هيرست: الأوربيون الحمقى يؤيدون أسوأ ديكتاتور مصري في العصر الحديث

الجمعة 22 فبراير 2019 07:02 ص

كان الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" مشغولاً على الساحة الدولية؛ في نهاية الأسبوع شارك في مؤتمر ميونخ الأمني​، حيث أخبر مضيفيه الألمان أنه لن يظهر في نفس القاعة التي سيظهر بها أمير قطر.

المكان التالي هو منتجع شرم الشيخ في البلاد، حيث يفتتح "السيسي" أعمال القمة العربية الأوروبية، الأحد المقبل، وسيحضر 20 قائدًا أوروبيًا.

وتمهيدا لاكتساب مزيد من الشرعية الدولية، أقدم "السيسي" على تنفيذ موجة من القتل، حيث أرسل عددا قياسيا من المعتقلين إلى المشنقة، فقد أعدم 9 شبان، الأربعاء الماضي، بعد محاكمة زائفة في اغتيال النائب العام "هشام بركات"، ما رفع العدد المنفذ بهم حكم الإعدام إلى 15 في غضون أسبوعين.

ووصفت جماعة "ريبريف" الحقوقية المناهضة لعقوبة الإعدام، عمليات الإعدام بأنها "أزمة حقوق إنسان كاملة".

ودعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية إلى وقف عمليات الإعدام استناداً إلى اعترافات انتُزعت تحت وطأة التعذيب، لكن تم تجاهل المناشدات، وحكم على 13 متهما آخر بالإعدام غيابيا في هذه القضية المحددة.

وفي أغسطس/آب 2016 ، ظهر شريط فيديو للمتهمين الذين تراجعوا عن اعترافاتهم في المحكمة ويرون كيف تم استخراجها منهم تحت التعذيب.

وقال "محمود الأحمدي" البالغ من العمر 23 عاما والذي كان أحد التسعة الذين أعدموا، للمحكمة: "يمكنك أن ترى هنا، تركت الأصفاد علامات لا تزال تظهر بعد 6 أشهر والأطباء الشرعيون كاذبون".

وأضاف: "هنا، في هذه المحكمة، هناك ضابط شرطة كان في السجن معنا وكان يعذبنا، إذا أردتني أن أشير إليه، فسأفعل ذلك".

وتابع: "أعطني صاعقا، وسأجعل أي شخص هنا في هذه المحكمة يعترف بجريمة لم يرتكبها، لقد تم صعقنا بكهرباء تكفي لإمداد مصر لمدة 20 عامًا".

وقال "أبوالقاسم يوسف" -متهم آخر أعدم هذا الأسبوع، وهو طالب بجامعة الأزهر- للمحكمة إنه كان معصوب العينين ومعلقا على الباب من قدميه لمدة 7 ساعات متتالية وصعق بالكهرباء "في مناطق حساسة من جسده".

توقيت عمليات الإعدام ليس من قبيل الصدفة، لقد جاء قبل أيام فقط من استقبال "السيسي" كبار الشخصيات الأوروبية، من بينهم رئيس المجلس الأوروبي "دونالد تاسك"، و رئيس المفوضية الأوروبية "جان كلود يونكر".

إن الإعدامات رسالة إلى مصر، فـ"السيسي" يقول للمصريين إنه يستطيع أن يفعل ما يريد لمن يريد، ويفلت على المسرح الدولي.

إنه عكس الرسالة التي كان الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" ينوي التعبير عنها عندما قال إنه لا يمكن فصل الأمن عن حقوق الإنسان.

عمليات الإعدام هذه ليست سوى البداية، ووفقا لموقع egyptfront.org، فقد تم إعدام 46 شخصًا في 2018، بينما يواجه 737 آخرين أحكامًا بالإعدام، ووصلت 51 حالة إلى المرحلة الأخيرة، وهو يعني أنه لن يكون هناك استئناف آخر في المحكمة.

وبحلول بداية هذا العام، كان 65 شخصاً، بمن فيهم أولئك الذين حُكم عليهم منذ عام 2013، في انتظار الإعدام، وقُتل 15 من هؤلاء، ما يعني أن 50 منهم لم يتم إعدامهم بعد.

إذا كان هناك فرق بين الشرعية التي يحصل عليها "السيسي" من الاتحاد الأوروبي، والدعم الذي يتلقاه من "دونالد ترامب" الذي وصفه بـ"الرجل العظيم"، فأنا أحب أن يشرح لي بعض أعضاء خدمة العمل الخارجي التابعة للاتحاد الأوروبي ما هو الفرق؟

كما أن ذهاب الأوروبيين إلى شرم الشيخ نهاية هذا الأسبوع، يعني أنهم يؤيدون، بوعي أو عن غير قصد، أسوأ ديكتاتور شهدته مصر في العصر الحديث.

ويلعب القادة الأوروبيون من خلال دعم "السيسي"، دوراً فعالاً في زعزعة استقرار مصر، إن كلا من "تاسك" و"جانكر" ورؤساء الدول العشرين الذين سيشهدون هذا الحدث أقل ما يوصفون به أنهم "حمقى السيسي".

الرئيس مدى الحياة

الحملة الحالية في مصر سياسية، ليس لها علاقة بالإرهاب أو الأمن، وهي مصممة لسحق أي معارضة للتعديل الدستوري الذي سيزيد بشكل كبير من ولاية "السيسي" وسلطاته كرئيس.

التعديل الدستوري سيمدد فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات وسيسمح للرئيس الحالي بترشيح نفسه لمنصبه في نهاية فترة ولايته الحالية، ويضع القوات المسلحة فوق الدستور على حساب حماية الدستور والديمقراطية، والحفاظ على أسس الدولة وطبيعتها المدنية، ومكاسب الناس، وحقوق الفرد وحرياته.

وستسمح للرئيس أيضا بتعيين المناصب الرئيسية في السلطة القضائية، وسوف تنشئ غرفة برلمانية ثانية، يتم تعيين ثلثهم من قبل الرئيس.

هذه التغييرات الدستورية مهمة جدا لـ"السيسي" لدرجة أنه وضع ابنه "محمود"، مسؤولا عن تنفيذها.

ووفقاً لـ"مدى مصر"، فإن "محمود السيسي"، مسؤول كبير في إدارة المخابرات العامة، ويعقد اجتماعات يومية تقريبًا لتنسيق خطط تمديد ولاية والده.

الآن قارن هذه الصلاحيات مع تلك التي اتخذها الرئيس الأسبق "محمد مرسي" في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 عندما وضع قراراته بشكل مؤقت خارج نطاق الرقابة القانونية إلى حين إنشاء برلمان جديد.

لقد كان خطأ فادحًا، اتخذ في ذروة شعبيته، وبداية انهيار حكمه، لكن تبين لاحقًا أن "مرسي" كان يحاول توجيه ضربة وقائية ضد قرار المحكمة الدستورية بتعليق استفتاء دستوري مقترح، وهو المقرر أن يحدث بعد 3 أسابيع، لكن تعديلات "السيسي" الدستورية قد تم وضعها للبقاء على مدى عقود.

متعلمون ببطء

"السيسي" ديكتاتور لمن يتعلمون ببطء.. لقد رحب الليبراليون الذين شاركوا في ميدان التحرير بالإطاحة بـ"مرسي"؛ أحدهم "ممدوح حمزة"، قال ما يلي حول إعلان "مرسي" الدستوري: "إذا لم تقم بالاحتجاج على الإعلان، فسيتم حكمنا لمدة 30 عامًا بأحذيتهم، وأي شخص يتكلم ضدهم (الإخوان المسلمون) سيكون معاديا للثورة، فهو لا يريد أي صوت آخر، فهو يضع نفسه بنفس مستوى الله".

ووصف "حمزة" مظاهرات 30 يونيو/حزيران ضد "مرسي" بأنها "الثورة الحقيقية" وهو صاحب لافتة طولها 400 متر تطالب "مرسي" بالاستقالة، وقال: "مرسي وحكومته وهم، لا أعرف أيًا منهم. هم السموم. سنخرجهم من أجسادنا في 30 يونيو/حزيران".

وشجع "حمزة" على فض ساحتي "رابعة" و"النهضة" التي أصبحت أسوأ مذابح للمدنيين منذ ساحة تيانانمن.

"خالد يوسف"، صانع أفلام وعضو في البرلمان، الذي تم منحه استخدامًا حصريًا لطائرة هليكوبتر عسكرية لتصوير مشهد الاحتجاجات ضد حكم "مرسي" في يونيو/حزيران 2013.

أدى "يوسف" نفس الخدمة للثورة المضادة كما فعل "لين ريفنستال" في الألعاب الأولمبية لهتلر في عام 1936، كانت الدعاية الصرفة، تضمنت اللقطات التي صورها مظاهرة مؤيدة لـ"مرسي"​​، والتي تم دمجها مع احتجاجات ضد "مرسي"، ونجحت الصور في إقناع "توني بلير" الذي اعتبر أن 30 مليون شخص خرجوا ضد "مرسي"، وهو رقم ضخم للغاية.

في ذلك الوقت، كان "يوسف" يقول: "يجب علينا أن نثور، ولا نترك الميادين حتى يسقط مرسي ونظامه، أطلب إما سحب الإعلان الدستوري، أو الإطاحة بالنظام، لن نشارك في أي حوار أو مناقشة"، وقال: "الناس ليسوا مستعدين لأن يستعبدوا".

أين هما "حمزة" و"يوسف" اليوم؟

اعتُقل "حمزة" لفترة وجيزة في وقت سابق من هذا الأسبوع بتهمة نشر أخبار مزيفة، بينما "يوسف" في المنفى.

"يوسف" لا يندم على دعم الانقلاب على "مرسي"، وكتب في "فيسبوك": "الشعب المصري لم يثر مرتين ليؤمم كل القوى ويضعها في يد رجل واحد - مهما كان عظيماً - أو لمنحه الحق في الحكم حتى عام 2034 أي لمدة عشرين سنة".

و"يوسف" مهدد بفقد حصانته البرلمانية من الملاحقة القضائية وهو متورط في حملات تشهير بسبب تسريب فيديوهات جنسية مع اثنتين من الممثلات، "يوسف" رسميا "في عطلة" في فرنسا، وسينضم إلى قائمة طويلة من المنفيين المصريين.

"سامي عنان"، الجنرال السابق الذي تجرأ على الوقوف ضد "السيسي" في الانتخابات الأخيرة ، حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات.

في مؤتمر ميونخ الأمني​​، صور "السيسي" نفسه على أنه الرجل الذي يقود التغيير في المنطقة، وفي الإسلام، ويجلب التسامح لبلاده.

ورافقته تصريحات من صندوق النقد الدولي تشيد بمصر لمعدل نموها البالغ 5.2%، ومع تجاوز التضخم الآن أكثر من 15%، لا يلاحظ أي شخص معدل النمو هذا، تقلص الاقتصاد لشهر رابع في ديسمبر/كانون الأول.

في الواقع ، حوالي 30% من السكان معترف بهم رسميًا كفقراء ، حتى بعد تخفيض عتبة الفقر إلى ما بين 700 و 800 جنيه مصري شهريًا، وإذا اتبعت مصر التعريف الدولي للفقر المدقع، حوالي 1050 جنيها في الشهر، فإن معدلها سيكون أعلى.

وفي شرم الشيخ، ستستمر التمثيلية، إذا كنت تريد أن تعرف لماذا يتعامل القادة الغربيون باستمرار مع الشرق الأوسط على نحو خاطئ؟ لماذا اختاروا الحلفاء الذين يزعزعون استقرار الدول القوية مثل مصر؟ ولماذا الغرب غير قادر على دعم الديمقراطية في العالم العربي؟

يجب عليك فقط أن تسجل البيانات التي سيدلي بها رؤساء الدول الأوروبية في شرم الشيخ؛ وستكون من بينهم "تريزا ماي"، رئيسة وزراء بريطانيا.

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي إعدامات أوروبا حمقى قمع مرسي

القمة العربية الأوروبية.. الملك سلمان يهاجم إيران والسيسي يحذر