أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" توقيعه قرار إعلان حالة الطوارئ الوطنية لتمويل بناء جدار على الحدود مع المكسيك، من أجل مواجهة ما وصفه بـ"الغزو" الذي يهدد أمن الولايات المتحدة.

وقال في خطاب ألقاه في حديقة البيت الأبيض، الجمعة، إن "إعلان حالة الطواري مُوقع، وسأوقع الأوراق النهائية فور عودتي إلى المكتب البيضاوي (مكتب الرئيس بالبيت الأبيض). ستكون لدينا حالة طوارئ وطنية".

ويسمح إعلان حالة الطوارئ لـ"ترامب" باستقطاع تمويل خصصه الكونغرس لأغراض أخرى لبناء الجدار، لكن بشرط ألا تتدخل محاكم أو الكونغرس لمنعه من هذا الإعلان.

وجاء هذا الإعلان خلال خطاب للرئيس حشد له سيدات فقدن أبناءهن في جرائم ارتكبها مهاجرون غير شرعيين، وأكد ترامب أثناءه أن هناك أزمة أمن قومي على الحدود الجنوبية وصفها بـأنها "غزو من المخدرات والمجرمين وعصابات الإتجار بالبشر".

وأضاف "ترامب": "يقولون (الديمقراطيون) الجدار ليس فعال. الجدار فعال 100%"، مستشهدا برأي أهالي مدينة إل باسو بولاية تكساس الجنوبية التي زارها الأسبوع الماضي؛ حيث تحسنت أوضاع المدينة تماما بعد بناء جدار يفصلها عن المكسيك، خاصة فيما يتعلق بانخفاض مستوى الجريمة، على حد قوله.

ومن المقرر أن يوقع "ترامب" على مشروع قانون الموازنة، الجمعة أو السبت، بعد أن أقرها الكونغرس بأغلبية كبيرة في وقت متأخر من مساء الخميس، دون إقرار التمويل الذي طلبه "ترامب" لبناء الجدار (5.7 مليارات دولار)؛ مما شكل هزيمة تشريعية للرئيس الأمريكي، الذي رد بإعلان حالة الطوارئ.

ونشرت سارة "ساندرز"، المتحدثة باسم البيت الأبيض صورة لترامب في مكتبه، وقالت إنها للرئيس خلال توقيعه على إعلان حالة الطوارئ الوطنية.

وفي أول رد من الديمقراطيين على إعلان "ترامب" توقيع حالة الطوارئ في البلاد، توعد الديمقراطيون بالكونغرس باللجوء لـ"كل علاج متاح" لمعارضة الإعلان، فيما أعلنت ولاية نيويورك أنها "ستدرس الطعن" على هذا القرار.

وقالت رئيسة مجلس النواب "نانسي بيلوسي"، وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، "تشاك شومر"، في بيان مشترك، الجمعة، إن "الإعلان غير القانوني من جانب الرئيس، حيال أزمة لا وجود لها، يوقع ضررا كبيرا بدستورنا، ويجعل الولايات المتحدة أقل أمنا".

وأكد البيان أن "تصرفات الرئيس تخرق بشكل واضح سلطان الإنفاق الحصرية للكونغرس… وسيدافع الكونغرس عن سلطاتنا الدستورية داخل الكونغرس، وفي المحاكم، وعلى الصعيد العام، مستخدما كل وسيلة ممكنة".

ويقول مسؤولو البيت الأبيض إن بعض الأموال التي سيستعملها "ترامب" في بناء الجدار ستأتي من مشاريع البناء العسكرية، وهو ما علق عليه "نانسي" و"شومر" بقولهما  إن "ترامب" سيستخدم الأموال اللازمة "لأمن جيشنا وأمتنا".

من جانبها، هددت النائبة العامة لولاية نيويورك، "ليتشا جيمس"، باتخاذ إجراء قضائي ضد إعلان حالة الطوارئ الوطنية، قائلة في بيان "لن نقبل انتهاك السلطة هذا، وسنقاوم بكل الأدوات القانونية التي تحت تصرفنا".

وإعلان حالة الطوارئ الوطنية، هو حق يمنحه الكونغرس للسلطة التنفيذية، وعلى رأسها الرئيس، للتعامل مع الأزمات الطارئة بسرعة وحسم، ويحق له أن يتجنب أي قيود أو حدود على قراراته المتعلقة بالتعامل مع الأزمات.

ويتطلب إعلان "قانون الطوارئ الوطني" أن يبلغ الرئيس الكونغرس بوجود أزمة طارئة وإعلان ما يتطلب للتعامل معها، ويفرض القانون على الرئيس أن يبلغ دوريا الكونغرس بمستجدات الأزمة.

ويسمح القانون للرئيس بفرض حالة الطوارئ مدة عام واحد، ويمكن تجديدها، شريطة أن يؤكد وجود "تهديدات غير طبيعية وخطيرة على الأمن القومي والمصالح الأمريكية".

ومن أشهر الحالات التي فرضت فيها حالة الطوارئ الوطنية، إعلان الرئيس "باراك أوباما" حالة الطوارئ بسبب انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير عام 2009، وإعلان الرئيس "جورج بوش الابن" حالة الطوارئ القومية عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

كما أعلن "ترامب" الطوارئ 3 مرات منذ توليه السلطة؛ الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2017، واستهدفت تجميد أصول وممتلكات أي شخص متورط في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد، الثانية في سبتمبر/أيلول 2018، بغية فرض عقوبات على أشخاص ومؤسسات روسية لتدخلهم في الانتخابات الأمريكية، والثالثة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، لتجميد أصول وممتلكات أشخاص متورطين في تدهور الأوضاع في نيكاراغوا.

ويحق للكونغرس خلال 15 يوما أن يصوت ضد قرار الرئيس، لكن على الكونغرس تحقيق أغلبية الثلثين كي يلغي القرار ويتغلب على الفيتو الرئاسي.

ولدى الحزب الديمقراطي أغلبية 235 عضوا مقابل 200 عضو للجمهوريين في مجلس النواب، فهو يتمتع بأغلبية لا تتخطى 55% من الأصوات، أما في مجلس الشيوخ فيتمتع الجمهوريون بأغلبية 53 مقعدا مقابل 47 للديمقراطيين؛ لذا فإن من الصعب وصول العدد المعارض للرئيس "ترامب" إلى نسبة الثلثين، أي 66 عضوا في مجلس الشيوخ و287 عضوا في مجلس النواب.