استقالة ظريف.. نافذة على الصراع حول السلطة في إيران

السبت 2 مارس 2019 12:03 م

اعتذر وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" الذي خدم منذ فترة طويلة، وكان مهندس صفقة إيران النووية مع أمريكا والغرب، عن تقصيره وأعلن استقالته من منصبه في منشور على إنستغرام في 25 فبراير/ِ شباط.

وفي غضون ساعات، اندلع الجدال بين معسكرين متنافسين في إيران؛ أحدهما لا يزال يحاول الارتباط مع الغرب، والآخر متعطش للمواجهة، وفي حين ضغطت حكومة الرئيس "حسن روحاني" المنتخبة على "ظريف" للبقاء، احتفلت السلطات غير المنتخبة المدعومة من الحرس الثوري الإسلامي - رأس الحربة للمتشددين – بمغادرته، فيما يمثل صراعاً على السلطة يندر انكشافه داخل إيران.

انكشاف نادر للصراع

ورفض "روحاني" الاستقالة باعتبارها "ضد المصالح الوطنية الإيرانية"، وطالب معظم أعضاء البرلمان "ظريف" بالبقاء، وهدد العديد من السفراء باتباع "ظريف" في الاستقالة، وعلى النقيض من ذلك، هرعت وكالات مرتبطة بالحرس الثوري لتؤكد رحيله، كما تنبأ حلفاء الحرس الثوري بأن "بيجان زانكنه"، وزير النفط الذي سعى إلى التوافق مع الغرب، سيتبعه، حتى إن المتشددين دعوا إلى الإطاحة بالرئيس "روحاني" نفسه.

حاول المرشد الأعلى في إيران "آية الله علي خامنئي" الذي له القول الفصل، الإبقاء على صمته، لكن احتجاج "ظريف" العام يعد شاهدا على إحباطه من قوة المتشدّدين، فقد عرقلوا جهوده لإبقاء إيران خارج القائمة الدولية للدول الراعية للإرهاب عبر التصديق على شروط ما يسمى بـ "مجموعة العمل المالي"، وهي مجموعة مقرها باريس تسعى إلى الحد من غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وعندما قام الرئيس السوري "بشار الأسد"، بأول زيارة لم تكن معلنة لطهران، منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، تم استبعاد "ظريف" من الإجراءات، وقادها رئيس الفيلق الأجنبي من الحرس الثوري، "قاسم سليماني"، بدلاً من ذلك.

في عهد "أوباما"، كان فريق "روحاني" و"ظريف" متوائماً في العمل مع الأمريكيين، وتمكنت الاتفاقية الرامية إلى كبح جماح طموحات إيران النووية الموقعة في عام 2015، من رفع معظم العقوبات المفروضة على إيران، لكن انتصار الرئيس "دونالد ترامب" في عام 2016 وقراره بسحب أمريكا من الصفقة في العام الماضي أخلّ بالتعامل البراغماتي المتبادل، وتم إعادة فرض العقوبات على البنوك والصادرات النفطية.

ونتيجة لذلك، ارتفعت معدلات البطالة والتضخم، وانخفضت قيمة العملة الإيرانية، ومعها هوت شعبية "روحاني".

إرضاء الحرس الثوري

لطالما جعل الحرس الثوري حياة "روحاني" أكثر صعوبة، وقد أبعدت وحدات الاستخبارات التابعة له بعض وزرائه، حتى إنها اتهمتهم بإقامة العلاقات مع الموساد، ويقول "كافي مدني"، وهو مسؤول إيراني كبير فر إلى أمريكا العام الماضي: "إنهم يحاولون منع كل شيء، والسيطرة على كل شيء".

وانغمست الأجهوة التابعة للحرس في اعتقال مواطنين مزدوجين لأسباب واهية، ووضعوا أحد المفاوضين من زملاء "ظريف" في السجن بتهم التجسس رغم اعتراضات رجال الأمن التابعين بـ "روحاني"، وفي هذا الشهر تم تقديم شقيق "روحاني" للمحاكمة بتهمة الفساد، ويقول أحد مساعدي "روحاني": "إذا استطاعوا فإنهم سيشنون انقلاباً"، الانتخابات الرئاسية مقررة في عام 2021، لكن الحديث عن اقتراع مبكر في تزايد مستمر.

ويسعد الحرس الثوري برؤية انهيار الاتفاق النووي الذي ما زالت دائرة "روحاني" تتمسك به، وهم لا يشعرون بالقلق من احتمال تصاعد المواجهة مع السعودية والإمارات حول اليمن أو حول الجزر المتنازع عليها في مضيق هرمز، كما أنهم لا يمانعون في العقوبات الاقتصادية الأمريكية، لأنها تساعدهم في حماية مصالحهم التجارية الضخمة من المنافسة الدولية.

كما يبدو أنهم يحتفلون بالعزلة الدبلوماسية عن الغرب التي قضى "ظريف" السنوات الخمس الماضية في محاولة إنهائها، وفي الوقت الحالي يبدو أن "روحاني" قد أقنع "ظريف" بالبقاء، لكن قد يضطر الرجلان إلى تكييف سياسة إيران الخارجية بشكل أكبر بما يرضي الحرس الثوري.

المصدر | الإيكونوميست

  كلمات مفتاحية

جواد ظريف حسن روحاني إيران الحرس الثوري