استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اجتماع وارسو: جحا وأهل بيته!

الاثنين 18 فبراير 2019 01:02 ص

  • أوروبا لا تعرف مصلحتها كما يبدو، رغم تنبيه بومبيو لها!
  • المهم.. اجتماع وارسو غير مهم إلا بما أظهره مجدداً: تهافت السياسة الأمريكية.
  • لا تريد أوروبا كل مرتكزات السياسة الأمريكية كما يلخّصها بفجاجة عصر ترامب.
  • وزير خارجية أميركا مايك بومبيو ونائب رئيسها مايكل بنس يتنافسان على أفضلية كل منهما في تمثيل.. إسرائيل!
  • خطة "صفقة القرن" لم يقبل بها حتى الآن سوى السعودية ومعها الامارات (والاخيرة، بعكس ما تظن نفسها، غير مهمة).

الإنجاز الوحيد لاجتماع وارسو هو الصورة. الصورة التذكارية لنتنياهو يتوسط (حرفياً) الحضور وعلى جانبيه عرب بعضهم بالعباءة. والخبر الذي يعتلي سواه هو اللقاءات الحميمة بين الرجل وهؤلاء العرب وما يدّعيه من محادثات ثنائية مثمرة معهم.

الاجتماع الذي عُقد طوال ثلاثة ايام منتصف هذا الاسبوع في العاصمة البولندية (تفاصيل ضرورية لأنه مرّ إجمالاً بلا تغطية إخبارية ولا إكتراث) دعت اليه الادارة الأمريكية واستضافته الحكومة البولندية بطلب من إدارة ترامب.

وقاده نائب الرئيس الأمريكي مايكل بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو وحضر فيه صهر الرئيس ومستشاره للشرق الاوسط جاريد كوشنر! هكذا، كلهم معاً ودفعة واحدة، وكأن لا عمل لديهم في هذا الكون سوى هذا الاجتماع "الهام"، وقد مُنح عنواناً طويلاً هو "الاجتماع الوزاري لتعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط" وتفسيراً للعنوان يتلخص بكلمة واحدة: إيران!

بنس وبومبيو يتنافسان على أفضلية كل منهما في تمثيل.. إسرائيل. ويبدو بومبيو متفرغاً للمهمة بحكم وظيفته، فيتمكن من الطواف في العالم خدمة لها، وهو سبق موعد اجتماع وارسو في زيارة عدد من دول أوروبا الشرقية وسيبقى بعد الاجتماع لاستكمال هذه الزيارات.

الغاية هنا هي التأليب على روسيا ومحاولة تعزيز حضور الناتو في هذه الدول، بينما قد لا يمكن توفير حضور عسكري أمريكي مباشر ودائم فيها، كما تحلم به الحكومة البولندية التي تقول صراحة انها استضافت الاجتماع لهذه الغاية.

فوزير خارجيتها يشكو عدم ثبات هذا الحضور بقوله "يأتون ويذهبون" – فهو درع صاروخي أمريكي بالدرجة الاولى - بينما المطلوب انشاء قاعدة عسكرية دائمة، الأمر الذي يتطلب موافقة الكونغرس غير المضمونة.

والادارة الأمريكية من جهتها تجاهد لمنع تحقيق مشروع "نورث ستريم 2" الروسي الذي سينقل الغاز من روسيا الى أوروبا بالانابيب عبر بحر البلطيق... فهو يضايق كثيراً جهود واشنطن في حصار روسيا وفرض عقوبات عليها.

هكذا يحاول ترامب استعادة دور شرطي العالم، فيكافِئ هذا ويعاقب ذاك، إلا أن المحاولة هزلية، وإن حققت بعض النجاحات كدعم قوى معينة للاستيلاء على الحكم لدى جيران الولايات المتحدة في امريكا الوسطى والجنوبية.

أما في "الشرق الاوسط" كما يسمونه، فترامب عاد الى نغمة سحب قواته من سوريا ليتمكن من العودة الى زيادة عدد قواته في العراق بحجة محاربة الارهاب (حذار من عودة "التفجيرات الارهابية" الى هذا البلد المدمّى!) وفعلياً لكي تكون على مقربة من إيران.

وهو يسوِّق لمشروع "صفقة القرن" بخصوص فلسطين التي لم يقبل بها حتى الآن سوى السعودية ومعها الامارات (والاخيرة، بعكس ما تظن في نفسها، غير مهمة). ولكن ليس أي سعودية، بل "الأمير الأحمق" الذي أدى مجمل سلوكه (وليس فحسب آخر ما ارتكب أي قتل خاشقجي) إلى هز موقعه داخل البلد نفسه وصار أقل انتشاء.

جاريد كوشنر، الصهر المدلل، هو صاحب "صفقة القرن" التي عرضت بعض تفاصيلها بمؤتمر وارسو، بغياب التمثيل الفلسطيني بل بإدانة صريحة لهذا الاجتماع من قبل السلطة الفلسطينية.

لكن لا يهم! فنتنياهو قال فيه: "العالم العربي منفتح على تطبيع العلاقات الاقتصادية مع اسرائيل بشكل مستقل عن حل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي"، مستنداً ربما الى ما سمعه من بن سلمان وبن زايد وقابوس، في جهل فاضح لما هو "العالم العربي"..

لكن الرجل معذور، فهو يخوض انتخابات بعد شهرين ويريد العودة بكأس ما يتباهى بها. وستكون تلك "الصورة" هي المنجز الممكن، وهو يضخّمها وينفخ فيها قدر المستطاع، وبكثير من الكذب بالطبع.

أما دول الاتحاد الاوروبي الأساسية، وعلى رأسها فرنسا والمانيا، بل وحتى بريطانيا حليفة أمريكا الدائمة، فلا توافق على "صفقة القرن" ولا على تخريب الاتفاق النووي مع إيران - حتى بولندا المضيفة اعلنت التزامها به - ولا تريد انتشارا عسكريا أمريكيا في أوروبا يؤجج السعار مع روسيا.. أي لا تريد كل مرتكزات السياسة الأمريكية كما يلخّصها بفجاجة عصر ترامب.

أرسلوا موظفين الى اجتماع وارسو بل حضر وزير الخارجية البريطاني قائلاً ان ما يهمه هو النقاش الذي يخص اليمن و"الكارثة الانسانية التي سببتها حرب السعودية على اليمن"، ولن يحضر سوى الجلسة المخصصة للموضوع.

وغابت كذلك وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني. وأما تركيا العضو في حلف الناتو فقالت إن موظفاً من سفارتها في وارسو سيتابع الاجتماع، بينما يلتقي رئيسها أروغان بروحاني وبوتين في قمة تعقد في الوقت نفسه في "سوتشي" بروسيا لاستكمال تفاهمات ما يبدو أنه صار محوراً قوياً!

أوروبا لا تعرف مصلحتها كما يبدو، رغم تنبيه بومبيو لها! يقول الرجل من غير دبلوماسية: "هناك مصالح مشتركة بين السعوديين والإماراتيين والبحرينيين والأردنيين والإسرائيليين، والجميع يدرك أن بلاده في خطر من إيران، وقد سمع الأوروبيون الليلة أن بلادهم في خطر أيضاً".

لكنهم لا يتعظون. كما انتقد "التفكير التقليدي الذي يعزل إسرائيل"، باعتبار أن أحد أهداف اجتمع وارسو هو التقريب بين دول الشرق الاوسط.. ما أجاز للبعض الكلام عن "ناتو" آخر جديد قوامه أمريكا والسعودية والامارات وإسرائيل.. مبروك!

المهم.. اجتماع وارسو غير مهم إلا بما ظهّره مجدداً: تهافت السياسة الأمريكية.

  • د. نهلة الشهال - كاتبة وناشطة لبنانية رئيسة تحرير "السفير العربي"

  كلمات مفتاحية

اجتماع وارسو الاحتلال الإسرائيلي قضية فلسطين سياسات أمريكية محمد بن سلمان