرياض، وقام بتفتيش المنزل، وصادر بعض الحواسيب المحمولة واقتاد أبي معه.

ويبدو أن تغريدة والدي أغضبت الحكومة السعودية؛ حيث اعتبرتها انتهاكا جنائيا؛ إذ أبلغ المحققون والدي بأن اتخاذه موقفا محايدا بشأن الأزمة السعودية القطرية وعدم وقوفه مع الحكومة السعودية يمثل جريمة.

والدي الآن محتجز في الحبس الانفرادي بسجن ذهبان في جدة، وقد تم تقييده بالأغلال لأشهر داخل زنزانته، وحُرم من النوم والمساعدة الطبية، وتم استجوابه مرارا طوال النهار والليل مع تجاهل تدهور حالته الصحية؛ إذ يعاني من ارتفاع ضغط الدم والكولسترول الذي ازداد سوءا في السجن ما أدى إلى دخوله المستشفى، وحُرم من مقابلة محاميه لغاية المحاكمة، بعد مرور حوالي عام على اعتقاله.

في 4 سبتمبر/أيلول 2018، عقدت المحكمة الجنائية المتخصصة في الرياض جلسة سرية للنظر في الاتهامات العديدة الموجهة إلى والدي، ومنها: تأليب الرأي العام، وتحريض الناس على الحاكم، والدعوة لتغيير الحكومة، ودعم الثورات في البلاد العربية من خلال التركيز على الاحتجاز التعسفي وحرية التعبير في تلك البلاد، وحيازة كتب محظورة، ووصف الحكومة السعودية بالطاغية.

وهي اتهامات قام على أساسها المدعي العام بطلب إعدام والدي.

لقد استغلت السعودية لامبالاة الغرب تجاه سياساتها الداخلية، وقدمت حملة القمع التي شنتها على شخصيات إصلاحية مثل والدي على أنها حملة على المؤسسة الدينية المتشددة، والحقيقة أن ما تقوم به بعيد كل البعد عن ذلك.

والدي شخصية محبوبة في الشارع السعودي؛ لأن سلطته وشرعيته كعالم مسلم مستقل جعلته بعيدا عن علماء السلطان، فهو باستخدام المبادئ الإسلامية لدعم حججه، دافع عن الحريات المدنية والسياسات التشاركية وفصل السلطات واستقلال القضاء.

على مدار عقدين تقريبا، قاد والدي –عبر خطبه- الحملة ضد الإرهاب في السعودية، ودعا إلى تجديد الخطاب الديني وطالب بالإسلام المعتدل.

أتساءل: ما إذا كان قد ألقي القبض عليه بسبب مواقفه الشعبية التقدمية؛ لأنه منذ صعود الأمير "محمد بن سلمان"، لا يُسمح لأي شخص آخر أن يُنظر إليه على أنه "مصلح".

وبينما يجلس الإصلاحيون مثل والدي في السجون، احتضنت السعودية المتشددين مثل "صالح الفوزان"، وهو عالم دين مؤثر وترعاه الدولة وعضو في هيئة كبار العلماء.

في عام 2013، استنكر "الفوزان" دعوات السماح للمرأة في المملكة بقيادة السيارة، وادعى أن الشيعة وغيرهم من المسلمين الذين لا يتبعون المعتقدات الوهابية هم كفار، وأن أي شخص لا يتفق مع هذا التفسير هو كافر، وحرم أيضا ارتياد المطاعم، التي تتبع نظام البوفيه المفتوح؛ لأنها تشبه المقامرة، وهو أمر محظور في الإسلام.

في أغسطس/آب 2018، كان "الفوزان" يجلس بين الملك "سلمان بن عبدالعزيز" والأمير "محمد بن سلمان" في البلاط الملكي في إشارة مكانته، وقبل ذلك ببضعة أشهر، قال ولي العهد لـ"الفوزان"، خلال اجتماع، "أنت مثل والدي".

في سبتمبر/أيلول 2018، أصدر "الفوزان" فتوى تحث الدولة على قتل المنشقين السياسيين الذين يشجعون الفتنة ضد الحاكم، وبعد ذلك بشهر، قتل صديقي "جمال خاشقجي".

في مثل هذه الأجواء التي تسود فيها ثقافة الخوف، هناك أمل ضئيل في تحقيق العدالة، إذ يتم دفع السلطة القضائية بعيدا عن أي مظهر من مظاهر سيادة القانون ومراعاة الأصول القانونية، حتى بعض القضاة من المحكمة الجنائية المتخصصة تم احتجازهم بعد أن رفضوا فرض عقوبات صارمة أوصى بها المدعي العام في حالات معينة.

وقال لي قاض إن القضاة المعينين مؤخرا في المحكمة الجنائية المتخصصة يعيشون في خوف.

ومع ذلك، هناك بعض القضاة ممن لم يخضعوا للسيطرة الكاملة، ففي عام 2013، وقع حوالي 200 قاض على عريضة عامة تدعو إلى إصلاحات قانونية وقضائية حقيقية، وأدانت "القمع الساحق للأصوات الحقيقية والوطنية"، أرادوا استقلال القضاء.

وقد تعرض هؤلاء القضاة للترهيب، وتم إحالة بعضهم للتحقيق من قبل وزارة العدل السعودية، وتوعد "محمد العيسى"، وزير العدل في ذلك الوقت، بـ"حملة تصحيحية" تخلّص القضاء من هؤلاء "القضاة الفاسدين"، وتم فصل قاضيين عن العمل، فيما استأنف الباقون عملهم.

في 3 فبراير/شباط 2019، أجلت الحكومة السعودية محاكمة والدي للمرة الثالثة دون تفسير ليستمر احتجازه في السجن.

تتعرض عائلتي لمضايقات متصاعدة منذ اعتقال والدي، إذ إن 17 فردا من أسرة "العودة" ممنوعون من السفر، بمن فيهم الأطفال، كما تم تفتيش منزل الأسرة ومكتبتي الشخصية دون أمر تفتيش قضائي، وتم القبض على عمي بعد تغريدة عن هذه التفتيشات، كما تم تجميد أموالي دون مبرر قضائي.

مقتل "جمال خاشقجي" هدم أسطورة ولي العهد الإصلاحي الذي يدير السعودية، لكن مطلوب من العالم أن يرفع صوته لدعم السعوديين الذين يكافحون بالفعل من أجل الإصلاح مثل "سلمان العودة" الذي يطالب النائب العام السعودي بإعدامه.

  كلمات مفتاحية

السعودية سلمان العودة عبدالله العودة

نجل العودة يكشف تأجيل محاكمة والده للمرة الثالثة

بالفيديو.. عبدالله العودة يكشف تفاصيل جديدة عن اعتقال والده