ماذا ينتظر الجزائر بعد استقالة بوتفليقة؟

الأربعاء 3 أبريل 2019 05:04 ص

أنهت استقالة الرئيس الجزائري "عبدالعزيز بوتفليقة" أطول رئاسة في شمال أفريقيا، لكنها في الوقت ذاته، تركت البلاد أمام مأزق سياسي، وسط مطالب من الشارع الجزائري بتغيرات جذرية، ومخاوف من محاولة الجيش البقاء في الواجهة السياسية مستغلا التجاذبات السياسية في ظل عدم وجود قيادة واضحة من شأنها المحافظة على حركة احتجاجية موحدة.  

بالإضافة لذلك، هناك تحديات وعقبات اقتصادية من المنتظر أن تواجه أي خليفة محتمل لـ"بوتفليقة" وتتمثل في ضرورة القضاء على الفساد، وتنويع الاقتصاد، وغيرها من الإجراءات الصعبة التي قد يحول عدم تنفيذها عن تحقيق أي تغيير ذي معني.

وفى محاولة للإجابة عن ماذا ينتظر الجزائر بعد استقالة "بوتفليقة"؟، أجاب مدير "مركز الدراسات والبحوث حول الوطن العربي والمتوسط" في جنيف "حسني لعبيدي"، قائلا إن رحيل "بوتفليقة" فتح المجال أمام لاعبَين هما الشعب والمؤسسة العسكرية التي دخلت في قطيعة مع القطب الرئاسي بعد سنوات طويلة من دعم الجيش لـ"بوتفليقة".

واعتبر "لعبيدي" في تصريحات لصحيفة "القدس العربي" أن استقالة "بوتفليقة" بمثابة انتصار أول (للجيش) لكنه ليس نهائيا، مؤكدا أن العملية الانتقالية السياسية هي التحدي الأكبر.

وأضاف أن الشارع الجزائري أصبح اللاعب الجديد على الساحة السياسية، وهو لن يتوقّف عند استقالة الرئيس، بل سيطالب بترجمة سياسية لهذه الاستقالة، مشيرا إلى أن الجيش يواجه خطر خسارة هيبته في حال ارتكب خطوات ناقصة خلال العملية الانتقالية.

وتابع: "لا نعلم الكثير عن نوايا الجيش فيما يتعلّق بإدارة البلاد في مرحلة ما بعد "بوتفليقة"، هل سيبقي على الحكومة الحالية، أم على طرح "بوتفليقة" عقد ندوة وطنية أم لديه خارطة طريق خاصة به؟".

بدورها، رأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن أي خليفة محتمل لـ"بوتفليقة" (عسكري أو مدني) سيواجه 4 تحديات أخرى بعضها اقتصادي والآخر سياسي، معتبرة أن عدم التغلب على تلك التحديات سوف يعرقل حدوث تغيير ذي مغزى.

وأوضحت المجلة أن التحدي الأول يكمن في الحالة غير المستقرة للاقتصاد، حيث يمثل النفط والغاز أكثر من 90% من صادرات البلاد، مشيرة إلى أن بيئة الأعمال لا تزال غير مشجعة في الجزائر.

وأشارت إلى أن شركة الطاقة الحكومية "سوناطراك"، عانت من أزمة شرعية؛ بسبب فضائح فساد متكررة، فيما أعرب صندوق النقد الدولي عن مخاوفه بشأن الاقتصاد الجزائري، مع تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية، وزيادة الدين العام، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الكفاءة في الاستثمار العام.

4 تحديات

ورأت "فورين بوليسي" أن القيام بإصلاحات اقتصادية يتطلب قيادة حازمة وهو أمر غير المرجح حاليا.

ويتمثل التحدي الثاني في صعوبة الحفاظ على حركة الاحتجاج موحدة في ظل فراغ السلطة، موضحة أنه كانت هناك مؤشرات لخلافات داخل الحركة حول خريطة طريق انتقالية مناسبة خلال الفترة الماضية.

أما التحدي الثالث، فهو افتقار الحركة الاحتجاجية أيضًا إلى قائد واضح، ورأت المجلة أن تصدع القيادة التقليدية ممثلة في حزب الرئيس والجماعات الموالية مثل النقابات العمالية، فضلاً عن الاضطرابات بين أحزاب المعارضة، توفر فرصة للجيش للوصول للسلطة.

التحدي الرابع، وهو مواصلة الجماعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي والجماعات التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية"، نشاطها بالقرب من الحدود الجزائرية، حيث إن عدم اليقين الذي يواجه دور القوات المسلحة في قيادة البلاد قد يشجع الجماعات المتطرفة.

غموض

صحيفة "نيويورك تايمز" رأت أن الشعب الجزائري لا يزال عالقا في بقايا بنية السلطة التي أقامها "بوتفليقة" رغم استقالته.

وتساءلت الصحيفة عما سيحدث بعد رحيل "بوتفليقة"، مجيبة أن لا أحد يعلم، فالجماهير تريد بداية جديدة لكنها لا تعلم إن كان الجيش سيمضي معها، أو سيتجاوز المتطلبات الدستورية التي تقضي بتعيين رئيس مجلس الشيوخ في البرلمان الجزائري رئيسا مؤقتا لحين تنظيم انتخابات رئاسية.

ونوهت الصحيفة الأمريكية إلى أن الجزائر لم تشهد الديمقراطية إلا في فترات متقطعة، وكانت الانتخابات الوحيدة التي عكست الإرادة الشعبية تلك التي نظمت عام 1991، وتدخل فيها الجيش وألغى جولة ثانية لها، ما أدخل البلاد في جحيم حرب أهلية استمرت 10 أعوام، وحصدت على أقل تقديرات أرواح 100 ألف شخص.

وذكرت أن قرار تنحي "بوتفليقة" لم يكن في النهاية هو قرار الشارع بقدر ما كان تحركا من الجيش، الذي اتهم قادته "عددا من الأشخاص" بإطالة الأزمة، وتحدث عن "حفنة من الأشخاص راكمت ثروات هائلة بطرق غير شرعية"، في تلميح واضح لرجال الأعمال، الذين كانوا يدورون في فلك "بوتفليقة".

وذكرت الصحيفة أن الجيش دعا إلى تفعيل بنود الدستور، الذي يعد "بوتفليقة" شخصا عاجزا عن الحكم، مشيرة إلى أن الوزير السابق والمعارض الآن "عبدالعزيز رحابي"، وصف "بوتفليقة" بأنه كان مثل "لاعب القمار الكذاب"، حيث حاول الحصول على ضمانات لنفسه وعائلته.

المصدر | الخليج الجديد+ متابعات

  كلمات مفتاحية