"عرائس داعش" وامتحان القوانين في ديمقراطيات الغرب

الثلاثاء 26 فبراير 2019 08:02 ص

  • ماذا ستفعل سلطات البلاد المعنية في المواطنين الذين لا يحملون سوى الجنسية الأم الوحيدة؟
  • كيف ستعامل الأحكام المرعية زوجة جرمها الزواج من إرهابي؟ وأطفال بلا ذنب ولدوا لهذه العائلة؟
  • الخيار الوحيد الملائم قانوني وليس أمنيا فيحاسب كلّ جهادي على ما اقترف طبقاً لأحكام قوانين بلاده.

يواجه عدد من الحكومات الغربية، وخاصة في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وأستراليا، معضلات سياسية وأمنية وقانونية إزاء مئات، وربما آلاف، من مواطنيها الذين سبق أن تطوعوا في صفوف تنظيم "دولة الخلافة الإسلامية" في العراق وسوريا.

وهم اليوم يعودون بعد الهزائم العسكرية المتكررة التي تنذر باندحار التنظيم نهائياً. ذلك لأن القوانين المعمول بها في هذه الدول لا تتوفر على نصوص كافية أو ملائمة لمعالجة حالات العائدين في معظمها، أو أنها قاصرة عن تأمين الهياكل الإدارية المأمونة التي تكفل استقبالهم وإبقاءهم تحت رقابة صارمة ريثما يبت القضاء في أوضاعهم.

وهذا يفسر لجوء بعض الحكومات الغربية إلى خيار الإلحاح على محاكمة الجهاديين داخل البلدان التي تطوعوا للقتال فيها.

تقارير "المركز الدولي لدراسة التشدد" تقدّر عدد المقاتلين الأجانب في صفوف "الدولة الإسلامية" بحوالي 20 ألفا، بينهم خمسة آلاف من أصول غربية، وفي عداد هؤلاء ثمة ما لا يقلّ عن 550 امرأة وما يرتبط بهنّ من أطفال.

وهذا يشكل الوجهة الأولى للتعقيد القانوني الذي يكتنف التعامل مع زوجات الجهاديين بصفة خاصة!

إذ ما الذي سوف تقوله الأحكام المرعية بخصوص تجريم زوجة لم ترتكب أي جرم باستثناء الزواج من جهادي إرهابي؟ وماذا ستقول الأحكام أيضاً عن أطفال لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في عائلة مثل هذه؟

من جانب آخر، ليس كافياً بالتأكيد أن تلقي الحكومات الغربية بعبء محاكمة الجهاديين على عاتق الحكومات في العراق وسوريا.

فالدولة الأولى تتلمس بالكاد طريقها نحو قضاء كفء وغير فاسد، وأما الدولة الثانية فهي واقعة تحت خمسة احتلالات وعشرات الميليشيات والفصائل الجهادية ونظام تابع مهلهل ومن العبث الحديث فيها عن قضاء وقضاة.

ومن جانب ثالث، لن يكون كافياً أن يجري سحب الجنسيات من رعايا تطوعوا للقتال في "تنظيم الدولة"، فكيف بسحبها من نساء وأطفال، وماذا سيكون رأي محاكم النقض والمحاكم العليا والدستورية في الطعون التي سوف تُقدم حتماً ضدّ هذه القرارات؟

ثمّ إذا كانت سلطات هذا البلد أو ذاك قد اجازت لنفسها إسقاط الجنسيات عن مزدوجي الجنسية، فماذا ستفعل في المواطنين الذين لا يحملون سوى الجنسية الأم الوحيدة؟

المنطق يقول إن الخيار الوحيد الملائم لمعالجة هذه المعضلات يتوجب أن يكون قانونياً وحقوقياً وليس سياسياً أو أمنياً، فيحاسب كلّ جهادي على ما اقترفت يداه من جرائم طبقاً لأحكام قوانين العقوبات المعمول بها في الدول الغربية.

وهي في نهاية المطاف أنظمة ديمقراطية لها صفة دولة القانون والمؤسسات حيث الاستئناف ضد الأحكام والطعن فيها حقّ مشروع يكفله الدستور.

في ضوء هذا كله فإن معضلة ما بات يُعرف باسم "عرائس داعش" هي في طليعة الامتحانات العصية التي سوف تجابهها هذه الديمقراطيات، خاصة وأن مضامينها لا تقتصر على السياسة والأمن فقط بل تشمل الأبعاد الإنسانية وانتهاك حقوق الطفل والعائلة وأخذ زوجة بجريرة ما ارتكب زوجها.

وسوى ذلك فإن الديمقراطيات الغربية سوف تعيد ارتكاب المظالم القديمة ذاتها، مضاعفة هذه المرة، فلا تؤدي إلى ما هو أقل من تغذية التشدد وإعادة إنتاج الأسباب التي دفعت الشبان والصبايا إلى الهجرة والتطوع والانخراط في تنظيمات جهادية متطرفة وإرهابية.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الجهاديون الدولة الإسلامية العراق وسوريا الولايات المتحدة