لوب لوج: اضطرابات الجزائر تزعزع الكتلة السعودية الإماراتية

الخميس 4 أبريل 2019 10:04 ص

في عام 2011، كان هناك الكثير من التفاؤل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأن ما يسمى بثورات الربيع العربي ستجعل المنطقة أكثر ديمقراطية.

ومع ذلك، على مدى الأعوام الـ8 الماضية، أصبحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر استبدادية.

وهذا العام، يؤمّن رئيس مصر رئاسته لتصبح مدى الحياة، بينما يشن السودان حملة على المتظاهرين، وأصبحت الملكيات الخليجية أكثر استبدادا، ويقبل العالم العربي بشكل أساسي عودة النظام السوري إلى الساحة الدبلوماسية الإقليمية.

وتوفر فكرة أن الربيع العربي قد "مات" شعورا بالراحة لقادة الخليج، الذين ارتجفوا رعبا من موجة النشاط الثوري السابقة.

ويصمم المسؤولون في الرياض وعواصم الخليج الأخرى على منع تكرار عام 2011، وكانت الحملة على المعارضين، الإسلاميين والعلمانيين على حد سواء، في هذه البلدان المعادية للثورة، منذ عام 2011، قاسية بشكل خاص.

لكن قادة الدول "المضادة للثورة"، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فعلوا أكثر من مجرد تشديد قبضتهم في الداخل.

وعلى حد تعبير "مارك لينش"، مارست هذه الكتلة المعادية للثورة الجهود في "المنطقة بأكملها في محاولة لمنع ربيع عربي آخر".

على سبيل المثال، قدمت الرياض وأبوظبي الدعم الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري لحكام "آل خليفة" البحرينيين عام 2011، وقاموا بتمويل الانقلاب المصري عام 2013، وقدموا الرعاية للجنرال الليبي "خليفة حفتر"، وحاصروا "الدولة الوحيدة المؤيدة للربيع العربي" في الخليج، وهي قطر.

ومع ذلك، تشير مظاهرات الشوارع في جميع أنحاء الجزائر والسودان في أواخر 2018 وأوائل 2019 إلى أن الربيع العربي لم يمت.

وتخشى القيادة في السعودية وغيرها من "الدول القائمة المؤيدة للوضع الراهن" في العالم العربي من أن ينتشر التغيير من القاعدة إلى القمة في الجزائر والسودان عبر الحدود الدولية.

ويقول "بروس ريدل" إن المسؤولين السعوديين الذين يراقبون الأحداث في الجزائر "يشعرون بالقلق من الآثار المترتبة على إزاحة زعيم مسن عاجز بشكل متزايد بسبب المظاهرات الشعبية، والمطالب بإقامة نظام سياسي أكثر انفتاحا، وكلاهما من العيوب التي يعاني منها النظام الملكي السعودي المطلق".

كما أظهرت الأصوات في الأردن ولبنان والمغرب وتونس أن "الشارع العربي يستعيد صوته" في عام 2019.

ومن المرجح أن القيادة في الرياض تأمل في أن تظل "الدولة العميقة" في الجزائر، متمثلة في الجيش الجزائري والأجهزة الأمنية ورجال الأعمال، مسيطرة على السلطة في البلد المغاربي.

ومثلما دعمت المملكة الجيش الجزائري عام 1992، بمساعدة مالية وبتشجيع "جورج بوش"، من المحتمل أن تحاول القيادة في الرياض مساعدة السلطات الجزائرية على الحفاظ على سيطرتها على البلاد، خاصة في أعقاب استقالة الرئيس الجزائري "عبدالعزيز بوتفليقة"، التي أعلن عنها مؤخرا.

لكن مع انخفاض أسعار النفط بشكل دائم، والحرب المكلفة في اليمن، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح، قد لا تملك الرياض أموالا كافية لمساعدة قادة الجزائر على الحفاظ على سلطتهم، خاصة مع الالتزامات المالية الرئيسية تجاه مصر والدول العربية الأخرى.

علاوة على ذلك، يعاني ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" من مشكلة في السمعة في الجزائر، وكان المتظاهرون قد تظاهروا ضد زيارته للبلاد العام الماضي، كما قام الرئيس الجزائري بتجاهله عبر إلغاء اجتماعهما، وليس من الواضح ما إذا كانت الرياض تستطيع إقناع إدارة "ترامب" بدعم الجيش الجزائري.

ويعد أسوأ سيناريو في الجزائر من وجهة نظر المملكة العربية السعودية أن ينتج نظاما سياسيا معاديا للوضع الراهن في الجزائر.

وتخشى الرياض من صعود الإسلاميين في الجزائر، على غرار مصر في الفترة 2011 /2012، لا سيما على خلفية الغضب في الشارع العربي الناجم عن الدفء المتزايد في علاقات الدول العربية بـ(إسرائيل).

وفي فبراير/شباط، هاجم "عبدالرزاق مقري"، رئيس الحزب الجزائري المتحالف مع جماعة الإخوان المسلمون، "حركة مجتمع السلم"، الرياض وأبوظبي بسبب دعمهما المزعوم لـ"صفقة القرن"، وقال إن "السعودية تستغل نفوذها وعلاقاتها لتنفيذ "صفقة القرن" وتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، في حين أن دولة الإمارات هي التي ترعى هذا المخطط لصالح دولة الاحتلال".

وفي سياق جيوسياسي أعظم، يشعر المسؤولون في الرياض وأبوظبي بالتوتر من أن تشكل العلاقات الودية للإسلاميين الجزائريين تجاه قطر وتركيا حقبة ما بعد "بوتفليقة" في البلاد، ما يزيد من إبعاد الجزائر عن نفوذ الكتلة السعودية الإماراتية.

وفي قمة جامعة الدول العربية، التي تم عقدها الشهر الماضي في تونس، كان هناك إجماع كبير في المناقشات حول الأزمة العميقة في الجزائر والسودان.

لكن عندما يتحدون معا لقمع إرادة مواطنيهم بشكل جماعي، بينما يتجاهلون الحاجة إلى إصلاحات قد تعالج المظالم الأساسية، لا تضع هذه الحكومات الاستبدادية الأسس لاستقرار طويل الأجل.

وإذا لم يتم تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، ولم يشعر الجمهور بالرضا عن الخدمات الحكومية، فسوف يتحول الغضب المدني حتما إلى مقاومة للسلطات، بغض النظر عن مدى الحكم القمعي.

وما سيحدث بعد ذلك في الجزائر، حيث يتجمع المواطنون العاديون ضد النخب العسكرية والتجارية والسياسية، سيكون مهما للغاية بالنسبة لمستقبل المنطقة.

وفي النهاية، يبدو أن معظم الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي قد تعلمت الدروس الخاطئة من أحداث 2011، وتعتقد الآن أن المزيد من القمع فقط هو الذي يمكنه تحقيق الاستقرار في الزوايا غير المستقرة في المنطقة.

وتعتمد النخبة الحاكمة في الجزائر مثل هذا التفكير على مسؤوليتها الخاصة.

المصدر | جورجيو كافييرو - لوب لوج

  كلمات مفتاحية