هل تنجح إيران في إعادة التحالف بين حماس والنظام السوري؟

الأحد 17 فبراير 2019 09:02 ص

وضع اندلاع الأزمة السورية عام 2011 "حماس" في موقف صعب. وكانت "حماس" قد ارتبطت أيديولوجيا بـ"الإخوان المسلمون" السوريين، ولكن بعد أن رعاها نظام دمشق منذ تسعينات القرن الماضي، اتخذت المجموعة الفلسطينية في نهاية المطاف قرارا بدعم "الإخوان" وقطع العلاقات مع دمشق عام 2012. وفي هذه العملية، أضرت "حماس" بعلاقاتها مع إيران و "حزب الله" اللبناني. وقد اقتربت من حكومة مصر التي كانت تقودها جماعة "الإخوان المسلمون" في ذلك الوقت، والتي كانت تدعمها كل من قطر وتركيا، اللتين دعمتا جميع المعارضين السنة الذين كانوا يقاتلون للإطاحة بالنظام المدعوم من طهران في دمشق.

وبعد أن أصلحت إيران العلاقات مع "حماس" في العامين 2017 و2018، قضى المسؤولون الإيرانيون و"حزب الله" اللبناني العام الماضي في محاولة لإعادة المجموعة الفلسطينية وسوريا إلى الوقت الذي كانا فيه حليفين. فهم يريدون استعادة "محور المقاومة"، الذي شمل غزة حتى اندلاع الأزمة السورية. وفي العام الماضي، كانت هناك دلائل على أن هذه الجهود قد تؤتي ثمارها قريبا.

وفي ديسمبر/كانون الأول، رد ممثل "حماس" في لبنان، "علي بركة"، على قصف (إسرائيل) لسوريا، في 26 ديسمبر/كانون الأول، بإعلان أنه بمثابة "هجوم على فلسطين". وقبل عدة أيام، قال مسؤول رفيع آخر في "حماس" هو "محمود الزهار"، وهو أحد المؤيدين الرئيسيين في "حماس" للمصالحة مع دمشق، قال إنه التقى بالمسؤولين الإيرانيين وأعضاء "حزب الله" لإجراء محادثات حول الصراع في سوريا، مع أمله في تقارب محتمل بين دمشق و"حماس".

وفي العام الماضي، قال "الزهار": "ليس على "حماس" وسوريا أن تصلا إلى مرحلة تبادل الاتهامات حول ما حدث في الماضي. ما نحتاجه اليوم من كلا الجانبين هو التنسيق والتعاون لتحرير الأراضي المحتلة من قبل (إسرائيل). تريد "حماس" أن تتعافى سوريا، ولا ترغب في التدخل في شؤونها الداخلية، ولموقف الحركة من الأزمة السورية في الماضي ما يبرره".

وبالنظر إلى المستقبل، تزداد الاحتمالات بأن "حماس" ستواصل تعزيز مصالحها باستعادة العلاقات مع النظام السوري. ومن بين جميع العوامل التي تدفع الحركة الفلسطينية نحو دمشق، يبدو أن الأمر الأكثر أهمية هو رغبة "حماس" في الحصول على الدعم العسكري الذي كانت تتلقاه من قبل من سوريا. بالإضافة إلى ذلك، ترى طهران و"حزب الله" اللبناني أن احتمالات التقارب بين "حماس" وسوريا مفيدة لمصالحهما. ويرجع ذلك أساسا إلى العوامل التشغيلية التي من شأنها تعزيز إيران والوضع الاستراتيجي لوكيلها في لبنان في مواجهة (إسرائيل)، وكذلك دول الخليج المعادية لإيران.

ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة بين "حماس" ودمشق. وبشكل أساسي، لم تكن الحكومة السورية منفتحة على المصالحة مع "حماس" كما هو حال الحركة الفلسطينية. ولا تزال هناك شخصيات في نظام الرئيس "بشار الأسد" غاضبة من "حماس"، التي يتهمونها بطعن دمشق في الظهر عبر التخلي عن دعم النظام خلال الحرب الأهلية. وقد وجه "الأسد" في الآونة الأخيرة كلمات قاسية لـ"حماس"، عندما قال: "تستخدم حركات المقاومة الفلسطينية المقاومة لتحقيق أهداف سياسية تحت ذريعة الدين".

وكنتيجة لانتصارات النظام على القوات المتمردة السنية وتنظيم "الدولة الإسلامية"، بالإضافة إلى عشرات المكاسب الدبلوماسية في العالم العربي، مع قيام المزيد من الأنظمة بإعادة فتح بعثاتها الدبلوماسية في دمشق، وإعادة فتح علاقاتها الاقتصادية تدريجيا، أصبح القادة في دمشق أكثر جرأة. ومن موقف القوة هذا، قد تفرض الحكومة السورية شروطا على "حماس" من أجل المضي قدما في إعادة التحالف بين دمشق و"حماس". ومن المحتمل أن تشمل هذه الشروط أن تنأى "حماس" بنفسها عن أنقرة والدوحة حتى تستعيد الحكومتان التركية والقطرية علاقاتهما مع دمشق.

وعلى الرغم من أن إيران و"حزب الله" قد قررا خلال العامين الماضيين أن المصالحة مع "حماس" تخدم مصالحهما الاستراتيجية الكبرى في المنطقة، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يصل النظام السوري إلى نفس النتيجة ويوافق على إعادة علاقاته مع "حماس". وإذا تم إعادة التحالف بين دمشق و"حماس" إلى ما كان عليه في السابق، فستكون إيران قد حققت هدفا رئيسيا بعلاج أسوأ انقسام شهده "محور المقاومة" منذ عام 2011.

ولكن حتى لو عادت "حماس" إلى الكتلة التي تقودها إيران من خلال إصلاح علاقاتها مع سوريا، فمن المرجح أن تقترب "حماس" من "محور المقاومة" بحذر أكثر مما كانت تفعل قبل الربيع العربي. ومع نظرها إلى الاعتماد المفرط على إيران على أنه ضعف، فسوف تتعلم حركة "حماس" من أخطائها. وتشمل هذه الأخطاء الفشل في تحقيق التوازن في علاقاتها الإقليمية، والتأثير السلبي للانقلاب المصري عام 2013، الذي أنهى احتفاظ حكومة جماعة "الإخوان"بالسلطة في القاهرة، وأزمة قطر التي أدت إلى تراجع دعم الدوحة لـ"حماس".

وفيما يتعلق بقطر، أعلنت "حماس" الشهر الماضي رفضها للشريحة الثالثة من منحة قطرية إلى غزة. ويعزى هذا القرار إلى استيلاء (إسرائيل) على أموال "حماس" وابتزازها باستخدام الأموال القطرية كورقة مساومة للضغط على الحركة من أجل منع سكان غزة من الاحتجاج، حسب المتحدث باسم الحركة الفلسطينية.

وفي هذا السياق، تؤكد جهود "حماس" لإقامة علاقات جديدة، أو تعزيز الصلات القائمة، مع حكومات كل من الجزائر ومصر وماليزيا، وحتى الإمارات العربية المتحدة، على رؤية "حماس" لمصلحتها في تنويع شراكاتها لتفادي الاعتماد المفرط على الإيرانيين، أو الاعتماد كليا على أي حكومة على وجه الخصوص. وسوف تكون علاقة "حماس" المستقبلية مع نظام "الأسد" قوية. ومع ذلك، ستعطي "حماس" الأولوية للحفاظ على استقلال كاف للسماح لها بالإبحار الآمن عبر المحيط الجيوسياسي غير المستقر في الشرق الأوسط، والنزاعات الأيديولوجية المشحونة.

المصدر | جورجيو كافييرو - إنسايد أرابيا

  كلمات مفتاحية

محور المقاومة حماس سوريا إيران حزب الله

وفد من حماس في زيارة "مهمة جدا" لطهران