نيويورك تايمز: هل نحن بصدد ثورة جديدة في مصر؟

الأربعاء 27 فبراير 2019 12:02 م

مرت 8 أعوام منذ أن خرجنا إلى الشوارع في الاحتجاجات التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس الأطول حكما للبلاد، وهو "حسني مبارك"، بعد حكمه الذي استمر 30 عاما.

ومنذ ذلك الحين، انتقلنا من كوننا ناخبين لأول مرة، إلى ناخبين متوجهين باستمرار إلى صناديق الاقتراع، حيث توجهنا 9 مرات للإدلاء بأصواتنا في انتخابات البرلمان، أو الرئاسة، أو الاستفتاءات على الدستور.

وقد أعيد انتخاب رئيسنا الحالي، "عبدالفتاح السيسي"، في أبريل/نيسان، ليخدم فترة ولاية أخرى مدتها 4 أعوام، وهي الثانية له، والأخيرة بموجب دستور عام 2014، أو هكذا كنا نظن.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قدم البرلمان المصري بسرعة ووافق على مجموعة من التعديلات الدستورية.

وسيتم من خلالها توسيع صلاحيات الرئيس، مع مزيد من الرقابة على الركائز الأساسية للدولة، بما في ذلك سلطة تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وسيبقى الحد الزمني لفترتين، ولكن كل مدة ستستمر 6 أعوام.

وبموجب إعفاء خاص، سوف يتم السماح لـ"السيسي" بالترشح مرة أخرى بموجب الأحكام الجديدة، ويمكنه الحكم حتى عام 2034.

وقد وصفت صفحة على الفيسبوك باسم "الموقف المصري"، بشكل أكثر حزما الوضع في الداخل المصري، مع مقاطع فيديو لمواطنين عاديين ووجوه سياسية معروفة مثل الأكاديمية السياسية "رباب المهدي"، وقد حذروا جميعا من أن العبث بالدستور قد يعني صنع فرعون آخر.

ولقد انتشرت مقاطع لأعضاء البرلمان وهم يقفون موافقين بشكل شبه كامل على إجراء التعديلات، وفي 14 فبراير/شباط، صوت 16 نائبا فقط ضد التعديلات المقترحة، مقابل 485 صوتا لصالح التعديلات.

وقال أحد المعارضين، وهو "أحمد الطنطاوي"، إن التغييرات "انحدار إلى نظام أسوأ" من النظام الذي ناله التغيير في ثورة 2011، فحتى في عهد "مبارك"، لم يكن الجيش متجذرا بعمق في الشؤون اليومية للحكومة، كما لم يتم قمع المعارضة بهذه الشدة.

ولا تزال التعديلات بحاجة إلى المراجعة والنقاش والموافقة من قبل لجنة خاصة، ثم إعادتها إلى البرلمان ووضعها في استفتاء عام، ويمكن الانتهاء من العملية بأكملها بحلول منتصف أبريل/نيسان.

والسؤال ليس فقط ما الذي سيحدث في الاستفتاء؟ ولكن أيضا، وربما الأهم، ما قد يحدث حتى ذلك الحين؟

وقد تجاهل العديد من المعلقين الاستفتاء باعتباره نتيجة مفروغ منها، وهو حدث منسق يتم فيه التصويت "بنعم" دائما.

ويبقى السؤال الذي يدور اليوم بين المتعلمين والمثقفين، مثل الأطباء والأساتذة والنواب السابقين، الذين تحدثت إليهم في القاهرة، هو ما إذا كان المصريون يدركون الآثار المترتبة على التعديلات التي سيُطلب منهم التصويت عليها؟ أم هم مثل البريطانيين أثناء استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي؟

ولا يقوم الناس بقياس التداعيات بشكل كامل، وفي الواقع، لا يعد هذا السؤال ذي صلة، فما يدركه المصريون هو أن "السيسي" قد يحكم لمدة 15 عاما أخرى، وما يعرفونه هو أنهم بالكاد يستطيعون إعالة أنفسهم.

وعندما تتحدث إلى الناس في شوارع القاهرة، أو في ضواحي المدينة، أو في العشوائيات الفقيرة غير الرسمية، وعندما تسافر إلى الإسكندرية في الشمال أو المنيا في الجنوب، يصبح من الواضح أن الوقائع الصعبة للحياة اليومية هي التي تملي تفكير الجمهور حول تعديل الدستور.

ويعلم الناس أنه منذ انتخاب الرئيس، ارتفعت الأسعار وانخفض الجنيه المصري، وبلغت تكلفة تذكرة مترو الأنفاق، والتي كانت تكلف جنيها واحدا في عام 2014، 7 جنيهات الآن، وقد بلغ سعر أسطوانة غاز الطهي، التي كانت تكلف 8 جنيهات، 50 جنيها الآن.

وهم يعلمون أن إجراءات التقشف التي نفذتها الحكومة، في مقابل الحصول على قرض كبير من صندوق النقد الدولي، قد أضرت بهم، ويعرفون أنهم يريدون التغيير.

وقد انتقد معارضو الحكومة، أو التعديلات الدستورية، هذه التغييرات المقترحة، لكن حتى الآن لا يوجد جدل قانوني رسمي، ولا حملة "لا" قوية بشكل واضح.

ومع ذلك، يتيح الوضع الحالي فرصة جديدة، خاصة للمعارضة، لإعادة توجيه المسار السياسي للبلاد.

وجاءت نقطة التحول في ثورة 2011 في الأول من فبراير/شباط في ذلك العام، بعد أيام قليلة من فرار شرطة مكافحة الشغب من مواقعها، ثم دعوة المتظاهرين إلى تنظيم مسيرة بمليون شخص.

وحينها سمعت الأصدقاء وأفراد العائلة الذين كانوا يخشون من المشاركة إلى تلك اللحظة يعلنون أنهم أيضا ذاهبون إلى الشوارع، لقد أرادوا أن يكونوا جزءا من ذلك المليون.

تلك اللحظة هي التي أدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بـ"مبارك"، وبالمثل، قد يكون الاستفتاء القادم لحظة للحشد حول الاستياء الواسع.

إنها فرصة لليسار والليبراليين، وذوي النفوذ السياسي أو الاقتصادي، لتكوين حملة من أجل التصويت بـ"لا"، بالاعتماد على روح تنظيم المجتمع المحلي، لحماية الناس من البلطجة أو الترهيب في مراكز الاقتراع، وهي فرصة للمطالبة بعودة بعض الحقوق السياسية التي فقدناها.

وهي أيضا فرصة لـ"السيسي". فقد سأل النائب "طلعت خليل" مؤخرا، حين اعترض على التعديلات: "هل قام أي شخص بالتشاور مع ناخبيه، أو حتى مع الرئيس نفسه؟ هل نعلم أنه يريد البقاء حقا؟"، وقد كان النائب يرى أن التعديلات قد تمت صياغتها، بمبادرة ذاتية، عبر دائرة مختارة متحالفة مع الرئيس.

ومع ذلك، يمكن لـ"السيسي" رفض تلك التعديلات الآن، أو حتى بمجرد الانتهاء من صياغتها، على أساس أنها تنتهك عقده مع شعب مصر.

وفي عام 2017، وفي مقابلة تم إجراؤها مع شبكة "سي إن بي سي"، تعهد "السيسي" بالالتزام بالمبادئ المنصوص عليها في الدستور، لا سيما حدود المدة.

وسواء احترم "السيسي" تلك المبادئ أو لا، فمن الممكن أن يرفض الناس أنفسهم هذه التعديلات في الأشهر القادمة، لكن يمكن للأمر أن ينتهي بشكل أسرع إذا رفض "السيسي" نفسه التعديلات، وهذا سيكون أكثر أهمية بالنسبة للبلد بأسرها.

  كلمات مفتاحية

التعديلات الدستورية البرلمان المصري عبد الفتاح السيسي