الصين فرصة بن سلمان للظهور كرجل دولة وليس كبائع

الخميس 21 فبراير 2019 07:02 ص

حتى الآن، يمكن التنبؤ بذلك تماماً، الجولة الكبيرة لولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" في آسيا، مضت على النحو المتوقع للحاكم السعودي: ترحيب على السجادة الحمراء في إسلام آباد ونيودلهي، جولة على عربة تجرها الخيول برفقة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، و"عناق الدببة" من قبل رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي"، ووعد بمليارات الدولارات من الاستثمارات.

بالنسبة للأمير، حفاوة الاستقبال في شبه القارة الهندية قد يكون بمثابة استراحة من الرياح الباردة القادمة من واشنطن، ففي أحدث مظاهر الضغينة التي ولدها قتل الصحفي "جمال خاشقجي"، يحقق الكونغرس في الجهود السعودية للحصول على التكنولوجيا النووية.

لكن، كل هذا الاستعراض في كل من باكستان والهند، يشير قليلا إلى محور شرقي جديد من قبل الحاكم الفعلي للمملكة، المعروف باسم "إم بي إس"، وفي الحقيقة لا يوجد شيء جديد في هذا على الإطلاق.

فقد قام والد الأمير "محمد"، الملك "سلمان"، برحلة مماثلة في عام 2017، كما فعل عمه "عبدالله" في عام 2016.

وتتبنى السعودية سياسة تتجه شرقا منذ عدة سنوات، من منطلق الاعتراف بالوضع الذي تتمتع به اقتصادات آسيا أكبر مستهلكين للمنتج الرئيسي في المملكة (النفط).

لكن "محمد بن سلمان" يريد دور أكبر على المسرح العالمي، أن يكون رجل دولة في الشؤون الدولية، وليس مجرد بائع للهيدروكربونات، ففي فنائه الخلفي، قاد التحالفات العربية إلى حرب اليمن ومقاطعة قطر، والرحلة الآسيوية هي بمثابة اختبار لاعتماد قيادته خارج شبه الجزيرة العربية.

شبه القارة الهندية وفرت فرصة لاستعراض بعض المهارات الدبلوماسية، فهجوم انتحار في الهند من قبل مجموعة إرهابية باكستانية عشية وصول الأمير السعودي صعد من حدة التوتر والعداء بين البلدين.

وقام وزير الخارجية السعودية ببعض الضوضاء الودودة، محاولا تخفيف حدة التوتر.

وكان بإمكان "بن سلمان" تجاوز هذه الملاحظات، باستخدام ثقله في كلا البلدين، حيث يعتمد الاقتصاد الباكستاني بشكل كبير على السخاء السعودي، والهند حريصة على الاستثمار السعودي.

ربما، على سبيل المثال، تقديم عرض لـ"خان" و"مودي" لإجراء محادثات في الرياض، لكنه في المقابل قدم تعليقات مبهمة حول الإرهاب كونه مصدر قلق مشترك، ووعود غير محددة بمزيد من المشاركة مع المخابرات الهندية.. بوضوح الأمير غير مستعد للعب كصانع للسلام.

وتوفر بكين، المحطة الأخيرة في جولته، فرصة لإظهار قيادته للعالم الإسلامي الأوسع، فالصين تقمع بشكل وحشي مسلمي إثنية الايغور، بسحب ما ورد اعتقل ما يصل إلى مليون شخص في معسكرات إعادة التأهيل، وقوبل ذلك بصمت مخجل من معظم القادة المسلمين.

تركيا مؤخرا، كسرت الصمت من قبل الدول الإسلامية، ودعت إلى إغلاق المعسكرات، لكن لم يجرؤ زعيم كبير من قبل على إحراج بكين في عقر دارها، ولا حتى الرئيس الجريء "رجب طيب أردوغان".

ولدى "محمد بن سلمان" الشرعية والنفوذ للقيام بذلك، فالعائلة الملكية السعودية تعلن دائما أنها تأخذ على محمل الجد دورها كحارس لأقدس المواقع الإسلامية مكة والمدينة، وبالتالي رفاه المسلمين في كل مكان.

المملكة هي أيضا مورد رئيسي للنفط للصين، والرئيس "شي جين بينغ" يعتبر الرياض حجر الزاوية في طموحاته في السياسة الخارجية والتجارة في الشرق الأوسط.

بطريقة دبلوماسية، ولكن بتعبيرات حازمة عن التضامن مع الإيغور من "بن سلمان"، ربما تعكر صفو الصينيين، ولكنهم سيتجاوزونها.

في العالم الإسلامي، سيكتسب الأمير، إذا قام بالتضامن مع الإيغور، قدرا هائلا من النوايا الحسنة، وهي سلعة تفتقدها السعودية منذ شنه الحرب على اليمن، ومن شأن ذلك أن يمنحه هدنة أمام منتقديه في الغرب.

أما إذا كان كل ما يريده "محمد بن سلمان" من جولته الآسيوية هو الابتعاد عن الكلمات القاسية لبضعة أيام، فسيجد شبح الصحفي المقتول ينتظره في الرياض.

 إذا كان يريد أن ينظر إليه باعتباره رجل دولة بدلا من بائع، فإن الفرصة تنتظره في الصين.

المصدر | بوبي جوش - بلومبرغ

  كلمات مفتاحية

السعودية الصين محمد بن سلمان الجولة الأسيوية نفط رجل سياسة بائع الهند باكستان