ترامب يضحي بأرواح العرب لأجل أصوات نتنياهو

الخميس 28 مارس 2019 06:03 ص

في انتهاك صارخ للقانون الدولي، اعترف "دونالد ترامب" بسيادة (إسرائيل) على مرتفعات "الجولان".

وجاء هذا الأمر في خضم موجة من أعمال العنف المتجددة في قطاع غزة، حيث ردت (إسرائيل) على بعض الهجمات الصاروخية بمجموعة من الضربات الجوية غير المتناسبة. ولا تزال التوترات عالية في غزة، التي أصبح سكانها مهددون بشكل متزايد.

وتؤكد الخسائر اليومية في كل من غزة و(إسرائيل) فقط على أهمية التفاوض للوصول لحل لأحد أكثر الصراعات المركزية تدميرا في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، يبدو أن الخطوة الأخيرة التي اتخذها "ترامب" تهدف فقط إلى دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" قبل الانتخابات الإسرائيلية في 9 أبريل/نيسان، وتوطيد تحالفه الحاكم الذي تؤدي سياساته إلى تفاقم الوضع على الأرض، حتى لو تطلب ذلك مخالفة المواقف الأمريكية التاريخية. ويأتي هذا الدعم لـ "نتنياهو"، والاستسلام لليمين الإسرائيلي المتطرف، على حساب آلاف السوريين وملايين الفلسطينيين.

وكانت (إسرائيل) قد شردت عشرات الآلاف من السوريين عندما سيطرت على "الجولان" إبان الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، وحظرت عليهم العودة إلى ديارهم.

وفي وقت لاحق، أدانت الأمم المتحدة بشكل قاطع ضم (إسرائيل) للجولان عام 1981 من جانب واحد، مع تأكيد مجلس الأمن في القرار رقم 497 على أن "قرار (إسرائيل) بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها في مرتفعات الجولان السورية المحتلة هو قرار باطل ولاغٍ وبلا أثر قانوني دولي".

ويحظر القانون الدولي الاستيلاء على الأراضي وضمها بالقوة العسكرية. واعتمدت الولايات المتحدة على هذا المبدأ لإدانة ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، لذا فإن قرار "ترامب" يسعد "بوتين" بالتأكيد.

ولا يزال الآلاف من الدروز يعيشون في الجولان، ويحتفظون بهويتهم السورية، حتى مع توسع المستوطنات الإسرائيلية بما يتجاوز المنشآت الأمنية "الدفاعية" التي بررت احتلال "الجولان" في المقام الأول.

وكما لاحظت "هيومن رايتس ووتش"، يعمل قرار إدارة "ترامب" على تقويض الحماية الممنوحة لهؤلاء السوريين مع كون أرضهم محتلة، بما يشمل "حظر بناء المستوطنات واستخراج الموارد الطبيعية لصالح المحتل". وتواصل (إسرائيل)، بالطبع، الانخراط في كل الأنشطة المحظورة، مع القليل من الاعتراض من الولايات المتحدة. ومع ذلك، بموجب قرار "ترامب"، لن تبدي الولايات المتحدة بعد الآن حتى مثل هذه الاعتراضات القليلة.

ويضيف إنكار حقيقة احتلال الجولان إلى سجل "ترامب" الطويل من السياسات التي أضرت بالشعب السوري. فبالإضافة إلى استغلال الوضع الحالي في سوريا لتبرير هذا التحول في السياسة الأمريكية، يمنع "حظر المسلمين" الذي أقره "ترامب" المواطنين السوريين من دخول البلاد، ويسعى "ترامب" في ميزانية العام المالي 2020 إلى إلغاء أي تمويل أمريكي للاستقرار في سوريا، على الرغم من دور الولايات المتحدة في تدمير البنية التحتية الحيوية في مدن مثل الرقة. ومن خلال منح الجولان لـ"نتنياهو"، يكرس "ترامب" أيضا احتلالا يصنف المسلمين فعليا في الجولان كمواطنين من الدرجة الثانية، بموجب قانون الدولة القومية العنصري في (إسرائيل).

ولقرار "ترامب" بتغيير وضع الجولان بموجب قرار رسمي أمريكي عواقب مقلقة بالنسبة للفلسطينيين. فبدلا من معاقبة "نتنياهو" على صفقة انتخابه مع الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تروج للكراهية، ولتبنيه سياسات الاستيطان التي تنتهك القانون الدولي، يشجع "ترامب" ويمكن إعادة انتخاب رئيس وزراء من شأنه أن يواصل بلا شك أكل حقوق العرب الإسرائيليين وحقوق الفلسطينيين.

ويدعي "نتنياهو" بالفعل أن القرار يشكل سابقة قد تبرر قرارات مماثلة تتناول مساحات واسعة من الضفة الغربية.

وبينما كان يشجع "نتنياهو"، ألغى "ترامب" تمويل المساعدات للفلسطينيين حتى في الوقت الذي تتهم فيه الأمم المتحدة (إسرائيل) بارتكاب جرائم حرب محتملة في غزة، لقتلها متظاهرين غير مسلحين، بمن فيهم الأطفال. وفي أكتوبر/تشرين الأول، وقع قانون مكافحة الإرهاب لعام 2018، والذي ينص على أن "الحكومات الأجنبية التي تقبل المساعدة من الحكومة الأمريكية يمكن أن تتم مقاضاتها في المحاكم الأمريكية لانتزاع تعويضات نتيجة دعمها للإرهاب".

وقد يجعل هذا السلطة الفلسطينية مطالبة بالتعويضات المالية في المحاكم الأمريكية، وردا على ذلك قالت السلطة إنها لم تعد قادرة على استمرار استقبال المساعدات الأمريكية، مما أجبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والمنظمات غير الحكومية الأمريكية على مغادرة غزة والضفة الغربية.

ولا يغير قرار "ترامب" الأخير واقع الأرض. حيث تظل مرتفعات الجولان أرضا سورية محتلة، معترف بها على هذا النحو بموجب القانون الدولي.

لكن قرار "ترامب" يحط من شرعية الولايات المتحدة الممزقة أصلا في المنطقة، مما يوفر دليلا إضافيا على أن "جاريد كوشنر" يهدر الكثير من وقود الطائرات وأموال دافعي الضرائب في رحلاته حول الشرق الأوسط دون جدوى من "خطته للسلام".

ولكن إلى جانب عوامل مثل مصداقية الولايات المتحدة والانتخابات الإسرائيلية، تبقى مرتفعات الجولان موطنا لآلاف الأشخاص، الذين سيتأذون مباشرة بهذا القرار. كما سيتحمل الفلسطينيون وطأة تشجيع اليمين الإسرائيلي على المزيد من السلوكيات المتطرفة، مما يجعل تحقيق السلام في المنطقة أقل قابلية للتحقيق. ومع اقتراب انتخابات عام 2020، يجب أن يكون المجال المزدحم بالمرشحين الديمقراطيين مستعدا لتقديم سياسة قوية في الشرق الأوسط، ومسار واضح للأمام للتخلص من الأضرار التي سببها "ترامب".

المصدر | ليلى أوجايلي - لوب لوج

  كلمات مفتاحية