التضييق الأمني حاضنة كبرى للإرهاب في مصر

الأربعاء 20 فبراير 2019 06:02 ص

التضييق الأمني حاضنة كبرى للإرهاب في مصر

جوهر نظام الاستبداد يتكرس يومياً ومظهره الأوضح تمرير التعديلات الدستورية التي تؤبد حكم السيسي مدى الحياة.

يتعمد النظام تحويل عمليات الإرهاب لفزاعة سياسية وأمنية لإسكات الشرائح الشعبية التي تكشف لعبة الإلهاء والفضائح الجنسية.

*     *     *

تفاخرت الهيئة العامة للاستعلامات، التي تقوم مقام وزارة الإعلام في مصر، بأن الإرهاب الذي تعاني منه البلاد آخذ في الاحتضار، وأن الحرب الشاملة التي تخوضها السلطات العسكرية والأمنية ضد مراكز الإرهاب في شمال سيناء أسفرت عن «تغيرات وتحولات كبيرة تقع كلها تحت عنوان عريض وهو تراجع الإرهاب ودخوله مراحله النهائية».

وقالت الهيئة، في تقرير نشرته مؤخراً، أن عام 2014 شهد قرابة 222 عملية إرهابية، هبطت إلى 199 عملية في عام 2016، وإلى 50 في 2017، ولم تتجاوز ثماني عمليات في العام 2018، وهذا يدل على تراجع كبير في عمليات التنظيمات والجماعات الإرهابية.

لكن العمليات التي وقعت خلال الأسابيع القليلة المنصرمة تبرهن على بطلان هذا الادعاء، وعلى فشل السلطة في اعتماد التضييق الأمني كخيار أوحد للرد على الإرهاب.

ناهيك عن تأكيدها مجدداً على أنّ هذه المقاربة العنفية بالذات هي حاضنة كبرى للإرهاب.

ومما يضيف الإهانة على آلام أسر مئات الشهداء من ضحايا الإرهاب في مصر أن سلطات النظام الأمنية والعسكرية تتفاخر بالتغيرات التي طرأت على الكمّ والكيف في العمليات، أو أن الإرهابيين صاروا يلجأون إلى العمليات الانتحارية بدل الاشتباكات المسلحة، أو يستخدمون عبوات ناسفة «بدائية» وليست متطورة أو معقدة.

وكأن عدم تكرار عمليات مسجد الروضة (التي أودت بحياة 305 أشخاص)، أو نقطة تفتيش مدينة رفح (26 جندياً)، أو حافلة الأقباط المتوجهة إلى المنيا (26 ضحية، بينهم أطفال)، أو تفجير الكنيستين في طنطا والإسكندرية (44 شخصاً)، ليست مؤشرات على عجز السلطة مقابل تأصل الإرهاب.

أو كأن جذور الإرهاب الاجتماعية والسياسية منفصلة تماماً عن سياسات النظام العامة بصدد حقوق الإنسان والحريات العامة وتشديد قبضة الاستبداد، وبالتالي يمكن اجتثاثها عن طريق عملية «سيناء 2018» التي انطوت على تخريب مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية، وتهديم أكثر من 3000 منزل ومنشأة تجارية، وإقامة منطقة عازلة حول مطار العريش، وإخلاء مدينة رفح.

ولم يعد خافياً أن تركيز النظام على هذه العملية دون سواها إنما يراد منه الإيحاء بأن نطاق الإرهاب ضيق ومحدود ويقع في هوامش البلاد وخارج عمقها، بينما تشير الوقائع إلى أنشطة أشد خطورة في محافظات المنيا وأسيوط والدلتا والوادي، فضلاً عن الجيزة غير بعيد عن قلب القاهرة.

كذلك فإنّ تنظيم «بيت المقدس ــ ولاية سيناء» ليس التنظيم الجهادي الوحيد الذي يقارع السلطة، بل ثمة تنظيمات أخرى مثل «حسم» و«لواء الثورة» تولت تنفيذ عمليات إرهابية لا تقلّ دموية وخطورة. وأخيراً فإن ما تطلق عليهم أجهزة السيسي صفة «الذئاب المنفردة» ليسوا على شاكلة الحسن عبد الله انتحاري العملية الأخيرة في الدرب الاحمر، بل هم أكثر شراسة وأعلى تدريباً.

وإذ يتقصد النظام إلهاء الشارع الشعبي بالفضائح الجنسية لشخصيات إعلامية كانت قد ترعرعت أصلاً في كنف انقلاب عبد الفتاح السيسي، فإنه أيضاً يتعمد تحويل العمليات الإرهابية إلى فزاعة سياسية وأمنية واجتماعية لإسكات تلك الشرائح الشعبية التي تفضح لعبة الإلهاء.

وتلتفت في المقابل إلى جوهر نظام الاستبداد الذي يتكرس يوماً بعد يوم، وبات مظهره الأوضح هو تمرير التعديلات الدستورية التي تتيح للسيسي أن يحكم مدى الحياة.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر إرهاب انتحار حقوق الإنسان عمليات إرهابية منطقة عازلة القمع الأمني حاضنة الإرهاب التضييق الأمني تنظيم «ولاية سيناء» تنظيم «حسم» «لواء الثورة»