رئاسيات الجزائر.. تعهدات ثورية متأخرة لبوتفليقة

الثلاثاء 5 مارس 2019 06:03 ص

أعلن الرئيس الجزائري "عبدالعزيز بوتفليقة"، الأحد، تعهدات انتخابية وصفها مراقبون بـ"الثورية"، ردا على حراك شعبي متصاعد ضد ترشحه لولاية خامسة يقول خبراء إنها "جاءت في الوقت بدل الضائع".

وعاشت الجزائر، الأحد، أطول أيام تاريخها الحديث، يتنازعها ترقب بوجهين، الأول هو انتظار خبر عدم ترشح "بوتفليقة" (82 عاما) لولاية خامسة ونهاية رئاسته المستمرة منذ عام 1999، والثاني هو دخوله السباق، رغم احتجاجات شعبية متصاعدة ترفض استمرار "الرئيس"، الذي يعاني من متاعب صحية منذ سنوات.

مساء الأحد ظهر مدير حملة "بوتفليقة"، "عبدالغني زعلان"، في المجلس (المحكمة) الدستوري، وهو يقدم ملف ترشح الرئيس المنتهية ولايته، في خطوة مثيرة للجدل قانونيا، كون المرشح مُطالب بتسليم الملف بنفسه، ولينتهي الترقب بحسرة لدى المطالبين بانسحابه، وفرحة لدى مسانديه.

لكن "بوتفليقة"، المتواجد منذ أسبوع في مستشفى سويسري للعلاج، قدم رسالة ترشح خاطب فيها المتظاهرين، بقوله إنه يتفهم مطالبهم، من دون أن يقبلها، مع تقديمه ست تعهدات وصفت بـ"الثورية"، يطبقها خلال العام الجاري، في حال فوزه، الذي يبدو شبه مؤكد.

أجوبة شافية

تعهدات "بوتفليقة" الستة تتلخص في إقامة مؤتمر للحوار، خلال السنة الجارية، يؤدي إلى تعديل جذري للدستور، وتنصيب لجنة مستقلة للانتخابات، وإجراء انتخابات رئاسة مبكرة لن يترشح فيها.

واعتبر حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم، في بيان، أن تلك التعهدات تمثل "القراءة الصحيحة والسلمية للمطالب المشروعة، التي نادى بها المواطنون، وعبروا عنها من خلال مسيرات سلمية، عبر مختلف جهات الوطن".

ورأى حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، بقيادة رئيس الوزراء "أحمد أويحيى"، أن رسالة "بوتفليقة" "تحمل في طياتها أجوبة شافية لمطالب مواطنين منادين بالتغيير".

وتمنى الحزب أن تساهم في "بسط السكينة من أجل تمكين بلادنا من المضي في هدوء واستقرار نحو الموعد الانتخابي الرئاسي"، في 18 أبريل/نيسان المقبل.

بلا ضمانات

لكن رئيس الحكومة الأسبق "علي بن فليس"، دعا، في بيان، إلى "سحب ترشح الرئيس، وتأجيل الانتخابات لستة أشهر، وهي فترة انتقالية تتولى فيها حكومة كفاءات تنظيم انتخابات جديدة".

واعتبر "عبدالرزاق مقري"، رئيس "حركة مجتمع السلم" (أكبر حزب إسلامي)، في مؤتمر صحافي، أن تعهدات بوتفليقة هي "صورة طبق الأصل" من مبادرة توافق أرسلها حزبه سابقا إلى الرئاسة.

وأضاف أن الفارق بينهما هو عدم وجود ضمانات من السلطات بشأن تطبيق التعهدات، بينما اقترح حزبه سابقا أن تشرف المعارضة والموالاة على تطبيق خارطة طريق للتوافق.

ومشككا، تساءل المرشح المحتمل للرئاسة، عبد العزيز بلعيد، في مؤتمر صحفي الإثنين: "كيف أن نظاما حكم 20 سنة، ولم يصحح أخطاءه، كيف يقوم بإصلاحات في ظرف سنة.. هذا مستحيل".

فترة قصيرة جدا

معلقا على رسالة بوتفليقة، قال الإعلامي الجزائري "عثمان لحياني"، إن "التعهدات متأخرة مقارنة مع الظرف السياسي الراهن، وفترة تنفيذ التعهدات التي يطرحها الرئيس بوتفليقة قصيرة جدا لا تتناسب مع حجمها".

وأردف "لحياني" أن "تلك التعهدات ثورية وتقدمية، والمشكلة في الظرف السياسي، والرئيس لم يختر الوقت المناسب لطرحها"، في إشارة إلى تصاعد الحراك الشعبي الرافض لترشحه لولاية خامسة.

وزاد بقوله إن "بوتفليقة كان لديه الوقت الكافي خلال فترة عشرين سنة لتنفيذ أي من هذه التعهدات، وبالتالي أعتقد أنها مناورة سياسية أخيرة".

واعتبر أن تلك التعهدات "تشبه إلى حد بعيد الخطاب، الذي ألقاه الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي (2011/1987)، في الأيام الأخيرة، قبيل انسحابه من المشهد السياسي في تونس (بفعل ثورة شعبية)".

حديث متكرر

اعتبر "نصير سمارة" أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر العاصمة، أن تعهدات "بوتفليقة" تمثل "مماطلة ومحاولة للالتفاف على المطالب الشعبية".

وتابع "سمارة" أن "هذا الكلام (تعهدات الإصلاح) من جانب "بوتفليقة" سمعناه في 2012 (بسبب موجة الربيع العربي)، و2014 (بعد ترشحه لولاية رابعة)، وليس كلاما جديدا، والأمر يتكرر لربح الوقت".

ورأى أن "هذه الرسالة فيها أمر مهم، وهو أن السلطات تقر بالفشل الصريح في كل السياسات التي وضعوها، ولكن هناك محاولة للاستمرار وإعادة إنتاج الوضع نفسه".

وختم بأن "الرسالة أيضا تؤكد أنها لمرشح فائز مسبقا.. كل إيحاءاتها تفيد بأنه سيفوز بالطريقة المعهودة، وبالتالي ما جدوى تنظيم الانتخابات (؟!).. وخلاصة الرسالة أنه لا أمل في التغيير".

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

الجزائر عبدالعزيز بوتفليقة عبدالغني زعلان أحمد أويحيى علي بن فليس انتخابات ولاية خامسة