لوب لوج: ضم إسرائيل مرتفعات الجولان بين الأسطورة والواقع

الثلاثاء 2 أبريل 2019 04:04 ص

زعم "بنيامين نتنياهو"، المدعوم بشدة من "دونالد ترامب"، مؤخرا، أن لـ(إسرائيل) الحق في السيطرة على هضبة الجولان بشكل دائم، وقال: "إنها تخصنا، لأننا فزنا بها في حرب عادلة للدفاع عن النفس".

ويجادل هو وإدارة "ترامب" بأن القانون الدولي يسمح للدول بالاحتفاظ بشكل دائم بالأراضي التي اكتسبتها عند مقاومة "حروب عدوانية".

ولم يكن معروفا عن "نتنياهو" ولا "ترامب" من قبل التزامهما بالقانون الدولي، وعلى أي حال، رفض الخبراء القانونيون الإسرائيليون والأمريكيون بالإجماع زعمهم، قائلين إن الدول لا يمكنها بأي حال الاستيلاء على أراضي بلد آخر بشكل دائم، حتى في الحروب "الدفاعية" المزعومة أو الفعلية.

وإذا وضعنا القانون الدولي جانبا، تبقى فرضية أن (إسرائيل) استولت على مرتفعات الجولان في إطار دفاع عن النفس ضد العدوان السوري غير مقنعة.

ولقد أظهر المؤرخون الإسرائيليون أن الحركة الصهيونية بشكل عام، و"ديفيد بن غوريون" على وجه الخصوص، سعوا منذ وقت طويل إلى إقامة دولة يهودية في كل "فلسطين التوراتية"، التي في نظرهم لم تشمل فقط مرتفعات الجولان، ولكن أجزاء أخرى أيضا من جنوب سوريا.

وعلى حد تعبير أحد المؤرخين: "كانت أهداف بن غوريون الإقليمية كبيرة، ولم يمل أو يكل أبدا من تذكير العرب بالحدود التاريخية لـ(إسرائيل)... التي كان قد دافع عنها منذ عام 1918".

وكتب كاتب سيرة "بن غوريون" أن أوراق "بن غوريون" الخاصة "تحتوي على دليل وافر على أنه خلال الأعوام الأولى التي تلت إنشاء دولة (إسرائيل)، واصل تخطيطه سرا للمرحلة التالية، والتي أراد فيها تحقيق طموحاته الإقليمية".

وبعد حرب 1948، كان بإمكان (إسرائيل) التوصل إلى تسوية سياسية شاملة مع سوريا، وعرضت الحكومات المعتدلة الموالية للغرب في السلطة في دمشق خلال هذه الفترة إنهاء النزاع السوري مع (إسرائيل)، شريطة أن تحتفظ سوريا بمرتفعات الجولان، ما يتيح لها الوصول إلى نهر الأردن وبحيرة طبرية، وهي المورد المائي الوحيد المهم في المنطقة.

ومع ذلك، لم يكن "بن غوريون" على استعداد للسماح لسوريا بمشاركته تلك المياه، ورفض حتى الدخول في مفاوضات.

وشهدت الأعوام القليلة التالية عددا من الاشتباكات على الحدود السورية الإسرائيلية، ولأعوام عديدة، قال المؤرخون والصحفيون الإسرائيليون، وحتى الجنرالات المتقاعدون الذين شاركوا في النزاعات، إن (إسرائيل) هي التي بادرت بالاستفزاز في معظم المصادمات، وذلك للسيطرة تدريجيا على المناطق المتنازع عليها.

وفي الواقع، في مقابلة مذهلة عام 1976، اعترف "موشيه ديان"، قائد الجيش الإسرائيلي خلال تلك الفترة، بأن (إسرائيل) حرضت على أكثر من 80% من الاشتباكات مع السوريين؛ لخلق ذرائع للاستيلاء على المزيد من الأراضي، وتحويل مياه نهر الأردن بعيدا عن سوريا، وعندما احتج القائم بإجراء المقابلة بأن سوريا كانت تهديدا خطيرا لـ(إسرائيل)، أجاب "ديان": "هذا هراء".

باختصار، كان لدى السوريين سبب وجيه للخوف على مستقبل الجولان، وخلال الأشهر التي سبقت حرب 1967، حذر رئيس الوزراء "إيشكول"، ورئيس الأركان "إسحق رابين"، من أنه إذا استمرت سوريا في دعم غارات حرب العصابات الفلسطينية ضد (إسرائيل)، وقصف المواقع الإسرائيلية تحت مرتفعات الجولان، فقد تصعد (إسرائيل) إلى ما بعد الغارات الجوية العديدة التي كانت تجريها بالفعل.

وفي 11 مايو/أيار، على سبيل المثال، حذر "رابين" علنا من أنه إذا لم تكن هناك تدابير أخرى كافية، "ستأتي اللحظة التي نسير فيها نحو دمشق للإطاحة بالحكومة السورية"، وقد وجه "إشكول" تهديدات مماثلة.

وفي 5 يونيو/حزيران، هاجمت (إسرائيل) القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء، وكان لسوريا تحالف عسكري مع مصر يتطلب دعما متبادلا.

مع ذلك، كانت سوريا تأمل في أن تظل بعيدة عن الحرب، لذا فقد بقيت قواتها في مرتفعات الجولان في مواقع دفاعية، وقبلت في وقت مبكر من الحرب قرار الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار.

لكن هذا لم يمنع (إسرائيل) من اتخاذ قرار استغلال الفرصة للاستيلاء على مرتفعات الجولان، نتيجة لذلك، بعد أيام قليلة من هزيمة الجيش المصري، هاجم جيش الدفاع الإسرائيلي مرتفعات الجولان، وهزم المدافعين السوريين، وسيطر على المنطقة.

وبعد 6 أعوام، في حرب عام 1973، سعت مصر وسوريا إلى استعادة أراضيهما المفقودة بهجوم مفاجئ، لكنه محدود على القوات الإسرائيلية في سيناء ومرتفعات الجولان، ولم يكن كلا البلدان يريد حربا كبيرة مع (إسرائيل)، وبدلا من ذلك، سعوا إلى انسحاب إسرائيلي من الأراضي التي غزتها عام 1967 عن طريق التفاوض، عبر إظهار أن (إسرائيل) ستدفع ثمنا باهظا إذا استمرت في رفض ذلك.

وفي الأيام القليلة الأولى من الحرب، هزم الجيش السوري القوات الإسرائيلية الصغيرة في الجولان، وكان في وضع يسمح له بمواصلة تقدمه في شمال (إسرائيل)، ومع ذلك، بموجب أوامر صارمة من الرئيس السوري "حافظ الأسد"، أوقفت سوريا تقدمها قبل وقت طويل من وصول التعزيزات الإسرائيلية وقلب الوضع في الجولان.

وبعد نهاية حرب عام 1973، قرر "الأسد" أن سوريا لا تستطيع استعادة الجولان بالوسائل العسكرية، واضطر إلى الاعتماد على تسوية تفاوضية للصراع مع (إسرائيل).

وعلى أمل إقناع الحكومة الأمريكية بالتوسط في النزاع، أعلن دعمه لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242، الذي تم تبنيه بالإجماع بعد فترة وجيزة من حرب عام 1967، والذي دعا إلى انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة، ولكن فقط في سياق سياسة التسوية التي قبلت أن "لكل دولة في المنطقة الحق في العيش بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها خالية من التهديدات أو أعمال العنف".

نتيجة لذلك، منذ منتصف سبعينات القرن العشرين حتى عام 2011، التقى "حافظ الأسد"، ثم ابنه وخلفه "بشار"، سرا مع المفاوضين الإسرائيليين، عادة بمشاركة أمريكية نشطة، لمعرفة ما إذا كان يمكن التفاوض على صفقة لإعادة مرتفعات الجولان إلى سوريا في مقابل معاهدة سلام كاملة بين الدولتين.

وفي عدة مناسبات، كانت هذه الصفقة في متناول اليد، ولكن لم يتم التوصل إليها، ولم تكن سلسلة من رؤساء الوزراء الإسرائيليين على استعداد لتقديم تنازلات رمزية أساسية للسماح لسوريا بالعودة إلى مرتفعات الجولان الجنوبية، في موطئ قدم على بحيرة طبرية.

ولم يكن الأمن العسكري الإسرائيلي هو القضية، فقد أيد معظم جنرالات (إسرائيل) البارزين طوال هذه الفترة مثل هذه الصفقة مع سوريا، فلقد أدركوا الأهمية المتناقصة لـ"السيطرة على مرتفعات الجولان" في عصر الصواريخ، ويعتقدون أن إخراج سوريا من صفوف الدول العربية الرافضة للوجود الإسرائيلي سيعزز أمن (إسرائيل) بشكل كبير.

ومن الواضح أن الحرب الأهلية السورية، التي بدأت عام 2011، وكذلك تحالف "بشار الأسد" مع إيران، والتي تعتبرها (إسرائيل) اليوم أخطر عدو لها، قد أنهت، على الأقل حتى الآن، فرص التوصل إلى تسوية سلمية بين (إسرائيل) وسوريا.

وقبل ذلك، أدى التعنت الإسرائيلي، كما هو الحال في العديد من الحالات الأخرى، إلى ضياع فرصة للسلام مع خصم عربي كبير.

وهذا ليس مجرد تاريخ مضى؛ بل يمكن لقضية مرتفعات الجولان أن تثير مرة أخرى حربا بين سوريا و(إسرائيل).

المصدر | جيرومي سلاتر - لوب لوج

  كلمات مفتاحية