الأزمة الخليجية تتوارى في قمة تونس لصالح الرباعي المأزوم

الجمعة 29 مارس 2019 10:03 ص

تتوارى الأزمة الخليجية مجددا خلف أزمات عربية يعج بها جدول أعمال القمة الدورية الثلاثين المقررة في تونس، الأحد المقبل.

ولا يزال جدار الأزمة الخليجية عصيًا على الاختراق رغم جهود وساطة الكويت، إذ تتغاضى ثاني قمة عربية تنعقد منذ اندلاعها في 5 يونيو/حزيران 2017 (الأولى في السعودية أبريل/نيسان2018) عن مناقشتها لصالح القضية الفلسطينية والأوضاع في سوريا واليمن وليبيا.

ومنذ نحو عامين تواصل كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع علاقاتها مع قطر، بدعوى دعمها الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي المقاطع بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.

ووفق خبيرين سياسيين، في أحاديث منفصلة للأناضول، فإن الأزمة الخليجية لن تراوح موقعها "الهامشي" على جدول أعمال القمة العربية لصالح تركيز الاهتمام على الرباعي العربي المأزوم (فلسطين، سوريا، اليمن، ليبيا) إضافة إلى انتقاد إيران.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، شارك أمير قطر "تميم بن حمد" في أعمال القمة الاقتصادية العربية التي انعقدت في العاصمة اللبنانية بيروت، وقال آنذاك إن مشاركته "جاءت حرصًا على العمل العربي المشترك في مواجهة الأزمات"، دون تمثيل على المستوى ذاته من قادة المقاطعة.

غير أن قطر خفضت تمثيلها في القمة العربية الأوروبية الأولى، والتي انعقدت في منتجع شرم الشيخ السياحي بمصر، على مدى يومي 24 و25 فبراير/شباط الماضي، إذ اكتفت بمشاركة مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، "إبراهيم السهلاوي".

وقالت وزارة الخارجية القطرية، في بيان آنذاك، إن "مشاركة الدوحة تأتي التزاما بالعمل العربي المشترك والعمل مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي، رغم كسر الحكومة المصرية للبروتوكول المتبع في توجيه الدعوات"، وهو ما لم تعلق عليه مصر للآن.

غياب الإرادة العربية والدولية

محللا أسباب تهميش الأزمة الخليجية في قمة تونس، يقول المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة "سعيد صادق"، إن الدول الخليجية لا سيما السعودية والإمارات لن تقبل بنقاش القضية بجدول أعمال القمة.

ويستبعد "صادق"، في تصريح للأناضول، أن تلقى الأزمة الخليجية اهتماما لافتا، وعزا ذلك إلى "غياب الإرادتين العربية والدولية لتحريك هذا الملف وإعادة الاتصال مع الفرقاء الخليجيين".

ويتوقع أن "تظل الأزمة الخليجية مجمدة على المديين القصير والمتوسط بناء على عدة معطيات إقليمية ودولية".

تيه سياسي عربي

بدوره، يعزو نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي مقره القاهرة) "مختار غباشي"، أسباب غياب الأزمة الخليجية عن القمة العربية للمرة الثانية إلى ما أسماه بـ"حالة تيه سياسي" يشهده العالم العربي.

ويقول "غباشي" إن البوصلة السياسية العربية فُقدت بين القضية الفلسطينية التي تعاني "مواتا" دبلوماسيا، وتعقيد الأوضاع في سوريا بعد القرار الأمريكي بتسليم الجولان إلى (إسرائيل)، والأوضاع في اليمن، والأزمة الخليجية، والعلاقات العربية الغربية.

والإثنين الماضي، وقع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، رسميا في البيت الأبيض، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، المرسوم الرئاسي الذي يعترف بـ"سيادة" (إسرائيل) على الجولان السورية المحتلة.

ويوضح "غباشي" أن "مجمل أزمات العالم العربي مجمدة وعصية عن الحل، لأن الدول العربية لا تملك مبادرات أو آليات لإنهائها، إذ يتم ترحيل تلك الملفات المأزومة إلى قرارات الولايات المتحدة والدول الغربية، والتي عادة ما تتحكم في مصيرها دون حل مؤثر".

بمعزل عن الطاولة العربية

ويلفت "غباشي" إلى أن استمرار أزمة السعودية والإمارات والبحرين ومصر مع قطر يكمن في "غياب الإرادة الخليجية في مناقشة تلك الأزمة على طاولة الجامعة العربية، والإصرار على الاحتفاظ بها على أرضية خليجية".

وبقوله: "كلما طال عمر الأزمة كلما ازدادت تعقيدا وغابت سبل حلها"، يعيب "مختار غباشي" على الدول العربية حالة الانقسام والتشرذم التي جعلت جميع الأزمات العربية عالقة.

ويمضي مفسرا "الدول العربية منقسمة بين موقف الانحياز للرباعي العربي والانحياز لقطر والوقوف على الحياد".

الموقف الخليجي

ولم تعلن أية دولة من دول الأزمة الخليجية مستوى تمثيلها بالقمة العربية المنعقدة في تونس الأحد المقبل.

ويقول أمير قطر مرارا إن بلاده تجاوزت إلى حد كبير آثار المقاطعة الرباعية، غير أنه لم يبد معارضة لحل الأزمة الخليجية عبر الحوار.

ودعت القمة الخليجية، التي انعقدت في الرياض ديسمبر/كانون الأول الماضي بناء على طلب الكويت، إلى وقف الحملات الإعلامية بين دول المقاطعة والدوحة، وعزت ذلك إلى "الحفاظ على وحدة الموقف الخلیجي، ووضع حد للتدھور، وتجنب مصیر مجھول لمستقبل العمل الخلیجي".

ويهدف مجلس التعاون الخليجي إلى تحقيق التنسيق والتكامل بين الدول الأعضاء في جميع المجالات وصولا إلى الوحدة فيما بينها. 

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية