استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الملايين تستبشر بغد مشرق من انتفاضة جزائر المليون شهيد

الاثنين 1 أبريل 2019 09:04 ص

هي الجزائر إذن، من جديد، تحيي في المواطن العربي الأمل بالخروج من ليل اليأس والاستسلام للهزيمة وانظمتها العسكرية، مكشوفة او مموهة، إلى عتبات الغد الافضل بزخم الارادة الشعبية ووعيها بحقها في قيادة تعبر عنها وتسير بها إلى المستقبل الذي تستحقه بلاد المليون شهيد من اجل استعادة حريتها وحقها بالقرار في يومها ومن اجل غدها الافضل.

هي الجزائر التي قدمت النموذج الفذ في حرب التحرير ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي، تخوض الآن التجربة العظيمة عبر الثورة الشعبية ضد الطغيان وحكم الرجل الواحد، معززاً بالعسكر، للبلاد التي قاتلت الاستعمار الاستيطاني الفرنسي على امتداد سنوات طويلة، حتى استعادت هويتها الوطنية واستقلالها السياسي في ايلول 1962، وانتخبت احمد بن بله كأول رئيس لجمهوريتها المستقلة.

هي الجزائر، من جديد، تسكن الشارع منذ أسابيع، رافضة التمديد مجدداً لرئيسها العاجز، جسديا وذهنيا عبد العزيز بوتفليقة، والمندفعة نحو حق شعبها في أن يختار رئيسه، وبالتالي نظامه، وان يتخلص من حكم الرجل الواحد المستند إلى “العسكر” بدلاً من الإرادة الشعبية.

هي الجزائر التي نزل شعبها إلى شوارعها ليقيم فيها، منذ أسابيع، رفضا للتجديد او التمديد للرئيس العاجز، واصراراً على ممارسة حقه الشرعي في اختيار رئيس البلاد، ديمقراطياً وبالانتخاب بدلاً من التمديد المفتوح او التعيين بالأمر العسكري!

ويرفض تغييب تاريخه الثوري المفرد وتقزيمه وشطب إرادته ليقرر بضعة جنرالات عنه وباسمه وكأنه قد أدى دوره بتحرير البلاد بالمليون شهيد الذين بذلوا دماءهم رخيصة من اجل استعادة هويتهم الوطنية ودورهم القومي في خدمة حقوق امتهم العربية في الحرية والاستقلال وبناء الغد الافضل.

ولقد انتصر شعب الجزائر، حتى هذه اللحظة، على الرئيس العاجز فأجبره على التسليم بعدم الترشح لعهدة خامسة، ولكنه ما يزال يخشى من خداعه باستبدال الرئيس العاجز بضابط جديد يكرس حكم العسكر في بلاد المليون شهيد.

مما يثير الحزن أن تنتهي الثورات العربية بأسرع مما كان مأمولاً.. وأبرز مثال تلك التي تصدرها الجيش ولكنها جاءت تعبر عن ارادة الشعب المصري، مثل ثورة 23 (يوليو) 1952، لا سيما بعد العدوان الثلاثي (الفرنسي ـ البريطاني ـ الاسرائيلي) في خريف العام 1956 الذي انتصرت عليه الأمة بقيادة جمال عبد الناصر، والذي أدى في نهاية المطاف إلى قيام اول دولة للوحدة العربية في التاريخ (الجمهورية العربية المتحدة)، نتيجة اندماج سوريا مع مصر، في 22 شباط 1958.

لكن تلك الوحدة التي سادها الارتجال، مع كونها تتضمن إنجاز أعز الأحلام القومية، لم تعمر، مع الاسف، الا ثلاث سنوات ونصف، ثم اسقطتها الغفلة والنقص في الشعور القومي وتعاظم الاقليمية لدى المصريين، خاصة، مما لم تنفع في التغطية عليه قوة الارادة الشعبية في تحقيق حلم الوحدة لدى السوريين.

على أن ذلك الانجاز القومي لم يسقط الحلم، خصوصا وان ثورة الجزائر سرعان ما حققت انجازها التاريخي بإقامة الجمهورية الديمقراطية الشعبية في البلاد التي قاتلت دهراً من اجل التحرر من الاستعمار الاستيطاني الفرنسي الذي استطال لحوالي 132 عاما (تم انتخاب الرئيس الاول لجمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية في الثاني والعشرين من أيلول/سبتمبر 1962، في اول برلمان للجزائر المستقلة، وكان ـ آنذاك ـ البطل الراحل احمد بن بله).

وحين زار الرئيس جمال عبد الناصر الجزائر المستقلة، بعد اقل من سنة على تحررها، اضطر ـ مع بن بله ـ إلى استخدام سيارة الإطفاء، لاستكمال جولتهما وسط الملايين المستبشرة بالنصر واستعادة الهوية القومية والارادة الحرة.

ذلك من الماضي الذي لا يمضي.. فلكل مواطن عربي أو مواطنة عربية “دور ما” في نصرة ثورة الجزائر وتمكينها من إحراز النصر العظيم: كانت الأمة العربية بجماهيرها الغفيرة تساند هذه الثورة العظيمة بما ملكت نساؤها (العقود والأساور الذهبية وكنزات الصوف وخواتم الخطوبة أو الزواج) والرجال بما يستطيعون من نقود، وبالتظاهرات التي جعلت فرنسا عدواً قومياً، مثلها مثل اسرائيل.

وبالتأكيد، فان المواطن العربي، اليوم، يعقد على الجزائر آمالاً عريضة بان تكون هذه الانتفاضة الشعبية العظيمة فيها، بشارة بالغد الافضل التي أعجزت ظروف تونس شعبها من اكمال انتفاضتها الشعبية العظيمة بتغيير ثوري شامل في العام 2010.

إن المواطنين العرب، في مختلف اقطارهم، يعلقون على انتفاضة الجزائر الحالية آمالهم ـ احلامهم العراض، مستبشرين بأن تكون بداية لتاريخ جديد، يليق بثورة المليون شهيد في الجزائر، وملايين الشهداء والضحايا العرب في مختلف ديارهم بعنوان فلسطين، ومعها اليمن والعراق وسوريا وسائر الاقطار طلباً للحرية والاستقلال والقدرة على صنع الغد الافضل.

إن هؤلاء الملايين ينتظرون أن تُشرق عليهم شمس استعادة حقوقهم في اوطانهم وكرامتهم وسيادتهم عليها، واستعادة ثرواتهم المنهوبة لبناء غدهم الافضل، من ارض المليون شهيد: الجزائر.

* طلال سلمان كاتب صحفي قومي مخضرم مؤسس ورئيس تحرير "السفير" البيروتية. 

المصدر | السفير العربي

  كلمات مفتاحية