أمم آسيا 2019.. كيف هيمنت الخصومات السياسية على الرياضة؟

الأربعاء 27 مارس 2019 04:03 ص

حدت قطر أول كأس آسيوي لها على الإطلاق في 1 فبراير/شباط، بفوزها 3-1 على اليابان في المباراة النهائية، بالبطولة التي استضافتها دولة الإمارات العربية المتحدة.

ومنذ أن بدأت تلك البطولة لكرة القدم عام 1956، شاركت قطر 10 مرات، لكن هذه كانت المرة الأولى التي يقدم فريقها أداءا استثنائيا، حيث فاز في كل مباراة لعبها.

وكان النصر، الذي احتفل به القطريون في شوارع الدوحة، بمثابة صدمة كبرى لمنافس قطر السياسي، الإمارات.

وكانت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد قطعت العلاقات مع قطر في 5 يونيو/حزيران 2017. وبعد ذلك بفترة قصيرة، منحت أبوظبي المواطنين القطريين 14 يوما لمغادرة البلاد، وبدأت الدول الأربع، في يوم 22 من نفس الشهر، حصارا على النقل والتجارة ضد الدولة الخليجية الصغيرة الغنية بالغاز الطبيعي. وبررت الدول الأربعة الحصار بزعمها أن الدوحة كانت تدعم المنظمات الإرهابية وسياسات إيران في المنطقة.

وأدى الحصار إلى قيود كبيرة على قطر، وعلى حركة كل من لاعبي كرة القدم والمشجعين القطريين خلال بطولة كأس آسيا التي استضافتها الإمارات.

ومنذ بدء الحصار، تم تعليق الرحلات الجوية المباشرة بين قطر والإمارات.

لذلك، اضطر الفريق الوطني القطري إلى اتخاذ العديد من الطرق الالتفافية قبل الوصول إلى الإمارات.

وتسببت التوترات السياسية المتصاعدة بين الإمارات وقطر في حصول كأس آسيا لعام 2019 على اهتمام خاص من المشجعين، ووسائل الإعلام، وقيادة البلدان الأطراف في الأزمة الخليجية، خاصة مباراة نصف نهائي البطولة بين منتخبي قطر والإمارات.

وجعل هذا الاهتمام الإضافي هزيمة الإمارات في المباراة، بـ 4 أهداف نظيفة لصالح المنتخب القطري، أكثر إحباطا لأنصارها، الذين أطلقوا الهتافات المضادة أثناء عزف النشيد الوطني القطري، وألقوا الأحذية وزجاجات المياه على أرضية الملعب في كل مرة سجل فيها الفريق القطري هدفا.

وبعد المباراة، تقدمت الإمارات بشكوى رسمية إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم للطعن في أهلية 2 من لاعبي المنتخب القطري المتجنسين، وهما "المعز علي" سوداني المولد، البالغ من العمر 22 عاما، و"بسام الرواي" عراقي المولد البالغ من العمر 21 عاما، في محاولة لاستبعاد قطر من البطولة.

وشككت الإمارات في نزاهة الاتحاد القطري لكرة القدم، عبر اتهامه بانتهاك المادة 7 من قانون "الفيفا" بشأن جنسية اللاعبين.

ومع ذلك، رفض الاتحاد الدولي اعتراضات الإمارات.

وعكست مباراة الإمارات وقطر، التي كانت أول لقاء بين الخصمين منذ بداية الأزمة الخليجية، بوضوح خطورة النزاع السياسي المستمر بينهما.

وخلال الإعداد لمباراة نصف النهائي، دعت شرطة أبوظبي الجمهور إلى الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي والاستمتاع بالمباراة.

ومع ذلك، لم يدم هذا "التمتع" طويلا. فقد أدى فوز قطر 4-0 على الإمارات في الدور نصف النهائي إلى سيل من تبادلات السخرية والإساءة بين مشجعي ومؤيدي المنتخبين على وسائل التواصل الاجتماعي.

أطراف أخرى في الأزمة

وكانت الأزمة الخليجية المستمرة، بشكل مباشر وغير مباشر، قد أدت إلى تسييس كأس آسيا 2019.

وبسبب منع القطريين من دخول الإمارات لحضور المباريات، قام بعض العمانيين والكويتيين المقيمين في البلاد بدعم المنتخب القطري، خلال حضور مباريات قطر ضد السعودية والإمارات.

وقد دفع هذا الفعل، الذي تم تصويره بالخيانة من قبل قيادات ومواطني الدول المحاصرة، إلى "معاقبة" كل من أظهروا الدعم لقطر عبر منشورات مواقع التواصل الاجتماعي.

وقام الكاتب الإماراتي "حمد المزروعي" بتغريد صورة للرئيس العراقي السابق "صدام حسين"، مصحوبة بالدعاء لروحه، في إشارة طفيفة إلى الغزو العراقي للكويت عام 1990.

وكان "المزروعي"، وهو كاتب عمود سيئ السمعة مقرب من ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، يقصد ظاهريا إزعاج الكويتيين الذين دعموا المنتخب القطري، عبر استدعاء هذه الفترة الصعبة من ماضي الكويت، وبالتالي فتح الباب أمام المواطنين الخليجيين الآخرين، لفعل الشيء نفسه.

وتابع القطريون أيضا تبادل الرسائل المشحونة سياسيا ضد دول الحصار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكان الأبرز بينهم مدير مركز قطر للصحافة، "عبد الله العذبة"، الذي قال في مقطع فيديو على تويتر: "في الحقيقة، أردت 3 أهداف... ولكن رحم الله شهداء رابعة العدوية. لقد سجل فريقنا الوطني لكرة القدم 4 أهداف".

وفي مقطع الفيديو، قال "العذبة" إنه كان يتمنى أن يسجل الفريق القطري 3 أهداف مقابل كل "جزيرة"، في إشارة إلى الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران. وبعد ذلك بوقت قصير، "صلى من أجل روح شهداء رابعة" وأشاد بتسجيل المنتخب القطري 4 أهداف.

في حين أن كلمة "رابعة"، التي تشبه إلى حد بعيد كلمة "أربعة" باللغة العربية، تعد إشارة إلى ميدان "رابعة العدوية" في القاهرة، والذي شهد قمعا وحشيا من السلطات لاحتجاج نظمه أنصار الرئيس المصري المنتخب السابق "محمد مرسي"، وهي إحدى دول الحصار.

وفي حين أن تعليقات "المزروعي" و"العذبة" ربما بدت غير واضحة، إلا أنها حملت الكثير من الأهمية بالنسبة لأولئك الذين يفهمون مثل تلك التلميحات في المنطقة.

ومنذ الفوز بكأس آسيا 2019، أصبحت قطر لاعبا مهما في عالم كرة القدم. واحتلت قطر المرتبة 93 سابقا في التصنيف العالمي لمنتخبات كرة القدم. وبعد الفوز في كل مباراة لعبتها في كأس آسيا هذا العام، قفزت قطر الآن إلى المركز 55 في تصنيف الفيفا العالمي.

وقريبا، ستصبح الدولة الصغيرة الغنية بالنفط أول دولة عربية في التاريخ تستضيف كأس العالم، في عام 2022.

المصدر | إنسايد أرابيا

  كلمات مفتاحية