مدير المخابرات السودانية يستعد لخلافة البشير بدعم خليجي إسرائيلي

الجمعة 1 مارس 2019 07:03 ص

كشف موقع "ميدل إيست آي" أن لقاء سريا عقد بين مدير جهاز المخابرات السودانية "صلاح قوش" ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، الشهر الماضي.

وأضاف الموقع، نقلا عن مصدر عسكري سوداني كبير، إن اللقاء تم في إطار سعي دول خليجية متحالفة مع (إسرائيل) إلى تنصيب "قوش" رئيسا بدلا من "عمر البشير"، والذي يواجه خطر الإطاحة به من السلطة، بشكل كبير، خلال الفترة المقبلة.

وأوضح التقرير، الذي أعده كل من "ديفيد هيرست" و "سايمون هوبر" و "مصطفى أبو سنينة"، أن اللقاء تم بتنظيم من وسطاء مصريين، وبدعم سعودي إماراتي.

وقال المصدر إن السعوديين والإماراتيين يرون أن "قوش" هو رجلهم في الصراع الدائر حاليا خلف الكواليس على السلطة في السودان، بعد أشهر من الاحتجاجات التي عمت البلاد، رفضا للأوضاع الاقتصادية وحكم "البشير"، وهي الاحتجاحات التي يراها كثيرون على أنها بداية النهاية لحكم الرئيس السوداني، الذي استمر لثلاثة عقود.

رجل الخليجيين والمصريين

وأضاف: "هناك إجماع على رحيل البشير من الحزب الحاكم والجيش، والمعركة هي عمن سيخلفه"، مشيرا إلى أن "قوش" لديه صلات قوية مع السعوديين والإماراتيين والمصريين الذين يريدون رحيل "البشير" ووضع رجلهم مكانه.

ونقل "ميدل إيست آي" عن مدير مركز الإعلام المشترك القريب من الحكومة السودانية، قوله إن "قوش" التقى أيضا برؤساء أجهزة استخبارات أوروبية.

ووفقا للمصدر العسكري، فإن "البشير" لم يكن على علم مسبق بالاجتماع بين "قوش" و "كوهين"، وأن (إسرائيل) دخلت على الخط لتأمين الدعم الأمريكي لخطة تصعيد "قوش".

موثوق في واشنطن

وأوضح التقرير أن "قوش" هو شخص موثوق ومعروف في واشنطن أيضا، حيث اكتسب سمعة طيبة خلال العقد الأول من القرن الماضي كشخص يمكن أن تعمل معه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في ملف الحرب على الإرهاب، وتحديدا ضد تنظيم القاعدة، بل إنه زار واشنطن عام 2005، في وقت وضعت فيه الخارجية الأمريكية السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب.

ولفت "ميدل إيست آي" إلى تقرير نشره موقع "أفريكا إنتيليجنس"، الشهر الماضي، يقول إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حددت أن "قوش" هو خليفة مفضل لـ"البشير" إذا أصبح موقف الرئيس السوداني شديد الضعف.

ونقل عن تقرير لسفارة خليجية في واشنطن قولها إن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لم تكن تعمل على تغيير النظام الحالي في السودان، لأن حكومة الخرطوم كانت تقدم معلومات قيمة عن حركة الشباب في الصومال وليبيا والإخوان المسلمين، لكنه قال إن "سي آي إيه" ستعمل على ضمان أن يأتي "قوش" بدلا من "البشير" إذا لم يتم احتواء الاحتجاجات ضد الأخير.

ويلفت الموقع إلى أن "البشير" حاول في الأيام الماضية تأكيد قوته، من خلال ترفيع قادة في الجيش، وإعلان حالة الطوارئ، وإدخال سلطات طوارئ جديدة كاسحة بموجب مرسوم رئاسي، في محاولة لوقف الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد.

وجاءت تلك القرارات بعد أن أبلغ "قوش" المراسلين في الخرطوم، أن "البشير" سيتنحى عن منصبه كزعيم لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم، وأنه لن يخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2020.

وعيّن "البشير" وزير دفاعه، اللواء "عوض بن عوف"، كنائب أول للرئيس، وعين 16 ضابطا في الجيش واثنين من ضباط جهاز الأمن الوطني حكاما للمحافظات الـ 18 في البلاد.

وليلة الخميس، سلم "البشير" قيادة حزب "المؤتمر الوطني" إلى "أحمد هارون"، وقال الحزب إن "هارون" سيخدم كرئيس بالنيابة حتى يتم انتخاب رئيس جديد في المؤتمر القادم للحزب.

ونقل الموقع عن محللين في الخرطوم قولهم إن "البشير"، هذا الأسبوع، يبدو أنه يتحرك نحو "العسكرة الكاملة" للدولة والقضاء على كل المعارضة داخل الحزب الحاكم.

الجيش السوداني قلق

لكن مصدر آخر قال لـ"ميدل إيست آي" إن الجيش السوداني لا يزال يتعامل بحذر مع "قوش"، وإمكانية أن يكون بيدقا للنفوذ السعودي والإماراتي في البلاد بشكل غير مسبوق، وأنه (الجيش) لاحظ الطريقة التي غطى بها الإعلام المدعوم من السعودية للتظاهرات الشعبية والتي ظهرت كمتعاطفة مع تلك الاحتجاجات، وهو نفسه الإعلام  الذي يعارض التغيير الشعبي عادة.

وقال: "كان الإعلام مهتما جدا بهذه التظاهرات، ولم يكن هذا ليحدث دون ضوء أخضر".

وأشار التقرير إلى أن "قوش" ترأس جهاز المخابرات ين عامي 2004- 2009، عندما عينه "البشير" مستشارا للأمن القومي، وتم عزله في عام 2011، ثم اعتقل بعد عامين بسبب الشكوك حول تورطه في انقلاب عام 2013، لكنه عين مديرا للمخابرات من جديد العام الماضي، وكانت عودته بمثابة تحرك قوي من "البشير" ضد المعارضة، وكذلك لبناء جسور الثقة مرة أخرى مع الولايات المتحدة لرفع العقوبات في أواخر 2017.

وأضاف المصدر أن عودة "قوش" كانت أيضا عربونا لتنفيذ وعود سعودية بدعم مالي للاقتصاد السوداني المتعثر.

لكن "البشير" سعى أيضا للعب على حبل الخلاف بين السعوديين والإماراتيين، من جهة، ومنافسيهم الإقليميين، قطر وتركيا، اللتين تتمتعان أيضا بمصالح إستراتيجية في الخرطوم.

وينقل الموقع عن محلل في "أفريكان كونفدنشيال"، قوله: "تنظر الرياض وأبو ظبي وكذلك الدوحة إلى البشير على أنه صديق متقلب؛ بسبب محاولته اللعب على الطرفين".

وأضاف: "لقد تعهد بالولاء في الماضي مقابل إعانات، ثم ذهب بطريقته الخاصة".

وكشف "ميدل إيست آي" أن الدبلوماسيين الأمريكيين والبريطانيين يعملون أيضا على إقناع "البشير" بالتنحي مقابل وعد بالحصانة من المقاضاة في المحكمة الجنائية الدولية حيث تم اتهامه بارتكاب جرائم حرب في عام 2009 بسبب الفظائع المزعومة التي ارتكبتها القوات الحكومية والميليشيات المؤيدة للحكومة في دارفور.

وقيل إن "البشير" ناقش الحصانة المحتملة مع الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" على هامش قمة الاتحاد الإفريقي التي عقدت الشهر الماضي في إثيوبيا.

وقد اقترح قيادات من المعارضة السياسية السودانية، وعلى رأسها "الصادق المهدي"، منذ فترة طويلة، تجميد اتهام المحكمة الجنائية الدولية مقابل تنحي "البشير" كطريقة ممكنة للمضي قدما.

ومع ذلك، فإن جماعات المتمردين في دارفور، والتي سلم بعض زعمائها أنفسهم إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد اتهامهم بارتكاب جرائم حرب، قالوا إنهم سيرفضون أي خطوة من هذا القبيل، وأنهم سيتخلون عن محادثات السلام كنتيجة لذلك.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان لإسرائيل دول الخليج عمر البشير صلاح قوش المخابرات السودانية الموساد احتجاجات السودان