انقسام حول تولي السيسي رئاسة الاتحاد الأفريقي

السبت 9 مارس 2019 06:03 ص

خلال الدورة العادية الـ32 لجمعية الاتحاد الأفريقي التي تم عقدها في أديس أبابا بإثيوبيا يومي 10 و11 فبراير/شباط الماضي، انتخبت الكتلة الأفريقية الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" رئيسا جديدا لها.

ويتم تناوب رئاسة الاتحاد الأفريقي سنويا بين المناطق الـ5 في أفريقيا، الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط، ويعد "السيسي" هو الزعيم الأفريقي السادس عشر الذي يرأس الاتحاد الأفريقي، والزعيم العربي الثالث الذي يتولى هذا المنصب.

ما هي أهمية الاتحاد الأفريقي؟

ويلعب الاتحاد الأفريقي دورا مهما في أفريقيا، وتأسست منظمة الوحدة الأفريقية، المسمى القديم للاتحاد الأفريقي، عام 1963؛ لإنهاء الاستعمار في القارة.

وقد وعدت الدول الأفريقية المستقلة، التي شكلت منظمة الوحدة الأفريقية، "بجمع الأفارقة معا، ودفع القارة نحو التعايش السلمي والنمو"، وفي عام 2001، تم استبدال "منظمة الوحدة الأفريقية" لصالح "الاتحاد الأفريقي"، وهو هيئة أفريقية تتألف من 55 دولة عضوا.

وتم تكليف الاتحاد الأفريقي الذي تم إطلاقه رسميا عام 2002 بمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تؤثر على الدول الأفريقية.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن الاتحاد الأفريقي يعتز بتقديم "حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية"، يشعر الكثيرون بأن المنظمة الجديدة لم تنجح في تحقيق أهدافها السامية.

وخلال تجمع تم عقده في نواكشوط، عاصمة موريتانيا، في يوليو/تموز 2018 أعلن الاتحاد الأفريقي عام 2019 عاما "للاجئين والعائدين والأشخاص المشردين داخليا".

وجاء هذا الاختيار متزامنا مع التوقيت الذي أشارت فيه بيانات الأمم المتحدة إلى أن أفريقيا تستضيف نحو 26% من عدد اللاجئين في العالم.

وفي نهاية عام 2017، بلغ عدد اللاجئين في القارة 6.3 مليون لاجئ، إضافة إلى 14.5 مليون نازح داخلي، وفي عام 2018، ازدادت هذه الأعداد بـ170 ألفا و2 مليون للرقمين على التوالي.

وفي قمة الاتحاد الأفريقي، قام الرئيس المنتهية ولايته، الرئيس الرواندي "بول كاغامي"، بتسليم مقاليد المنظمة إلى "السيسي"، أمام القادة الأفارقة، قائلا: "لا شك أنكم ستأخذون هيئتنا إلى الأمام بشكل حاسم نحو قمم جديدة أعلى".

وقد أعرب العديد من الناشطين عن قلقهم من قيادة الرئيس المصري للاتحاد الأفريقي، نظرا لفشله في إحراز التقدم والعدالة لشعب بلده.

أجندة "السيسي" للاتحاد الأفريقي

ويتولى رؤساء الاتحاد الأفريقي مسؤولية وضع جدول أعمال القضايا التي يجب معالجتها خلال فترة ولايتهم، ويمنحهم المنصب القدرة على توجيه نفوذ المنظمة إذا رغبوا في ذلك، وخلال رئاسة "كاغامي"، ركز الاتحاد الأفريقي على الإصلاحات المؤسسية والإدارية.

وعندما خاطب "السيسي" جمعية الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، شدد على أن الوساطة والدبلوماسية الوقائية "ستظل واحدة من أولويات الاتحاد الأفريقي" خلال فترة ولايته، وأبرز الحاجة إلى مواصلة تحسين "السلام والأمن في أفريقيا، بطريقة شمولية ومستدامة".

وقال "السيسي" في كلمته: "إن الإرهاب ما زال السرطان الذي يصيب الأمم الأفريقية ويسرق أحلام شعوبنا، ويجب علينا تحديد ومكافحة أولئك الذين يمولون أنشطة الإرهاب في القارة".

لكن مهمة الأمن والسلم التي أعلن عنها "السيسي" تبدو متناقضة، حيث أنه مسؤول بلا شك عن العديد من انتهاكات حقوق الإنسان في بلاده.

ومنذ عام 2015، شن الرئيس المصري "هجوما سياسيا مستمرا وشرسا" على اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان وهي الآلية التي تراقب سجلات حقوق الإنسان في الدول الأفريقية، وبحسب منظمة العفو الدولية، فإن "عشرات القضايا حول حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تم تقديمها ضد مصر في اللجنة".

ومنذ صعوده إلى السلطة، أظهر "السيسي" "ازدراء مروعا لحقوق الإنسان"، بحسب "نجية بونعيم"، مديرة حملة منظمة العفو الدولية في شمال أفريقيا.

وقالت "بونعيم" إن مصر تحت قيادة "السيسي" شهدت "تراجعا كارثيا في الحقوق والحريات"، وأبرزت "بونعيم" المخاوف من التأثير المحتمل لرئاسته للاتحاد على "استقلال آليات حقوق الإنسان الإقليمية".

وبينما يواصل المجتمع الدولي غضبه من سجل "السيسي" المؤسف في مجال حقوق الإنسان، أعرب بعض الدبلوماسيين من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء عن مخاوف أخرى.

ونظرا لموقع مصر ووزنها في العالم العربي، فإنهم يخشون من أن "السيسي" سيكون مهتما أكثر بتنمية أفريقيا العربية.

ويثير هذا الانقسام الواضح، في ضوء التوتر السابق في علاقة مصر مع الاتحاد الأفريقي، يثير أيضا تساؤلات حول ما تعتزم القاهرة القيام به مع سلطتها الجديدة في المنظمة.

هل الاتحاد الأفريقي كتلة إقليمية قوية؟

ولم يحضر القادة المصريون اجتماعات الاتحاد الأفريقي منذ محاولة اغتيال الرئيس "حسني مبارك" عام 1995، وفي عام 2013، تم تعليق عضوية مصر في الكتلة الأفريقية في أعقاب الانقلاب العسكري الذي أطاح بأول زعيم منتخب ديمقراطيا في البلاد، وهو "محمد مرسي"، وجلب "السيسي" إلى السلطة.

وعلى الرغم من أن الاتحاد الأفريقي قد رفع تعليق مصر بعد عام، يبقى السؤال هو ما مدى أهمية عضوية الاتحاد الأفريقي للقاهرة وأجندة "السيسي" في مصر وخارجها؟

وعندما تم سؤاله عما إذا كان الاتحاد الأفريقي منظمة تستحق أن يتم الانتماء إليها في القرن الـ21، قال "سولومان ديرسو"، المدير المؤسس لمجموعة "أفريقيا لخدمات الإعلام والأبحاث": "إننا نعيش في عالم حيث الدول الفردية لا تمثل وزنا كبيرا بالنسبة لتكتلات البلدان، لذا فإن قدرتها على تحقيق التنمية السياسية والاقتصادية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التقارب وإنشاء جدول أعمال مشترك تسعى إلى تحقيقه بشكل جماعي".

ويقول "ديرسو" إن الاتحاد الأفريقي "هو أكبر كتلة إقليمية، وإذا تمكن من التحدث بصوت واحد، فسوف يمثل صوته وزنا كبيرا في مختلف المنصات العالمية".

ومع تركيز العديد من القارات الثقيلة على الشؤون الداخلية، قد تكون القاهرة في موقف نادر لتحقيق أجنداتها العلنية والسرية.

وقالت "أليسا جوبسون"، من مجموعة الأزمات الدولية للجزيرة: "نحن نرى الكثير من الدول الأفريقية، ولا سيما اللاعبين الكبار مثل نيجيريا والجزائر وجنوب أفريقيا، يتجهون نحو الداخل، وإذا لم نشهد مشاركة أكبر من هذه القوى الكبرى، أعتقد أنه سيكون من الصعب رؤية الاتحاد الأفريقي أكثر فعالية في تحقيق السلام والأمن".

وخلال العام المقبل، قد تسمح رئاسة "السيسي" للرئيس المصري بالاستفادة من الاتحاد الأفريقي لزيادة نفوذ القاهرة في القارة، وقد تمنح أجندة الاتحاد الأفريقي مصر فرصة فريدة لتصبح لاعبا عسكريا وأمنيا مهما في أفريقيا، ما يسمح في نهاية المطاف لمصر بالقيام بدور أكثر مركزية في كل من السياسة الأفريقية والشرق أوسطية.

المصدر | سكينة رشيدي - إنسايد أرابيا

  كلمات مفتاحية

الاتحاد الأفريقي عبد الفتاح السيسي حقوق الإنسان مكافحة الإرهاب