ن. تايمز: ماذا بعد انكشاف وهم الإصلاح السعودي؟

الثلاثاء 19 مارس 2019 03:03 ص

لم يكن من المفاجئ أن "المرتزقة" السعوديين الذين قتلوا "جمال خاشقجي" كانوا طاقما سريا من العاملين تحت الأمر المباشر لولي العهد "محمد بن سلمان". فلقد كان رجال الأمير يراقبون ويخطفون ويحتجزون ويعذبون المعارضين السعوديين لأكثر من عام، قبل أن يسافروا إلى إسطنبول لقتل وتقطيع الصحفي في "واشنطن بوست".

ووفقا لتقرير نشرته "نيويورك تايمز"، بقلم "مارك مازيتي" و"بن هوبارد"، نقلا عن مسؤولين اطلعوا على معلومات مخابراتية سرية، فإن الفريق معروف للمسؤولين الأمريكيين باسم "مجموعة التدخل السريع"، وقد نفذت المجموعة ما لا يقل عن 10 عمليات قبل قتل "خاشقجي".

ولم يكن هذا مفاجئا إلى حد كبير مع كل المعلومات المروعة التي ظهرت حول هؤلاء الرجال السعوديين وولي العهد منذ اغتيال "خاشقجي" الوحشي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، بداية من المحاولات الخرقاء الأولى من قبل "بن سلمان" لإنكار عملية القتل، ثم تعليق المسؤولية على الأتباع الذين زعم أنهم تجاوزوا الأوامر، ويقال إنهم يحاكمون الآن أمام المحكمة دون حضور أي شهود مستقلين.

وفي الأشهر الـ5 التي تلت القتل، أدرك معظم العالم أن "بن سلمان" ليس ليبراليا مجددا -وهي الصورة التي يحاول ترويجها بين القادة والزائرين الغربيين- بل مستبد متسلط يقمع أولئك الذين تحدوا صورته وسلطته.

كما يؤكد تشكيله فريقا سريا من الرجال المسلحين أن مقتل "خاشقجي" لم يكن مجرد عملية شريرة قام بها رجاله الموالون له ضد أحد المنتقدين، لكنه كان جزءا من حملة منهجية لإسكات المعارضين، أشرف عليها أحد كبار مساعدي الأمير، وهو "سعود القحطاني" وقادها في الميدان ضابط مخابرات سافر إلى الخارج رفقة ولي العهد سابقا، وهو "ماهر عبدالعزيز مطرب".

ووفقا للمسؤولين الأمريكيين، فقد عمل الفريق بجد، لدرجة أنه طلب في يونيو/حزيران الماضي مكافآت إضافية.

وتعد المملكة العربية السعودية، وهي مملكة مطلقة ذات شكل صارم من الإسلام، على رأس قائمة منتهكي حقوق الإنسان. ولكن مع صعود الملك "سلمان" إلى العرش، في يناير/كانون الثاني 2015، ومع ظهور ابنه "محمد" لاحقا باعتباره الوريث الأول والقوة الحقيقية وراء العرش، ارتفعت وتيرة الاعتقالات والقمع والإعدام إلى مستويات غير مسبوقة في عقدين من الزمن.

ووفقا لمجموعة سعودية تهتم بالسجناء السياسيين، فإن أكثر من 2600 معارض سعودي بمن فيهم العلماء والكتاب والمحامون وناشطات حقوق المرأة تم احتجازهم في المملكة أثناء قيام ولي العهد ببناء صورته في الخارج كمصلح. وكان قراره المشهور بالسماح للنساء بقيادة السيارات مصحوبا بسجن النساء اللائي كن قد حملن شعلة الكفاح من أجل هذا الحق.

وبالكشف عن أن قتل "خاشقجي" كان جزءا من حملة منهجية ضد المعارضين، يزيل ذلك أي أوهام متبقية حول "بن سلمان". وقد ذكرت صحيفة "الغارديان" إشارات تدل على أن الملك "سلمان" قد بدأ في كبح سلطة ابنه، وأن "بن سلمان" قد فاتته سلسلة من الاجتماعات الوزارية والدبلوماسية رفيعة المستوى خلال الأسبوعين الماضيين.

وقد حاول الرئيس "ترامب" ومستشاره الكبير وصهره "جاريد كوشنر"، اللذين صاغا الكثير من سياستهما في الشرق الأوسط حول علاقاتهما الودية مع ولي العهد، التقليل إلى أدنى حد من آثار مقتل "خاشقجي". لكن مجلس الشيوخ أظهر الأسبوع الماضي أنه مستعد لمواجهة الرئيس في الملف السعودي، عندما صوت بأغلبية 54 مقابل 46 صوتا لإنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وهو الصراع الذي خلق أزمة إنسانية في البلاد. ومن المتوقع أن يحذو مجلس النواب حذوه.

وينبغي على الكونغرس أن يطالب بالكشف الكامل عن سجلات الاستخبارات حول مقتل "خاشقجي"، وعن الفريق الذي ارتكب الجريمة، وعن دور "بن سلمان" فيها. كما يجب أن يطالب بالإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين كتب عنهم "خاشقجي" ودعمهم في المقالات التي كانت السبب في مصيره. وإذا أصر "ترامب" على الاستمرار في دعم هذا الأمير المتهور، فيجب أن يستخدم الرئيس نفوذه للحصول على تنازلات جدية في مجال حقوق الإنسان.

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

جمال خاشقجي محمد بن سلمان الكونغرس الأمريكي حقوق الإنسان